في معارج الروح ..
( ترجيست )
يطل رمضان بهيبته وأنواره الربانية فتركب الأرواح كما الأجساد في سفين الإيمان وترتع النفوس في ظلال القرآن والأجواء الروحانية المفعمة بعبق الطاعات وصفاء السرائر...
يزول عن النفس فتورها المعهود وتتحرر القلوب من غشاوة التواني والتسويف لتشمر عن ساعد العمل وهي تنشد التقرب إلى الله سارحة في رياض الإيمان ومنازل الإحسان ... مغتنمة لحظات هذا الكرم الرباني في شهر الفضائل ومنزلة الخيرات. فرمضان مدرسة للتحرر من سلطان النفس الأمارة بالسوء وكبح جماحها وتقويم مااعوج منها في المسير الى الله والالتحاق بقوافل التائبين وزمر الأوابين .
أليس في الصيام تهذيب وتطويع للنفوس؟ أليس رمضان محطة للارتقاء بالذات الإنسانية إلى مدارج الصالحين واقتفاء أثر العاملين الذين أدركوا جلال معاني الصيام فسعوا لها سعيا ؟ .. فكم من نفس غرها سراب الدنيا فحملتها رياحها الهوجاء وبددتها بين المشاغل والطرقات .. فلم ترأف بها ولم تأبه لصخبها وثغائها وقد قررت أن ترتمي في حضنها ...
رمضان قد عاودك أيها الإنسان ، فاجعله لك اختبارا و دربة على الصبر للتخلص من حملك الذي تنوء به والإصر الذي يثقل كواهلك فترزخ صاغرا لملذات النفس وشهوات الدنيا... انتصر على آلامك القديمة ودع بشارة الصلاح تعلو محياك ، ورفقا بك من نفسك التي لا تتوانى في الإيقاع بك وتذويبك في أتونها ... أدرك نفسك فالعمر ينصرم منك ، قبل أفول شمس الأوبة فلاتجديك المعاذير والتبريرات ، ودع قلبك يذوق حلاوة الاشتياق ويأوي إلى ربه عساه أن يهتدي ... والتمس لك سبيلا يوصلك إلى اليقين وخباء يقيك من أنواء الدنيا الهوجاء ويعصمك من التيه والضلال.. تحرر أيها الإنسان من حبال التواني التي توثقك وانزع عنك رداء التسويف... تجرد من الدنيا وحطامها ومن مثبطات الهوى كي تصبح طليقا في مسرى الحياة.... مبتهجا بين جحافل العاملين بصدق .
النفس تهفو في رمضان لتنعم في مكارم الأخلاق ، فاجعل لها وردا من معين الطاعات ومناهل القربات واعتصم بحبل الله المفتول حتى تحل بساحة فؤادك السكينة فتتخلص من عوالق الدنيا دون ان تنسى نصيبك منها فتعطي لحياتك ووجودك معنى ... تملى في حياتك جيدا أيها الإنسان ودع مواطن الخير تنبجس من فؤادك انبجاسا ... سر على درب الصالحين ودع آثارك ترتسم على شط الطائعين حتى تبلغ معاني العزم وصفاء السريرة وصدق العمل .
رمضان يابلسم الروح من الآلام وطهرة النفوس من الأسقام الأوهام ...فلنلحق بزمرة الصالحين القائمين بالأسحار المتدبرين معاني القرآن وآيه العظيمة في خلوات النفس التي تدرك صغرها حين تستحضر جلال الرحمان وهيبة الإيمان ... فنسأل الله ان يمكن لنا في هذا الشهر عملا متقبلا خالصا لوجهه الكريم وأن يجعل لنا فيه أجرا واحتسابا وطهرة لكل النفوس من أدران الدنيا وتخليصا للأرواح من كل سراب زائل .
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.