جميع منهجيات اللغة العربية لتلاميذ الثانية بكالوريا آداب و علوم إنسانية
منهجية الشعر الحديث
مقدمة:
ظاهرة الشعر الحديث هي دراسة نقدية تتبعت مسار تطور الشعر العربي والبحث في العوامل التي ساهمت في الانتقال من الاحياء والذات الى مرحلة التحرر من قيود التقليد,وذلك بالتركيز على المضمون والشكل,ومالحقتهم من تغيير وهذا المؤلف هو لصاحبه احمد المعداوي المجاطي,شاعر وناقد مغربي ولد سنة 1936 وتوفي سنة 1995,ويعتبر المعداوي من الرواد والمؤسسين الكبار للشعر الحر او المسمى بشعر التفعيلية. فماهو سياق هذا المؤلف داخل المؤلف؟ وماهي اهم خصائص التيار الشعري الذاتي عند جماعة الديوان؟ فما موقع المقطع ضمن فصول مؤلفه؟وماقضيته المركزية؟.
عرض:
يتحدد المقطع المقتطف ضمن الفصل(رقم الفصل) و يعالج فيه الكاتب الناقد أحمد المجاطي (مضمون الفصل:8أسطر على الأقل).
خاتمة:
اعتمد الناقد أحمد المعداوي المجاطي في مقاربة ظاهرة الشعر الحديت مناهجا تتكامل فيها حقول معرفية متعددة.نفسية’موضوعاتية’تاريخية.وهو ما أتاح له أن يتحرر من ظغط منهج واحد وأن ينفتح على عدةمقاربات في اطار ظاهرة الشعر الحديت
ظاهرة الشعر الحديث هي دراسة نقدية تتبعت مسار تطور الشعر العربي والبحث في العوامل التي ساهمت في الانتقال من الاحياء والذات الى مرحلة التحرر من قيود التقليد,وذلك بالتركيز على المضمون والشكل,ومالحقتهم من تغيير وهذا المؤلف هو لصاحبه احمد المعداوي المجاطي,شاعر وناقد مغربي ولد سنة 1936 وتوفي سنة 1995,ويعتبر المعداوي من الرواد والمؤسسين الكبار للشعر الحر او المسمى بشعر التفعيلية. فماهو سياق هذا المؤلف داخل المؤلف؟ وماهي اهم خصائص التيار الشعري الذاتي عند جماعة الديوان؟ فما موقع المقطع ضمن فصول مؤلفه؟وماقضيته المركزية؟.
عرض:
يتحدد المقطع المقتطف ضمن الفصل(رقم الفصل) و يعالج فيه الكاتب الناقد أحمد المجاطي (مضمون الفصل:8أسطر على الأقل).
خاتمة:
اعتمد الناقد أحمد المعداوي المجاطي في مقاربة ظاهرة الشعر الحديت مناهجا تتكامل فيها حقول معرفية متعددة.نفسية’موضوعاتية’تاريخية.وهو ما أتاح له أن يتحرر من ظغط منهج واحد وأن ينفتح على عدةمقاربات في اطار ظاهرة الشعر الحديت
منهجية اللص والكلاب
مقدمة:
جاءت رواية اللص والكلاب لتؤسس لمرحلة جديدة في تجربة’’نجيب محفوظ’’ تلك هي مرحلة الرمزية,فبعد توقف عن كتابة الرواية اثر الثورة الناصرية استأنف محفوظ ابداعه الروائي معبرا عن خيبة امل الشعب المصري في ماعقده من امال على هذه الثورة,وقد استلهم الرجل احداث روايته هذه من واقعة اجتماعية حقيقية
العرض:
وتندرج أحداث هذا المقطع ضمن (الاحداث الوسطى مثلا)في الرواية فبعد....... والتي يشير اليها هذا المقطع.
الخاتمة:
وهكذا يمكن القول,بأن رواية اللص والكلاب استطاعت فعلا ان ترمز من خلال احداثها وشخصياتها الى مظاهر الفساد التي ضربت بأطنابها في المجتمع المصري اثر الهزيمة الثورية التي جاءت لتقطع دابر الفساد ,فاذا بها تكرسه وتخيب امال شريحة اجتماعية كادحة.
جاءت رواية اللص والكلاب لتؤسس لمرحلة جديدة في تجربة’’نجيب محفوظ’’ تلك هي مرحلة الرمزية,فبعد توقف عن كتابة الرواية اثر الثورة الناصرية استأنف محفوظ ابداعه الروائي معبرا عن خيبة امل الشعب المصري في ماعقده من امال على هذه الثورة,وقد استلهم الرجل احداث روايته هذه من واقعة اجتماعية حقيقية
العرض:
وتندرج أحداث هذا المقطع ضمن (الاحداث الوسطى مثلا)في الرواية فبعد....... والتي يشير اليها هذا المقطع.
الخاتمة:
وهكذا يمكن القول,بأن رواية اللص والكلاب استطاعت فعلا ان ترمز من خلال احداثها وشخصياتها الى مظاهر الفساد التي ضربت بأطنابها في المجتمع المصري اثر الهزيمة الثورية التي جاءت لتقطع دابر الفساد ,فاذا بها تكرسه وتخيب امال شريحة اجتماعية كادحة.
ثانيا تحليل المؤلفات
ظاهرة الشعر الحديث .
الفصل الأول : التطور التدريجي في الشعر الحديث
المدخل : الشعر العربي بين التطور و التطور التدريجي
يبدأ الفصل الأول بتتبع التطور التدريجي في الشعر الحديث، ويبين من خلال المدخل الشروط اللازمة لتحقيق التطور والتي حصر أهمها في الاحتكاك الفكري بالثقافات والآداب الأجنبية وشرط التوفر على قدر من الحرية، حيث أن شرط الاحتكاك الفكري في الشعر العربي تحقق منذ العصر العباسي والأندلسي إلى العصر الحديث وانتهى إلى التخلص من التقليد والعودة إلى التجربة الذاتية.
