رمضان.... جبر للخواطر المنكسرة
( ترجيست )
عم الوباء كل الأرجاء فانكسرت الخواطر و أحس الإنسان أن حياته قد زاغ بها المسير وحادت عن ديدن العادة والمألوف... فغدت دائرة نشاطه تتقلص وفؤاده صار يعروه الانقباض والوجوم... حتى ثقلت عليه حالته المستجدة فصار في وضع لايحتمله إلا قهرا يتأفف منه و يستشيط غضبا ...فتراه مقطب الجبين ، محياه قد غادرته بسمته اللطيفة
وحنانه المعهود وإشراقته الدائمة.
وها قد هبت نسائم الرحمات وأطلت أنوار الفرج بكل البيوت والأرجاء لتمحو غربة الروح وتبسط ومضاتها
على الأفئدة والنهى ، فبملء الشواجن نقف على الأعتاب ، ملتمسين كشف الغمة وزوال غشاوة القلوب ، وإلى خزائن فضل الله بالدعاء نؤوب، سالكين دروب الصالحين ومن سبقنا إلى أنوار الحق واليقين.. نجدد العهد مع الله ، لنحمل النفوس على الطاعة والخضوع ، فماخاب قط من سار بدروب السلام وبذل سعيه الدؤوب لبلوغ المقام وتحصيل المرام.
رمضان الكريم يطل بأنواره الساطعه ليكشف ماران على النفوس وخيم على الخواطر من أدران الزمن المقيتة ، رمضان طهرة للأبدان والأرواح ومجلبة للمسرات والأفراح وفسحة للنفوس لتسبح في ملكوت الله فتنعم في أمنه ورضاه... الآذان سيرتفع فوق المآذن وتتوق القلوب لمعانقة بيوت الله وأجواء الصلاة والتراويح والتضرع إلى الله ، فتحرقها نيران الشوق حتى يصير دمع المآقي مهراقا ، وتستحضر لحظات الوصال بالصفوف المستوية والأجواء الروحانية وجمال اللحظة وسط حشود المتعبدين المبتهلين ، وليس يجديها سوى أن ترزخ لقضاء الرحمن وتخلص الدعاء ليزول البلاء وتنجلي أنوار السعادة والكرم الرباني في كل الأرجاء ...
فليس للإنسان سوى أن يأنس بالصلاة وتلاوة كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار، ويحرص على قرآن الفجر المشهود ، فالأنس طبيعة النفس وراحة الروح، ومتى سلب الإنسان من يأنس به يحس بالوحشة والاغتراب .ثم يجعل له في فيافي العمر واحات يستريح فيها من وعثاء الحياة وينعم في ظلالها من المعاصي الحارقة وذنوب النفس الأمارة بالسوء. ويكثر من الصدقات وأعمال الطاعات قربانا إلى الله ويشد مئزره ويوقظ أهله... فرمضان فرصة لإيقاظ الهمم وتقوية الاعتصام بحبل الله والاقتباس من نوره ومشكاة اليقين ... والأوبة من زيغ النفس إلى رحاب التوبة والغفران .. والحرص على جبر الخواطر المنكسرة .
سنعتصم بباب الله حرصا على رضاه ، وسندعوه في خلواتنا حتى تنجلي سحب الوباء المخيمة على كل مكان و تزول كل الضنون فتستعيد الأرواح بريقها ،وتنكشف الغمة وتلوح أنوار الفرح والمسرات في الأفق ويكون قدرنا بإذن الله أن تتآلف قلوبنا ليلة القدر ببيوت الرحمن ، فنقف في صفوف مرصوصة توحدها محبة القلوب والألفة قبل المناكب والأقدام ... وليس يعز على الله أمر وهو الخالق الديان .. يبسط رحمته كما يشاء بين عباده .. فإياه نسأل زوال غربة الأرواح وقبول العمل
وجبر الخواطر .
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.