الإدارة من زاوية أخرى؟؟
ذ:جــــواد مطــعي
متصرف تربوي
18/4/ 2020
منذ زمن ليس بالقريب ,’’ انتقل مفهوم الإدارةadministration
من الأسلوب الذي يعتمد على الرئاسة و التسيير الفردي إلى مفهوم آخر جديد Management[1]يتبنى
القيادة الجماعية و التدبير التشاركي gestion participative بحيث
يخول قسط كبير من سلطة القرار للمؤسسة نفسها عبر مختلف مجالسها ,وفق مقاربة
تشاركية غير متمركزة .
على هذا الأساس فإن المدبر الذي ينهج الأسلوب الأحادي لعدم تبصره أو
لفكره التقليدي أو سوء مناخه العقلي و يعتقد أنه سيتحكم في كل شيء , فهو في
الحقيقة لا يقوم بأي شيء على الوجه المطلوب ,بل أن الأمر قد ينفلت و في أي لحظة من
قبضته بل و قد يرتد عليه .
لقد ظهرت مجموعة من المقاربات الحديثة التي حاولت التنظير لمفهوم التدبير,بهدف
تطوير الأداء الإداري و ضمان الفعالية و النجاعة ,كالتدبير بالمشاريع
و التدبير بالأهداف و التدبير بالنتائج وغيرها...لكن ما أروم تسليط الضوء عليه هنا
هو مقاربة أخرى تكاد تكون منسية أو مبخسة
,رغم الإعتراف بها أكاديميا, إنها الإدارة بالحب .
فمن بين الرواد الأوائل الذين تناولوا هذه المقاربة نجد كاثلين
سانفورد katleen Sanfordمن خلال مؤلفها القيادة
بالحب*,
إذ تعتقد هذه الأخيرة أن فشل المقاربات الأخرى لا يكمن بالأساس في مناهجها أو عدم
مصداقيتها ,بل في البرمجة الذهنية لقادتها و افتقارهم للحب ,تلك العاطفة النبيلة …
تشبه سانفورد هذا النوع من القيادة بالأم التي تفيض بمشاعر الدفئ و
العاطفة ,إذ لا تبخل على أبنائها بالعطاء و التكوين المستمر و تقاسم المعارف و
الخبرات قصد تنمية كفاياتهم ,كما تعمل على تفويض السلط و المشاركة في اتخاد القرار
بهدف إعداد قيادات جديدة للمستقبل ...
إنه ذلك الحب الذي لا ينتظر مقابلا ,فهو غير منتهي و لا مشروط ,ومن
جهة أخرى فهي قد لا تتردد في معاقبة أبنائها حفاظا على مصلحتهم. إنه خليط من من
الحب و الجد و الحزم.
إن نجاح العظماء الذين بصموا التاريخ , لم يكن مقرونا بشهادات جامعية
أو تكوينات أكاديمية بقدر ما كان مرتبطا بحب وولاء أتباعهم لهم .
هذه الفكرة لا تعني أن المدبر ملزم بدعوة الموظفين للإستماع لقطعة
موسيقية أو فيلم رومانسي ,بل المقصود هو تثمين الجانب الإنساني في التعامل معهم و عدم تشييئهم ’ مع اعتماد روح القانون و المرونة بهدف حفزهم ومنه رفع المردودية و مستوى الأداء و
الجودة .
فرغم اختلاف الإديولوجيات و التلوينات النقابية , فالمؤسسة التربوية
ليست حلبة للصراعات المعلنة و الخفية ,بقدر ماهي مجال لنسج علاقات ودية وتمرير
رسائل نبيلة و ’’تنشئة تلميذ اليوم و
مواطن الغد تنشئة اجتماعية سليمة ليكون فاعلا في خدمة نفسه و أسرته و
مجتمعه و وطنه و الإنسانية بأسرها[2]...
فمن يبتغي إدارة مؤسسته بالحب يجب عليه حب نفسه أولا عبر تطويرها و
الإرتقاء بها و أن يكون حريصا كل الحرص على إرضاء الموظفين و المرتفقين و احترامهم
و مساعدتهم و تقديم أجود الخدمات بعيدا عن كل طمع أو استغلال ..
فالأجمل هو أن يترك أثرا طيبا
في القلوب يكون إرثا ممتدا عبر الحياة و الأزمان ...
[1] دليل
الحياة المدرسية ;غشت
2008 ;ص 85
* Leading with love- kathleen
sanford-vashon fransisco- june1998-page 242
[2] أساليب
تدريس التربية الاجتماعية و الوطنية ;عطية عودة أبو سرحان ;دار
الخليج ; ص 27
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.