في حين أن شرط الحرية في الشعر العربي ظل محدودا ،مما ضيق مجال التطور في الشعر العربي. وقد لخص أهم أسباب غياب الحرية في هيمنة علماء اللغة على النقد الأدبي، والتقيد بنهج القصيدة التقليدية. إلى أن جاءت نكبة فلسطين التي زعزعت الوجود العربي التقليدي ، وفسحت مجالا واسعا للحرية ،فظهرت حركتان تجديديتان في الشعر العربي الحديث: حركة اعتمدت التطور التدريجي في مواجهة الوجود العربي التقليدي، و حركة ظهرت بعد انهيار الوجود العربي التقليدي وكان التجديد عندها قويا وعنيفا يجمع بين التفتح على المفاهيم الشعرية الغربية ، والثورة على الأشكال الشعرية القديمة.
ليستنتج من هذه التحولات العوامل العامة التي كانت وراء بلورة حركة التجديد وحصرها في :
- عوامل تاريخية : وتتمثل في امتداد الرغبة في التطوير عبر العصور،و اتساع مجال التفتح على ثقافات الأمم الأخرى.
- عوامل فكرية : وتتمثل في التشبع بالمفاهيم الشعرية الغربية (كعامل مؤيد) . وهيمنة علماء اللغة على النقد العربي (عامل معارض) .
- عوامل سياسية : غياب الحرية فرض وثيرة التدرج في تطور الشعر العربي (عامل معارض). و نكبة فلسطين شجعت على التحرر والثورة (عامل مؤيد).
- عوامل اجتماعية : التشبث بالوجود العربي التقليدي المحافظ (عامل معارض). و انهيار عامل الثقة في الوجود العربي التقليدي (عامل مؤيد
القسـ 1 ـم : نحو مضمون داتي
لينتقل بعد ذلك في القسم الأول من الفصل الأول إلى البحث في العوامل التي أثمرت التجربة الذاتية و أولها انهيار تجربة البعث والإحياء ـ والتي كان لها الفضل في نفض رواسب عصور الانحطاط عن الشعر العربي ، وتوجه شعراء التيار الإحيائي نحو القصيدة العربية في أوج ازدهارها ونضجها ـ فكانت انطلاقة التيار الذاتي مع مدرسة الديوان وتبلورت مع الرابطة القلمية وجماعة أبولو، حيث أجمع شعراء جماعة الديوان على وحدة مفهوم الشعر "إن الشعر وجدان" وإن تباين مفهوم الوجدان بين العقاد و شكري والمازني : فالعقاد يرى الوجدان مزاجا بين الشعور والفكر ، وغلب الطابع الفكري على شعره - و شكري يرى الوجدان تأملا في أعماق الذات بأبعادها الشعورية واللاشعورية ، وأهمل العقل - في حين أن المازني يرى الوجدان تعبيرا عما تفيض به النفس من مشاعر، والمعاني جزء من النفس. و بذلك تكون مدرسة الديوان قد مهدت الطريق للإتجاه الرومانسي الذي بدأت تظهر بوادره مع تيار الرابطة القلمية التي كان عامل الهجرة والغربة ـ جسدا وروحا ولسانا ـ عاملا محفزا لنشأتها فوحد الذات الفردية لأدباء المهجر من خلال نظرتهم للكون والحياة وشجع على الهروب إلى الطبيعة والاعتماد على الخيال والاستسلام إلى حد القطيعة مع الحياة.
وقد امتد اشعاع هذا التيار إلى داخل الوطن العربي مع جماعة أبولو ، فأصبحت ذات الشاعر مصدرا للتجربة الشعرية وهيمنتها على موضوع القصيدة إلى حد الإفراط في الهروب إلى الطبيعة والإغراق في الذات و الإحساس بالحرمان والعجز ، إلا أن إغراق التجربة في اجترار نفس الموضوعات (الحب ،الملذات، الفشل) عجل بموت التيار الذاتي .
فجاءت نكبة فلسطين التي أخرجت الشاعر من قوقعة الذات إلى الحياة الجماعية، تحدوه الرغبة في الخروج من دائرة التخلف وبناء الذات بعدما تشبع بالمفاهيم الشعرية الغربية، و وعي الشاعر بمسؤوليته في المجتمع
القسـ 2 ـم : نحو شكل جديد
فجاء القسم الثاني من الفصل الأول ليحدد معالم هذا الشكل الجديد فكانت البداية مع مصالحة الشاعر لذاته ومجتمعه مع ما تطلبه ذلك من تحولات في القصيدة العربية سواء على مستوى اللغة ، وذلك بالانتقال من قوة ومتانة اللغة الإحيائية إلى لغة سهلة ميسرة دون ابتذال ، وقد كانت عند عباس محمود العقاد لغة الشعر عنده أقرب من لغة الحديث (ص:37 ) أما إيليا أبو ماضي فلغة الشعر عنده اتخذت شكلا نثريا محضا (ص: 38 ) ، أو على مستوى الصورة إذ أصبحت للصورة الشعرية وظيفة بيانية تخص التجربة ، بدل الوظيفة التزيينية التي تخص الذاكرة عند الإحيائيين (ص40ـ41 ).
وكان الاهتمام بالوحدة العضوية واضحا عند أنصار الشكل الجديد عبر الربط بين الأحاسيس والأفكار مما جعل القصيدة كائنا واحدا ( وحدة الفكرة ووحدة العاطفة وتسلسل الأفكار في إطار الموضوع الواحد ) وقد نتج عن الربط بين المضمون والشكل الفني ربط القافية والوزن بالأفكار والعواطف الجزئية. فتولد عن ذلك انسجام القافية مع عواطف الشاعر تتبدل بتبدلها (ص : 46) .
