سؤال الإصلاح مازال قائما في المنظومة التربوية المغربية " التعليم الابتدائي ملمحا "

الإدارة فبراير 03, 2020 فبراير 03, 2020
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

سؤال الإصلاح مازال قائما في المنظومة التربوية المغربية" التعليم الابتدائي ملمحا "


عبد العزيز قريش*

عبد العزيز قريش*
            رغم الجهود الكبيرة التي بذلت ومازالت تبذل من أجل إصلاح المنظومة التربوية المغربية، فواقعها المعيش مازال يشهد مظاهر الخلل واستمراره؛ ما يزيد مشهدها تعقيدا، مما يبقي على سؤال الإصلاح مطروحا؛ حيث يفتح في وجه قضايا متعددة تعيق تطور هذه المنظومة وتحاصر نقاط القوة المفترضة فيها بكبسها في ثلاجة الجمود والضغط عليها حتى لا تتجلى في سيرورة التغيير والتطوير! ومن جملة تلك القضايا نجد:

1 ـ أطروحات وتصورات متجددة عن أصل تربوي تقليدي، اعتادته هذه المنظومة في القول التربوي منذ عقود، يكبح إرادات التغيير الحقيقية التي تستهدف القطع التام مع مصادر الخلل والعطب في المنظومة التربوية والتكوينية المغربية، والذي يظل يستورد المقولات التربوية الجاهزة دون أن يحكمها أو يجربها أوليا ولا يمنهجها وفق المعطى الوطني والذاتي، فيبقي على مواطن الخلل ومصادر الاعتلال قائمة في بنية المنظومة وفي وظيفتها؛ فتصير أطروحاته وتصوراته إلى قرارات وإجراءات خاطئة، ومعيقة لتجدد المنظومة التربوية. فمثلا: تأخير تدريس النظام التركيبي والصرفي والإملائي تصريحا للمتعلم إلى المستوى الرابع ابتدائي بدون تقديم دليل موضوعي أو علمي يبين صوابية هذا الطرح، ويعلن عن إيجابيته بالنسبة للمتعلم المغربي بالضبط؛ وبالتالي يطرح سؤال صوابيته ومصداقيته على المحك؟! وقس على ذلك التكوين الأساس لهيئة التدريس، الذي لم يعرف طفرة نوعية في العمق المهني تعصرنه وفق مستجدات الحقل التعليمي والتطورات الحاصلة في الحقول المعرفية المتعالقة معه بما فيه الحقل المعلوماتي والتكنولوجي لمسايرة أحدث النظريات في هذه الحقول. كما أن القوانين المؤسسة للنظام التعليمي المغربي والناظمة له مازالت في روحها كما هي، تضمن استمرارية العمق المركزي للعقلية الإدارية المتحكمة في دواليب النظام التعليمي بشكل صارم. فحتى هامش الحرية للفاعل التربوي لم يعد متسعا متوفرا في ظل التوجيهات والإرشادات والمرجعيات المتنوعة والمتعددة والتي تلزمه على الرجوع إليها في طرح مقترحات أو رفع توصيات أو اتخاذ قرارات. فالأصل التربوي التقليدي المغلق مازال يحيط بالمنظومة التربوية ويقوقعها على نفسها من خلال تفكير تربوي عمودي لا فروع له أفقيا، ينحو نحو التدبير الفردي دون الجماعي للشأن التعليمي والتربوي، وهذا الشأن يبقى تابعا بالمطلق للعقلية الإدارية في كل تفاصيله ومفاصله، مدعو/ مجبر على استشارتها في أحسن الأحوال، ويجري عليه ما تراه مناسبا لها...