إلا أن هذا التوجه الجديد لقي مواجهة عنيفة تتمثل في رفض الخروج عن اللغة العربية الأصيلة والتشبث بالقافية العربية مما حد من وثيرة التجديد وجعله يتوقف عند المستوى الذي وصل إليه (ص:49) ، إضافة إلى عوامل داخلية عجلت بنهاية التجربة الذاتية : فعلى مستوى المضمون : نجد انحدار الشعراء إلى البكاء والأنين إلى حد الضعف ، أما على مستوى الشكل فيتمثل في الفشل في وضع مقومات خاصة بالتجربة الذاتية
الفصل الثاني : تجربة الغربة و الضياع
وقد جاء الفصل الثاني ليضع تجربة الشكل الجديد للشعر العربي تحت المجهر ويقرب لنا مواضيعه وتجاربه و فحصها من الداخل، والبداية كانت مع تجربة الغربة والضياع التي كانت عاملا من عوامل التحول ساهمت في ترسيخها نكبة فلسطين (1948) التي زعزعت الثقة بالموروث العربي القديم (ص:56) ، فاستغل الشاعر الفرصة للتحرر من سلطة الشعر التقليدي (ص:56) ، و انخرط في التخطيط والتدبير بدل التفرج والاجترار، و قد جعله تنوع مصادر ثقافته ـ بين العربية و الغربية ـ في مستوى الحدث والتطلع عبر مساهمته في إنتاج الفكر و المواقف (ص:59) ، معتمدا التاريخ والحضارة والأسطورة العالمية في التعبير عن هموم الإنسان العربي (ص:60).
فقوة التحول في الشعر الحديث كانت بحجم قوة النكبة (ص: 62)، وارتباط وثيرة التجديد في شكل القصيدة بتواصل النكبات ،حتى أصبح عدم التوقف عند شكل محدد علامة صحية تضمن استمرار التطور و التجديد، يضاف إلى ذلك تأثر الشاعر بأعمال بعض الشعراء الغربيين و ببعض الروائيين و المسرحيين الوجوديين ، فعرفت الغربة عدة مظاهر في تجربة الشعر الحديث :
-> الغربة في الكون : فقدان الأرض والهوية وما صاحبها من ذل وهوان .
-> الغربة في المدينة : مسخ المدينة وطمس هويتها مع الغزو الغربي عمق غربة الشاعر في وطنه .
-> الغربة في الحب : فشل التعايش وتحقيق السكينة حول الحب إلى عداوة قاتلة (ص:76) .
-> الغربة في الكلمة : عجز الكلمة عن احتواء أزمة الشاعر ومعاكستها لرغبته.
كما اعتمد الشاعر عدة آليات للتعبير عن هذه الغربة كتوظيف الرمز و الأسطورة بكثافة لاختزال تجربة الغربة و الضياع (ص:88) إلى حد إقرار الشاعر بحقيقة الموت : موت الأمة وموت الكلمة (ص:91) مع السعي إلى الخروج من الضياع نحو اليقظة و البعث
الفصل الثالث : تجربة الحياة و الموت
إلا أن التجاذب بين أمل البعث وخيبة الإخفاق، هيأ لدخول الشاعر في تجربة جديدة هي تجربة الموت والحياة نتتبع أطوارها مع الفصل الثالث حيث يتجاوز الشاعر مرحلة الغربة والضياع نحو الموت المفضي إلى البعث، فتم ربط نجاح تجربة الشاعر بمدى إيمانه بجدلية الموت والحياة ، واعتبار الشاعر الحقيقي هو من يواجه الموت بكل قواه كمعبر إلى الحياة، و اعتبر الشعراء أن تجربة الغربة مشدودة إلى الحاضر بينما تجربة الموت والحياة مشدودة إلى المستقبل . فتحول الشاعر إلى مصدر الحكمة والتوجيه والحياة المتجددة ، مع التركيز على الرمز والأسطورة بمختلف مصادرها لنقل تجربته .
||> فالشاعر علي أحمد سعيد (أدونيس) يرى أن التحول يمر عبر الحياة والموت و ربط الشاعر بالأمة، فالتجربة " التقت فيها ذات الشاعر بذات أمته العربية " ص 118 ، وقد اعتماد الشاعر أدونيس على أسطورة الفنيق و مهيار لتأكيد امكانية الموت والبعث .
||> أما الشاعر خليل حاوي فقد خاض معاناة الحياة و الموت عندما رفض التحول و أقام مقامه مبدأ المعاناة (معاناة الموت و معاناة البعث) إلا أن الشاعر يئس من البعث أمام التفسخ الذي يثمر الموت فاعتمد على أسطورة تموز للدلالة على الخراب والدمار، وإمكانية البعث مع العنقاء، ليقر بالبعث في النهاية ويحصره في الأجيال الجديدة وقد ربط الفشل في تحقيق البعث بتشبث الإنسان العربي بالتقاليد ، و تحقيق البعث مرهون بالقضاء على هذه التقاليد ص 144 . ويرى أن معاكسة الزمن لطموحه كان سببا في فشله ص 146 .
||> أما الشاعر بدر شاكر السياب فتبنى طبيعة الفداء في الموت ،ويرى أن الخلاص لا يكون إلا بالموت، فالموت شرط البعث ، و ربط بعث الأمة بموت الفرد و موت العدو لا يثمر بعثا.
||> بينما الشاعر عبد الوهاب البياتي فقد تأرجح بين جدلية الأمل واليأس ، فيرى أن جدلية الموت والحياة من شأنها أن تخلق الشاعر الثوري ص 170 . وقد مرت تجربة الشاعر بثلاث منحنيات ص 171 :
=> المنحنى الأول (منحنى الأمل) : انتصار ساحق للحياة على الموت . موت المناضل انتصار للحياة.
=> المنحنى الثاني (منحنى الانتظار) : التساوي بين الحياة والموت . يبدأ بخط الحياة وينتهي بخط الموت .