            فالأصل التربوي التقليدي وهيآته الفاعلة المقررة، الظاهرة والمستترة لم تقطع معه بعد المنظومة التربوية المغربية بصفة نهائيا، لأنه يشكل ناظما لأذرعه المتنوعة التي تستديم الجمود والسكون والتكرار في المجال التربوي، وإرباك سبل تجدده بمقترحات كثيرا ما تحمل أسباب إخفاقها، وهي بذلك تتكامل مع معطيات ذاتية متنوعة تقف في وجه أي تصحيح أو تغيير حقيقي ما! فهو الأصل التربوي التقليدي الذي طغى على عدة مشاريع الإصلاح باستشارات مختلة أو عبر معلومات ملتبسة أو مغلوطة، أو عبر مزج خليط من المقترحات المتناقضة، ولعل الانتقال من مقترح إلى آخر، لم يستقر بعد أو إقباره لَدليل على تخبط هذا الأصل التربوي التقليدي، فعلى سبيل المثال لا الحصر: طمر عدة صيغ أو نماذج لـ " مشروع المؤسسة " وإحالتها على الرف في أحسن الأحوال، مؤشر عن استمرار عقلية هذا الأصل التربوي الجامدة، التي تنتقل من جديد إلى جديد دون تقويم أو اختبار أو دراسة تبين أسباب العدول عن الأول إلى الثاني، وهكذا مع كل جديد؛ فلا يجد له استقرارا يسمح باستكماله أو استنفاد وجوده. فعدم استقرار المنظومة التربوية المغربية على طرح واضح وشفاف وفاعل؛ سمة رئيسة لتعليمنا الذي يحاول أن يجد نفسه دون أن يجدها في ظل عقلية سكونية، ليس لها بعد استراتيجي في رؤيتها لما ينبغي أن يكون عليه تعليمنا وخريجوه، وما ملامح المستقبل الذي سيحتضنهم!؟ فهي جوهر الأصل التربوي التقليدي التي تدبر الحقل التعليمي تدبيرا آنيا صيانيا، يعطل وظيفته أكثر مما يفعلها تجاه رواده! وهنا؛ يمكن الإشارة إلى أن التحليل الناقد للكثير من التوجيهات والإرشادات التربوية المتضمنة في رسميات هذا الأصل، تحمل معوقات وظيفة النظام التعليمي كالاعتقاد بأن غاية النظام التربوي هو تخريج متعلم يقرأ ويكتب. وبأن مهنة التعليم بسيطة متاحة للكل على نفس القدر، وبأنها لا تحتاج سوى شهور أو سويعات من التدريب يصبح المتدرب مؤهلا لمزاولتها! وما أطروحات الأستاذ الكفيل والمرشد والأستاذ المصاحب والأستاذ القيدوم والمفتش المساعد والمفتش المكلف القادمة من تاريخ المنظومة... إلا ترقيع لفتق نسيج التعليم الذي مازال ساري المفعول مع عقلية هذا الأصل التربوي التقليدي، التي لم تجرأ على اتخاذ قرار حاسم وجريء في القطع مع تجربة الترقيع والصيانة والتلحيم. فالحقل التعليمي المغربي يتطلب الإبداع والتصنيع من الأساس. فمسار التسليك " نسبة إلى الترقيع بالسلك " في عصر المعرفة وصناعة العقول لم يعد مناسبا ولا سالكا في تدبير مجالات حيوية ومصيرية يقوم عليها مصائر ومستقبل الأمم. فإما أن نمتلك عقلية معرفية علمية جيدة وفعالة ومبدعة تضمن تقدم المورد البشري، وكذلك البلاد على مختلف مجالات الحياة؛ وإما سنكون متخلفين معاقين على مختلف مجالات الحياة، ومتأخرين في سلم الحضارة نشكل فقط سوقا للاستهلاك لما ينتجه الآخر، ونعيش أزمات اجتماعية واقتصادية وعلمية وبيئية وسياسية وثقافية ... حادة وخانقة وواسعة تؤدي بالنسيج الاجتماعي إلى التفكك والضمور. فالتعليم يجب إبعاد الهرم والجمود والتحجر عنه، وإشراع أبوابه أمام الكفاءات والطاقات الحية المتطورة المنفتحة والمبدعة والشابة، التي تتحدى الصعاب وتقتحم المجهول وتصنع المستقبل. فالجمود عمّر في منظومتنا التربوية عقودا عديدة وأحالها إلى جثة محنطة في المتحف الأركيولوجي التربوي. فالأصل التربوي التقليدي يقف أمامه العديد من التحدي، ولعل أهم تحدّ هو التطور المتسارع والهائل، الحاصل في تكنولوجيا الذكاء الرقمي والواقع الافتراضي، وكل ما يرتبط بالعلوم النانوميترية والسيبرنيتيك والبيونيك والروبوتيك... إلخ، فهل يؤهل رواد المؤسسة التعليمية لمواكبتها والإنتاج والخلق ضمنها أم سيقف خلفها لاهث الذهن واليدين؟ وهل يفكر بمصير فعله التعليمي والتربوي في عصر زرع الرقاقات الرقمية المبرمجة في الدماغ؟ ...
2 ـ مشاكل وإشكالات معرفية ومنهجية كانت فيما أنتج سابقا من مراجع مدرسية؛ وماتزال مستمرة فيما أنتج من مراجع مدرسية جديدة ـ فهي موضوع دراسة أشتغل عليها حاليا ـ تشكل معيقا معرفيا ومنهجيا لدى المتعلم بمفهوم الحاجز الذي لا يمكن تجاوزه، والذي يخلق الإحباط لديه. فهي تحاصر الدرس المدرسي عن الانطلاق إلى تأسيس مهارات التفكير عند المتعلم، وهي ليست نابعة من فعل المعرفة أو المنهجة ذاته، وإنما نابعة من عوامل خارجية متعلقة بالرؤية البيداغوجية للدرس المدرسي الابتدائي، وإلى النقل الديداكتيكي، وإلى مهارات المؤلف، وإلى البرمجة والهندسة التعليمية. التي تبسط فعل التعليم والتربية، وفعل البرمجة المدرسية، وفعل التأليف المدرسي، حتى أصبح قطاع التربية والتكوين يصب فيه نهر إخفاق السياسة العامة في تدبير الشأن العام؛ حيث هو القطاع الذي يفرج كرب المعطلين، ويحل مشكل الشغل في القطاع العام! على أساس التوظيف بالتعاقد الذي مفهومه يحمل تهديدا لمستقبل المتعاقد إن هو دخل في مجال النقد، ولم يبق في دائرة التنفيذ الصارم للأوامر ولو كانت شفوية. وقد شهد الواقع محاولة طرد متعاقدين من القطاع نتيجة ملفات هشة.
            فالقواعد اللغوية مثلا مازالت هي هي، كما كانت، تقليدية لا تساير المتغيرات ولا التطورات الحاصلة في النظريات اللغوية واللسانية المعاصرة، ومازال المتعلم يقف عند أمثلتها بنفس المنهجية السابقة وباستنتاجات شبيهة بالتي اعتادها سابقوه في الدراسة رغم وجود منهجيات متطورة في هذا الشأن.  فالكتاب المدرسي لا يوظف استراتيجيات ماوراء المعرفة في إكساب المتعلم المعرفة، والتي تمكنه ـ أي المتعلم ـ من المعرفة والوعي والتحكم، وبالتالي تُقْدره على الإدارة الذاتية للمعرفة مقابل التقويم الذاتي لها. ولا  تجعل المتعلم يوظف أنواع التفكير حتى يتمكن من التفكير العلمي فيصير إلى الاستنتاج العام للقاعدة بتوظيف الأسلوب العلمي والموضوعي في استخلاص القوانين العامة الحاكمة لنظم الكلام، والمتحكمة في اللسان العربي. ولا تخلق لديه التفكير النقدي الذي يسمح له بالحكم على المعرفة بصوابها أو عدمه، وبصدقها من كذبها، وتوفر له الكفاءة العلمية للتمييز بين الظاهرة العلمية والظاهرة الإنشائية اللغوية، وبين الحقيقة والخيال، وبين الشكل والمضمون ... فالكتاب المدرسي يقدم المعرفة من وجهة نظر واحدة وعلى مستوى واحد في الأغلب العام. وليكن مثالنا النحو العربي؛ فهو يقدمه من خلال منطوق المنطق الأرسطي ولا يقدمه من خارج هذا المنطق، وبذلك ظهرت صعوبة النحو وتعقد مسائله بعدما تأثر بشكل كبير علماؤه بفلاسفة اليونان وبالمنطق الأرسطي. ودائما يبقى هذا القول داخل إطار اللسانيات التطبيقية وفي دائرة النحو التعليمي، وفي سياق تعليمية النحو، وليس في إطار النحو النظري، وإن كان هذا سيغني الإطار الأول ويرفده بروافد تزوده/تثريه بموارد نحوية نظرية متعددة تساهم في بناء نظام التركيب العربي عند المتعلم، الذي سيكتسب معه الحس النقدي والإبداعي، والمعارف اللسانية الضرورية، التي تؤهله للتعاطي مع النظام اللغوي العربي وتوظيفه في التعلمات والمعارف في الحقول المعرفية المدرسة. بل وتؤهله للقيام بمهامه التعلمية على أحسن وأكمل وجه كما ونوعا.