=> المنحنى الثالث (منحنى الشك) : انتصار الموت على الحياة . الشك في الحقائق والوقائع والبعث الزائف.
وينتهي الكاتب في خاتمة الفصل إلى استخلاص آثار التجربة على الشاعر العربي أهمها : اشتراك الشعراء في الإحساس بمعنى الحياة والموت ، و حلول ذات الشاعر في ذات الجماعة كموقف موحد، إلا أن عدم اهتمام المسؤولين بتنبؤات الشعراء كان وراء النكسة رغم قيام الشاعر بالمهام المنوطة به في كشف الواقع و استشراف المستقبل.
إضافة إلى أسباب أخرى ساهمت في عجز الشاعر عن التواصل مع الجمهور منها :
- عامل ديني قومي : الشك في التيار الشعري من أن يكون يحاول تشويه الشخصية الدينية القومية.
- عامل ثقافي : التشبث بالشعر القديم ورفض التجديد.
- عامل سياسي : خوف الحكام من المضامين الثورية ،ومحاربتهم الشعراء المحدثين.
- عامل تقني : الوسائل الفنية المستحدثة حالت بين الشاعر والمتلقي
الفصل الرابع : الشكل الجديد
وجاء الفصل اللرابع ليطرح الشكل الجديد المتمثل في الشعر الحديث الذي تجاوز التصوير إلى الكشف عن واقع الشاعر النفسي والاجتماعي والحضاري واستشراف المستقبل ، و ساهمت الوسائل الفنية في توضيح القيمة الفكرية ، ومدها بالقيم الجمالية حيث تحول الشاعر عن الوسائل التقليدية لعدم مناسبتها لحياته المتغيرة في مضمونها و إطارها ص196، وربط أدوات تعبيره و وسائله الفنية باللحظة التي يحياها في طبيعتها الخاصة وهو ما يبرر تقارب الشعر الحديث في الأسلوب وطريقة التعبير واستخدام الصور البيانية والرموز والأساطير . ( وحدة التجربة تفرض وحدة الوسائل ) ص 198، و ارتباط نمو الشكل بطبيعة التحول والتجربة .ولم تسلم لغة الشعر الحديث من رياح التطوير فتدرجت اللغة في التطور و في اتجاهات مختلفة حتى أصبح لكل شاعر لغته الخاصة ، فمنهم من فضل العبارة الفخمة والسبك المتين والمعجم التقليدي سيرا على نهج القدماء ( بدر شاكر السياب نموذجا )، ومنهم من انتقل إلى لغة الحديث اليومي كالشاعر أمل دنقل .
كما نجد من سعى إلى السمو باللغة إلى حد الإيحاء والغموض، و شحن اللغة العادية بمعاني ودلالات جديدة بتحويلها إلى رمز وربطها بعالم الشاعر وهو ما جعل السياق اللغوي ينبع من الذات ليعود إليها . أما بالنسبة للصورة الشعرية فقد عمد الشاعر الحديث إلى الحد من تسلط التراث على أخيلته وربطها بآفاق التجربة الذاتية و التخلص من الصورة الذاكرة إلى الصورة التجربة، فأصبحت تتوزع الصورة بين مدلولها لذاتها ومدلولها في علاقتها بالصور الأخرى ومدلولها في علاقتها بتجربة الشاعر. و تطور الأسس الموسيقية للشعر الحديث يمثل امتدادا طبيعيا لباقي التحولات السالفة ، حيث اعتمد الشاعر الحديث على الإيقاع التقليدي والتجديد في داخله مع إخضاع الموسيقى لتجربة الشاعر في تطورها وتنوعها فكان التغيير في أسس الموسيقى الشعرية يعتمد التدرج في التغيير من خلال الزحافات والعلل و تطعيم موسيقى البحر بالتنغيم الداخلي ،مع ربط طول السطر الشعري بالنسق الشعوري والفكري، و اقتصار الشعراء على بحور محدودة يتولد منها عدد جديد من التفعيلات ص 240 ، و خضوع القافية للمعاني الجزئية داخل القصيدة ، و تفتت نظام البيت جعل القافية تتعدد في أحرفها و تنوع بتنوع الأضرب ارتباطا بالجملة الشعرية .
وفي خاتمة الفصل ينفي الكاتب مسؤولية الحداثة على الغموض في الشعر الحديث ، وربط الغموض بعنصر المفاجأة في الشعر الحديث، فغموض الشعر يرجع إلى خروجه عن المألوف لكونه يقدم ما لا نتوقه وما لا نتوقعه وهو ما يؤكد الجهد الشاق في صدق التعبير المسؤول عن خفاء المعنى
المسار النقدي المعتمد في المؤلف
و المتتبع لفصول مؤلف ظاهرة الشعر الحديث يلمس عن قرب العناية الكبيرة والمركزة التي خص بها الكاتب مؤلفه ، ويتبين ذلك من خلال المسار النقدي المعتمد عبر الفصول ، إذ كانت البداية بتحديد موضوع الدراسة النقدية : ظاهرة التطور في الشعر العربي وخصها بتقديم نظري حول الشروط الواجب توفرها لتحقيق التطور ثم البحث في وضعية شروط التطور في الشعر العربي، وأخيرا النتيجة المحصلة استقاها ميدانيا من تجارب الشعراء مع كل مرحلة من مراحل التطور ، ورصد مستويات ومظاهر التطور في الشعر العربي.