            فالكتاب المدرسي مازال يغرق في العديد من المشاكل والإشكاليات التي تحد من فعاليته كأداة تعليمية، وكرؤية مستقبلية للكائن الإنساني وللكائن الحضاري، وكبناء معرفي ومنهجي للعقل المغربي للاندماج في المنتج العلمي للإنسانية عامة من حيث كونية العملية المعرفية والعلمية للحضور الإنساني الكوني. فالكتاب المدرسي مازال يطرح عقبات كأداء أمام تعلم المتعلم، يقف إزاءها عاجزا عن تجاوزها لعدم كفاية قدراته التعلمية على مقاربتها لأنها في الأغلب تكون خفية وغير واضحة وملتبسة في السياق التعليمي والتعلمي للحقل المعرفي المدرسي المدرس، ونتيجة اختلاف طبيعة المتعلمين من مناح متعددة ومتنوعة من قبيل: التجربة، والخبرة، والقدرة اللغوية، والبيئة الفكرية والثقافية واللغوية والاجتماعية، والأهداف التعلمية، والاستعداد السيكولوجي، الدوافع والحوافز، والسلوك والأداء، والاحتياجات والحاجات والإمكانات والإمكانيات ... ولعل الكثير من المتعلمين قد يجيدون قواعد اللغة العربية ولكنهم لا يحسنون تطبيقها دليل على هذه الصعوبات التي تلبس الكتاب المدرسي. ومن هنا لا نجد الكتاب المدرسي فتح دفتيه على جديد الطرق، والعرض والغايات والأهداف والتنظيم، والنوع والكم، وعلى التطور وعلى الإبداع. فهو يتراوح ما بين تغييرات طفيفة على مستوى المحتوى، وأخرى على مستوى الشكل. أما في العمق فهو نسخ متداولة عما كان في زمن الكتاب الوحيد والواحد.
3 ـ نظام تعليمي عمودي في أغلب نظمه المؤسسة والناظمة، لا أفقي ولا شجري. مما يجعل المؤسسة التعليمية ساكنة جامدة غير فاعلة في الحقل التعليمي على مستوى المنتج البشري، والمنتج العلمي، ومنتج البحث العلمي، وحتى على مستوى التواصل الداخلي والخارجي للمؤسسة. فهذا النظام لا يؤسس للفكر الجمعي، ولا للاشتغال الجمعي، ولا للثقافة الجمعية... فهو يؤمن بالفرد كقدرة، مكتفية ذاتيا خارقة ومؤهلة لمقاربة جميع المواضيع بنفس الكفاءة والأداء، وتحصيل النتائج المهمة. فهو بطبيعة هذا الإيمان يكلس الإرادات في طبقة معينة من حفريات تربة التربية والتعليم بمركزة القرارات في مرافق إدارية معينة، تعمل هيئات مهنية لتنفيذها دون مراعاة رأيها أو ملاحظاتها بمنطق سيادة الإدارة التربوية على النظام التعليمي وتدبيره إداريا لا تربويا، والفرق كبير بين التفكير الإداري والتفكير التربوي لاختلاف المجالين رغم وجود بعض التقاطعات فيما يخص الشأن التعليمي كمؤسسة رسمية.
            فالنظام التعليمي يحتاج مزيدا من القوانين والتشريعات التي تسمح باستقلالية المؤسسات التعليمية، وبهامش كبير من الحرية لهيئة التدريس وللمتعلمين والمتعلمات في التعليم والتعلم من حيث المحتوى والمنهج والأهداف والحاجيات والمتطلبات والشروط. وتسمح بالتخلص من هاجس الخوف من السلطة التي تشبع بها النظام التعليمي عبر كل الإصلاحات التي مر بها، والتخلص من عقلية الأوامر المحمولة في بنية التشريعات والقوانين الجاري بها العمل في منظومتنا التربوية والتكوينية نحو عقلية منفتحة على الحوار والتشاور والتكامل والتعاون والتنسيق، وإبداء الرأي بكل حرية واحترامه مهما كان الاختلاف معه، ومنفتحة على التفكير الجماعي في قضايا التربية والتكوين. أي الانتقال إلى عقلية الفريق بما تكتنفه من إعلاء ثقافة " النحن " بدل  ثقافة " الأنا ". فنظامنا التربوي مازال بحاجة إلى ضخ حقن متعددة المحتوى في جسمه من أجل إعادة بنائه من جديد قصد تطويره لمسايرة التطورات العالمية والوطنية التي يمر منها المجتمع المغربي. أما ما يكتنزه الآن من جرعات قديمة فقد انتهى مفعولها وانتهت صلاحيتها، وما عادت تقدر على شفاء الأورام القائمة في هذا الجسم المنهك أصلا. وأن يعدل عن مبدإ الاستنجاد في الاصلاح بالاستيراد الخارجي لتجارب الآخرين دون هضمها وملاءمتها مع المعطى المحلي بشكل منطقي وموضوعي، فلن يجدي ذلك نفعا، وقد يكون من الأفيد الاستئناس بها في الإصلاح واستنباط الملائم منها لخصوصية واقعنا التربوي التعليمي. ولنا في سابق إصلاحاتنا الدليل على ضعف جدوى ذلك لاختلاف المعطيات بين المصدر وموقع التوطين.
4 ـ المورد البشري تكوينه المهني هش كما التقني والفني، بالمفهوم المشرقي الذي لا تتعدى مهامه مهمة التنفيذ والإنجاز في إطار البناء أو الصيانة، دون الوعي بقيمة المورد البشري في الفعل بكل أبعاده ومستوياته ووجوهه. وهنا، الصراحة تؤلم وتستفز المشاعر بما يغشي العقل العاقل المتعقل، فتنبري العواطف والتفكير العاطفي بالمفهوم السلبي للرد على معطيات الواقع المعيش. ذلك؛ أن المورد البشري، ودون تعميم، يطغى عليه:
ـ الخوف من تحمل المسؤولية، ومن المبادرة، ومن اقتحام المجهول؛
ـ الميل للسكون والعادة والتقليد؛
ـ الجمود في القائم من الكائن التعليمي؛
ـ غياب الحس النقدي لأدائه الصفي؛
ـ التقوقع حول الذات وما تتطلبه هذه الذات من مصالح ومطالب ومتطلبات؛
ـ غياب الجرأة في مواجهة الوقائع مهما كانت النتائج والعواقب، ومهما كان نوع وكم التهديد والتوعد والوعيد؛
ـ غياب الرؤية الاستراتيجية في التعاطي مع الشأن التعليمي؛
ـ غياب ثقافة البحث واستدامة التكوين الذاتي في التجربة الشخصية للمورد البشري؛     
ـ هيمنة ثقافة النظري والكمي على الحقل التعليمي؛ بما يفيد طغيان البعد النظري والكم الهائل من المعلومات في واقع هذا الحقل، وفي خطابه حيث يغيب عنه البعد التطبيقي والإجرائي والعملاني والكم النوعي في التعاطي مع الفعل التربوي والتكويني، ومع الممارسة الصفية؛
ـ هيمنة ثقافة الخطاب وقلة الفعل؛
ـ ...
            فهذا المورد البشري ببنيته هذه لم يأت من فراغ؛  إذ هو نتاج نظام تعليمي مختل القواعد أدى إلى هذه النتائج، لكن يبقى للمسؤولية الفردية والجماعية في تغييرها نصيب. فالتغيير مسؤولية الجميع: مؤسسة رسمية، وأفراد وجماعات، ومؤسسة مدنية ... ولن ينهض بهذا التعليم سوى نسائه ورجاله ومفكريه ومثقفيه والغيارى عليه. وليكونوا على مستوى المسؤولية ولا يأخذهم الاندفاع والحماس حيث التسرع يؤدي إلى أخطاء تقوض النتائج. مما يوجب على الجميع الوعي بمنزلق الاندفاع والحماس المفرط في إعاقة سيرورة النظام التعليمي. 
ومن هذه المعطيات وغيرها التي تشكل كوابح الإصلاح؛ هل ينتفي سؤال الإصلاح عن المنظومة التربوية والتكوينية المغربية أم يظل قائما مع كل إصلاح؟ فهل يمكن القطع بالمطلق، مع هذا السؤال، والانتقال إلى منظومة تربوية ومهنية فعالة وجيدة، تحتاج فقط إلى فتح دفاترها على البحث العلمي من أجل استيعاب مستجدات العلوم ومنتجاتها النظرية والعملية، لأجل مسايرة التطور العلمي والحضاري العالمي؟ وطرح الأسئلة الجوهرية الصعبة والملحة في عالم متغير متجدد متسارع؟ ...
* باحث في علوم التربية

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    http://www.profpress.net/?m=0