و قد اعتمد المعداوي في هذه الدراسة على المنهج التكاملي الذي جمع فيه بين :
||> المنهج التاريخي : ربط الشعر العربي الحديث بنكبة 1948، و ما أفرزته من تحولات في الشعر العربي
||> المنهج الإجتماعي : إحالة الشاعر العربي على الواقع الإجتماعي.
||> المنهج النفسي : اشتراك الشعراء في الإحساس بالغربة و الضياع و بمعنى الحياة و الموت، و حلول ذات الشاعر في ذات الجماعة كموقف موحد، و الإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع.
||> المنهج الفني : دراسة الجانب الفني المشكل للقصيدة الحديثة انطلاقا من عناصرها الثلاثة : اللغة، الصورة الشعرية و الأسس الموسيقية، مع ربط الشكل بالمضمون كونهما يمثلان نسقا واحدا لا يمكن الفصل بينهما في فهم المعنى، حيث يقول أحمد المجاطي في الفصل الرابع : " وحدة التجربة تفرض وحدة الوسائل ".
||> المنهج البنيوي : استخراج خصوصيات التجربة من خلال إنتاج الشعراء و البحث في العناصر المتحكمة فيها اعتمادا على عينة خاصة من الشعراء دون احترام الأولوية
||> المنهج الموضوعاتي: التركيز على موضوع الغربة و الضياع ثم الحياة و الموت دون غيرهما من الموضوعات الأخرى
وضعية اللغة في المؤلف
فاللغة تسير على نفس النسق اللغوي التقريري بما أنها تعتمد على معطيات تاريخية في تتبع مسار تجربة الشعر الحديث : تاريخية سياسية و تاريخية فكرية و تاريخية فنية ، بينما الجانب الفني يبقى محصورا فيما يقدمه الكاتب من استشهادات شعرية يمكن تصنيفها في خانة التوثيق الذي يعطي للفصل الطابع التاريخي الرسمي تسيطر عليه ذاتية الناقد الذي يتحكم في توجيه عمله النقدي نحو أهداف محددة ،خاصة وأنه يركز على ثيمتي الغربة والضياع ثم الحياة والموت دون غيرهم من الموضوعات الأخرى
الأسلوب الحجاجي في المؤلف
إشتغل الناقد في هذا المؤلف على ثنائية متضادة من خلال أسلوب حجاجي يعتمد الأطروحة و نقيض الأطروحة ليبين كيف أن نقمة نكبة 1948 تحولت عند الشاعر العربي إلى نعمة جعلته يتخلص من سلطة الشعر التقليدي ، و يمارس حريته في الإبداع و التألق بعيدا عن التقليد ، والغربة ولدت الرغبة في البعث ،كما أن الموت اعتبر معبرا نحو الحياة، فكان التركيب هو الشكل الجديد الذي أصبح يميز تجربة الشعر الحديث.
أما الثنائية الثانية فتتمثل في ربط استمرار التطور والتجديد في الشعر الحديث بتوالي النكبات التي اعتبرها الناقد محفزا قويا يزيد من وثيرة التجديد عند الشاعر إلى حد اعتبار النكبات ظاهرة صحية بالنسبة للشاعر والجودة الشعرية
المدخل : الشعر العربي بين التطور و التطور التدريجي
يبدأ الفصل الأول بتتبع التطور التدريجي في الشعر الحديث، ويبين من خلال المدخل الشروط اللازمة لتحقيق التطور والتي حصر أهمها في الاحتكاك الفكري بالثقافات والآداب الأجنبية وشرط التوفر على قدر من الحرية، حيث أن شرط الاحتكاك الفكري في الشعر العربي تحقق منذ العصر العباسي والأندلسي إلى العصر الحديث وانتهى إلى التخلص من التقليد والعودة إلى التجربة الذاتية.
في حين أن شرط الحرية في الشعر العربي ظل محدودا ،مما ضيق مجال التطور في الشعر العربي. وقد لخص أهم أسباب غياب الحرية في هيمنة علماء اللغة على النقد الأدبي، والتقيد بنهج القصيدة التقليدية. إلى أن جاءت نكبة فلسطين التي زعزعت الوجود العربي التقليدي ، وفسحت مجالا واسعا للحرية ،فظهرت حركتان تجديديتان في الشعر العربي الحديث: حركة اعتمدت التطور التدريجي في مواجهة الوجود العربي التقليدي، و حركة ظهرت بعد انهيار الوجود العربي التقليدي وكان التجديد عندها قويا وعنيفا يجمع بين التفتح على المفاهيم الشعرية الغربية ، والثورة على الأشكال الشعرية القديمة.
ليستنتج من هذه التحولات العوامل العامة التي كانت وراء بلورة حركة التجديد وحصرها في :
- عوامل تاريخية : وتتمثل في امتداد الرغبة في التطوير عبر العصور،و اتساع مجال التفتح على ثقافات الأمم الأخرى.
- عوامل فكرية : وتتمثل في التشبع بالمفاهيم الشعرية الغربية (كعامل مؤيد) . وهيمنة علماء اللغة على النقد العربي (عامل معارض) .
- عوامل سياسية : غياب الحرية فرض وثيرة التدرج في تطور الشعر العربي (عامل معارض). و نكبة فلسطين شجعت على التحرر والثورة (عامل مؤيد).
- عوامل اجتماعية : التشبث بالوجود العربي التقليدي المحافظ (عامل معارض). و انهيار عامل الثقة في الوجود العربي التقليدي (عامل مؤيد
القسـ 1 ـم : نحو مضمون داتي
لينتقل بعد ذلك في القسم الأول من الفصل الأول إلى البحث في العوامل التي أثمرت التجربة الذاتية و أولها انهيار تجربة البعث والإحياء ـ والتي كان لها الفضل في نفض رواسب عصور الانحطاط عن الشعر العربي ، وتوجه شعراء التيار الإحيائي نحو القصيدة العربية في أوج ازدهارها ونضجها ـ فكانت انطلاقة التيار الذاتي مع مدرسة الديوان وتبلورت مع الرابطة القلمية وجماعة أبولو، حيث أجمع شعراء جماعة الديوان على وحدة مفهوم الشعر "إن الشعر وجدان" وإن تباين مفهوم الوجدان بين العقاد و شكري والمازني : فالعقاد يرى الوجدان مزاجا بين الشعور والفكر ، وغلب الطابع الفكري على شعره - و شكري يرى الوجدان تأملا في أعماق الذات بأبعادها الشعورية واللاشعورية ، وأهمل العقل - في حين أن المازني يرى الوجدان تعبيرا عما تفيض به النفس من مشاعر، والمعاني جزء من النفس. و بذلك تكون مدرسة الديوان قد مهدت الطريق للإتجاه الرومانسي الذي بدأت تظهر بوادره مع تيار الرابطة القلمية التي كان عامل الهجرة والغربة ـ جسدا وروحا ولسانا ـ عاملا محفزا لنشأتها فوحد الذات الفردية لأدباء المهجر من خلال نظرتهم للكون والحياة وشجع على الهروب إلى الطبيعة والاعتماد على الخيال والاستسلام إلى حد القطيعة مع الحياة.
وقد امتد اشعاع هذا التيار إلى داخل الوطن العربي مع جماعة أبولو ، فأصبحت ذات الشاعر مصدرا للتجربة الشعرية وهيمنتها على موضوع القصيدة إلى حد الإفراط في الهروب إلى الطبيعة والإغراق في الذات و الإحساس بالحرمان والعجز ، إلا أن إغراق التجربة في اجترار نفس الموضوعات (الحب ،الملذات، الفشل) عجل بموت التيار الذاتي .
فجاءت نكبة فلسطين التي أخرجت الشاعر من قوقعة الذات إلى الحياة الجماعية، تحدوه الرغبة في الخروج من دائرة التخلف وبناء الذات بعدما تشبع بالمفاهيم الشعرية الغربية، و وعي الشاعر بمسؤوليته في المجتمع
القسـ 2 ـم : نحو شكل جديد
فجاء القسم الثاني من الفصل الأول ليحدد معالم هذا الشكل الجديد فكانت البداية مع مصالحة الشاعر لذاته ومجتمعه مع ما تطلبه ذلك من تحولات في القصيدة العربية سواء على مستوى اللغة ، وذلك بالانتقال من قوة ومتانة اللغة الإحيائية إلى لغة سهلة ميسرة دون ابتذال ، وقد كانت عند عباس محمود العقاد لغة الشعر عنده أقرب من لغة الحديث (ص:37 ) أما إيليا أبو ماضي فلغة الشعر عنده اتخذت شكلا نثريا محضا (ص: 38 ) ، أو على مستوى الصورة إذ أصبحت للصورة الشعرية وظيفة بيانية تخص التجربة ، بدل الوظيفة التزيينية التي تخص الذاكرة عند الإحيائيين (ص40ـ41 ).
وكان الاهتمام بالوحدة العضوية واضحا عند أنصار الشكل الجديد عبر الربط بين الأحاسيس والأفكار مما جعل القصيدة كائنا واحدا ( وحدة الفكرة ووحدة العاطفة وتسلسل الأفكار في إطار الموضوع الواحد ) وقد نتج عن الربط بين المضمون والشكل الفني ربط القافية والوزن بالأفكار والعواطف الجزئية. فتولد عن ذلك انسجام القافية مع عواطف الشاعر تتبدل بتبدلها (ص : 46) .
إلا أن هذا التوجه الجديد لقي مواجهة عنيفة تتمثل في رفض الخروج عن اللغة العربية الأصيلة والتشبث بالقافية العربية مما حد من وثيرة التجديد وجعله يتوقف عند المستوى الذي وصل إليه (ص:49) ، إضافة إلى عوامل داخلية عجلت بنهاية التجربة الذاتية : فعلى مستوى المضمون : نجد انحدار الشعراء إلى البكاء والأنين إلى حد الضعف ، أما على مستوى الشكل فيتمثل في الفشل في وضع مقومات خاصة بالتجربة الذاتية
الفصل الثاني : تجربة الغربة و الضياع
وقد جاء الفصل الثاني ليضع تجربة الشكل الجديد للشعر العربي تحت المجهر ويقرب لنا مواضيعه وتجاربه و فحصها من الداخل، والبداية كانت مع تجربة الغربة والضياع التي كانت عاملا من عوامل التحول ساهمت في ترسيخها نكبة فلسطين (1948) التي زعزعت الثقة بالموروث العربي القديم (ص:56) ، فاستغل الشاعر الفرصة للتحرر من سلطة الشعر التقليدي (ص:56) ، و انخرط في التخطيط والتدبير بدل التفرج والاجترار، و قد جعله تنوع مصادر ثقافته ـ بين العربية و الغربية ـ في مستوى الحدث والتطلع عبر مساهمته في إنتاج الفكر و المواقف (ص:59) ، معتمدا التاريخ والحضارة والأسطورة العالمية في التعبير عن هموم الإنسان العربي (ص:60).
فقوة التحول في الشعر الحديث كانت بحجم قوة النكبة (ص: 62)، وارتباط وثيرة التجديد في شكل القصيدة بتواصل النكبات ،حتى أصبح عدم التوقف عند شكل محدد علامة صحية تضمن استمرار التطور و التجديد، يضاف إلى ذلك تأثر الشاعر بأعمال بعض الشعراء الغربيين و ببعض الروائيين و المسرحيين الوجوديين ، فعرفت الغربة عدة مظاهر في تجربة الشعر الحديث :
-> الغربة في الكون : فقدان الأرض والهوية وما صاحبها من ذل وهوان .
-> الغربة في المدينة : مسخ المدينة وطمس هويتها مع الغزو الغربي عمق غربة الشاعر في وطنه .
-> الغربة في الحب : فشل التعايش وتحقيق السكينة حول الحب إلى عداوة قاتلة (ص:76) .
-> الغربة في الكلمة : عجز الكلمة عن احتواء أزمة الشاعر ومعاكستها لرغبته.
كما اعتمد الشاعر عدة آليات للتعبير عن هذه الغربة كتوظيف الرمز و الأسطورة بكثافة لاختزال تجربة الغربة و الضياع (ص:88) إلى حد إقرار الشاعر بحقيقة الموت : موت الأمة وموت الكلمة (ص:91) مع السعي إلى الخروج من الضياع نحو اليقظة و البعث
الفصل الثالث : تجربة الحياة و الموت
إلا أن التجاذب بين أمل البعث وخيبة الإخفاق، هيأ لدخول الشاعر في تجربة جديدة هي تجربة الموت والحياة نتتبع أطوارها مع الفصل الثالث حيث يتجاوز الشاعر مرحلة الغربة والضياع نحو الموت المفضي إلى البعث، فتم ربط نجاح تجربة الشاعر بمدى إيمانه بجدلية الموت والحياة ، واعتبار الشاعر الحقيقي هو من يواجه الموت بكل قواه كمعبر إلى الحياة، و اعتبر الشعراء أن تجربة الغربة مشدودة إلى الحاضر بينما تجربة الموت والحياة مشدودة إلى المستقبل . فتحول الشاعر إلى مصدر الحكمة والتوجيه والحياة المتجددة ، مع التركيز على الرمز والأسطورة بمختلف مصادرها لنقل تجربته .
||> فالشاعر علي أحمد سعيد (أدونيس) يرى أن التحول يمر عبر الحياة والموت و ربط الشاعر بالأمة، فالتجربة " التقت فيها ذات الشاعر بذات أمته العربية " ص 118 ، وقد اعتماد الشاعر أدونيس على أسطورة الفنيق و مهيار لتأكيد امكانية الموت والبعث .
||> أما الشاعر خليل حاوي فقد خاض معاناة الحياة و الموت عندما رفض التحول و أقام مقامه مبدأ المعاناة (معاناة الموت و معاناة البعث) إلا أن الشاعر يئس من البعث أمام التفسخ الذي يثمر الموت فاعتمد على أسطورة تموز للدلالة على الخراب والدمار، وإمكانية البعث مع العنقاء، ليقر بالبعث في النهاية ويحصره في الأجيال الجديدة وقد ربط الفشل في تحقيق البعث بتشبث الإنسان العربي بالتقاليد ، و تحقيق البعث مرهون بالقضاء على هذه التقاليد ص 144 . ويرى أن معاكسة الزمن لطموحه كان سببا في فشله ص 146 .
||> أما الشاعر بدر شاكر السياب فتبنى طبيعة الفداء في الموت ،ويرى أن الخلاص لا يكون إلا بالموت، فالموت شرط البعث ، و ربط بعث الأمة بموت الفرد و موت العدو لا يثمر بعثا.
||> بينما الشاعر عبد الوهاب البياتي فقد تأرجح بين جدلية الأمل واليأس ، فيرى أن جدلية الموت والحياة من شأنها أن تخلق الشاعر الثوري ص 170 . وقد مرت تجربة الشاعر بثلاث منحنيات ص 171 :
=> المنحنى الأول (منحنى الأمل) : انتصار ساحق للحياة على الموت . موت المناضل انتصار للحياة.
=> المنحنى الثاني (منحنى الانتظار) : التساوي بين الحياة والموت . يبدأ بخط الحياة وينتهي بخط الموت .
=> المنحنى الثالث (منحنى الشك) : انتصار الموت على الحياة . الشك في الحقائق والوقائع والبعث الزائف.
وينتهي الكاتب في خاتمة الفصل إلى استخلاص آثار التجربة على الشاعر العربي أهمها : اشتراك الشعراء في الإحساس بمعنى الحياة والموت ، و حلول ذات الشاعر في ذات الجماعة كموقف موحد، إلا أن عدم اهتمام المسؤولين بتنبؤات الشعراء كان وراء النكسة رغم قيام الشاعر بالمهام المنوطة به في كشف الواقع و استشراف المستقبل.
إضافة إلى أسباب أخرى ساهمت في عجز الشاعر عن التواصل مع الجمهور منها :
- عامل ديني قومي : الشك في التيار الشعري من أن يكون يحاول تشويه الشخصية الدينية القومية.
- عامل ثقافي : التشبث بالشعر القديم ورفض التجديد.
- عامل سياسي : خوف الحكام من المضامين الثورية ،ومحاربتهم الشعراء المحدثين.
- عامل تقني : الوسائل الفنية المستحدثة حالت بين الشاعر والمتلقي
الفصل الرابع : الشكل الجديد
وجاء الفصل اللرابع ليطرح الشكل الجديد المتمثل في الشعر الحديث الذي تجاوز التصوير إلى الكشف عن واقع الشاعر النفسي والاجتماعي والحضاري واستشراف المستقبل ، و ساهمت الوسائل الفنية في توضيح القيمة الفكرية ، ومدها بالقيم الجمالية حيث تحول الشاعر عن الوسائل التقليدية لعدم مناسبتها لحياته المتغيرة في مضمونها و إطارها ص196، وربط أدوات تعبيره و وسائله الفنية باللحظة التي يحياها في طبيعتها الخاصة وهو ما يبرر تقارب الشعر الحديث في الأسلوب وطريقة التعبير واستخدام الصور البيانية والرموز والأساطير . ( وحدة التجربة تفرض وحدة الوسائل ) ص 198، و ارتباط نمو الشكل بطبيعة التحول والتجربة .ولم تسلم لغة الشعر الحديث من رياح التطوير فتدرجت اللغة في التطور و في اتجاهات مختلفة حتى أصبح لكل شاعر لغته الخاصة ، فمنهم من فضل العبارة الفخمة والسبك المتين والمعجم التقليدي سيرا على نهج القدماء ( بدر شاكر السياب نموذجا )، ومنهم من انتقل إلى لغة الحديث اليومي كالشاعر أمل دنقل .
كما نجد من سعى إلى السمو باللغة إلى حد الإيحاء والغموض، و شحن اللغة العادية بمعاني ودلالات جديدة بتحويلها إلى رمز وربطها بعالم الشاعر وهو ما جعل السياق اللغوي ينبع من الذات ليعود إليها . أما بالنسبة للصورة الشعرية فقد عمد الشاعر الحديث إلى الحد من تسلط التراث على أخيلته وربطها بآفاق التجربة الذاتية و التخلص من الصورة الذاكرة إلى الصورة التجربة، فأصبحت تتوزع الصورة بين مدلولها لذاتها ومدلولها في علاقتها بالصور الأخرى ومدلولها في علاقتها بتجربة الشاعر. و تطور الأسس الموسيقية للشعر الحديث يمثل امتدادا طبيعيا لباقي التحولات السالفة ، حيث اعتمد الشاعر الحديث على الإيقاع التقليدي والتجديد في داخله مع إخضاع الموسيقى لتجربة الشاعر في تطورها وتنوعها فكان التغيير في أسس الموسيقى الشعرية يعتمد التدرج في التغيير من خلال الزحافات والعلل و تطعيم موسيقى البحر بالتنغيم الداخلي ،مع ربط طول السطر الشعري بالنسق الشعوري والفكري، و اقتصار الشعراء على بحور محدودة يتولد منها عدد جديد من التفعيلات ص 240 ، و خضوع القافية للمعاني الجزئية داخل القصيدة ، و تفتت نظام البيت جعل القافية تتعدد في أحرفها و تنوع بتنوع الأضرب ارتباطا بالجملة الشعرية .
وفي خاتمة الفصل ينفي الكاتب مسؤولية الحداثة على الغموض في الشعر الحديث ، وربط الغموض بعنصر المفاجأة في الشعر الحديث، فغموض الشعر يرجع إلى خروجه عن المألوف لكونه يقدم ما لا نتوقه وما لا نتوقعه وهو ما يؤكد الجهد الشاق في صدق التعبير المسؤول عن خفاء المعنى
المسار النقدي المعتمد في المؤلف
و المتتبع لفصول مؤلف ظاهرة الشعر الحديث يلمس عن قرب العناية الكبيرة والمركزة التي خص بها الكاتب مؤلفه ، ويتبين ذلك من خلال المسار النقدي المعتمد عبر الفصول ، إذ كانت البداية بتحديد موضوع الدراسة النقدية : ظاهرة التطور في الشعر العربي وخصها بتقديم نظري حول الشروط الواجب توفرها لتحقيق التطور ثم البحث في وضعية شروط التطور في الشعر العربي، وأخيرا النتيجة المحصلة استقاها ميدانيا من تجارب الشعراء مع كل مرحلة من مراحل التطور ، ورصد مستويات ومظاهر التطور في الشعر العربي.
و قد اعتمد المعداوي في هذه الدراسة على المنهج التكاملي الذي جمع فيه بين :
||> المنهج التاريخي : ربط الشعر العربي الحديث بنكبة 1948، و ما أفرزته من تحولات في الشعر العربي
||> المنهج الإجتماعي : إحالة الشاعر العربي على الواقع الإجتماعي.
||> المنهج النفسي : اشتراك الشعراء في الإحساس بالغربة و الضياع و بمعنى الحياة و الموت، و حلول ذات الشاعر في ذات الجماعة كموقف موحد، و الإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع.
||> المنهج الفني : دراسة الجانب الفني المشكل للقصيدة الحديثة انطلاقا من عناصرها الثلاثة : اللغة، الصورة الشعرية و الأسس الموسيقية، مع ربط الشكل بالمضمون كونهما يمثلان نسقا واحدا لا يمكن الفصل بينهما في فهم المعنى، حيث يقول أحمد المجاطي في الفصل الرابع : " وحدة التجربة تفرض وحدة الوسائل ".
||> المنهج البنيوي : استخراج خصوصيات التجربة من خلال إنتاج الشعراء و البحث في العناصر المتحكمة فيها اعتمادا على عينة خاصة من الشعراء دون احترام الأولوية
||> المنهج الموضوعاتي: التركيز على موضوع الغربة و الضياع ثم الحياة و الموت دون غيرهما من الموضوعات الأخرى
وضعية اللغة في المؤلف
فاللغة تسير على نفس النسق اللغوي التقريري بما أنها تعتمد على معطيات تاريخية في تتبع مسار تجربة الشعر الحديث : تاريخية سياسية و تاريخية فكرية و تاريخية فنية ، بينما الجانب الفني يبقى محصورا فيما يقدمه الكاتب من استشهادات شعرية يمكن تصنيفها في خانة التوثيق الذي يعطي للفصل الطابع التاريخي الرسمي تسيطر عليه ذاتية الناقد الذي يتحكم في توجيه عمله النقدي نحو أهداف محددة ،خاصة وأنه يركز على ثيمتي الغربة والضياع ثم الحياة والموت دون غيرهم من الموضوعات الأخرى
الأسلوب الحجاجي في المؤلف
إشتغل الناقد في هذا المؤلف على ثنائية متضادة من خلال أسلوب حجاجي يعتمد الأطروحة و نقيض الأطروحة ليبين كيف أن نقمة نكبة 1948 تحولت عند الشاعر العربي إلى نعمة جعلته يتخلص من سلطة الشعر التقليدي ، و يمارس حريته في الإبداع و التألق بعيدا عن التقليد ، والغربة ولدت الرغبة في البعث ،كما أن الموت اعتبر معبرا نحو الحياة، فكان التركيب هو الشكل الجديد الذي أصبح يميز تجربة الشعر الحديث.
أما الثنائية الثانية فتتمثل في ربط استمرار التطور والتجديد في الشعر الحديث بتوالي النكبات التي اعتبرها الناقد محفزا قويا يزيد من وثيرة التجديد عند الشاعر إلى حد اعتبار النكبات ظاهرة صحية بالنسبة للشاعر والجودة الشعرية
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.