أثر الحجر الصحي الشامل في انتشار فيروس كورونا حالة المغرب أنموذجا
د.محمد نجيب الفضي
الهندسة الوراثية والبيولوجية الجزئية للمجهريات
باحث بالمعهد الوطني للبحث الزراعي
1- معطيات عامة عن كوفيد Covid-19
تجب
الإشارة في مستهل هذه الورقة إلى أن مرض (Covid-19)، هو مرض معدٍ ناشئ مثل غيره
من الأمراض الحيوانية الفيروسية الناجمة عن سلالة الفيروسات التاجية.
على
أن الأعراض الأكثر شيوعًا لهذا الوباء هي الحمى والسعال وصعوبة التنفس، أو حتى متلازمة
الضائقة التنفسية الحادة التي يمكن أن تؤدي إلى الوفاة عند الأشخاص الضعفاء بسبب التقدم
في السن أو الأمراض المزمنة المصاحبة. وقد يسبب مضاعفات أخرى قاتلة مثل الاستجابة المفرطة
للجهاز المناعي (صدمة السيتوكين: choc cytokinique) .
وتفيد
الدراسات العلمية المختصة أن كوفيد 19 معد بشكل خطير جدا. وتنتقل العدوى من شخص لآخر عبر قطرات الجهاز التنفسي،
خاصة عند السعال أو العطس، أو عن طريق لمس سطح ملوث تتبعه لمسة يد على الوجه. وتتراوح
فترة الحضانة عند هذا الفيروس بين يومين وأربعة عشر يومًا ، بمتوسط خمسة أيام. وتختفي
العدوى عندما يختفي الفيروس في إفرازات الحلق. وقد لا تظهر الأعراض على نسبة كبيرة
من المصابين، ولكن يمكنهم أن ينقلوا المرض لشخص قريب أو محاذي. ويعتمد تشخيص الوباء
بشكل أساس على اختبار يعتمد إحدى تقنيات البيولوجيا الجزئية تسمى (RT-PCR) و / أو
على صور رئوية باستخدام السكانير.
وفيما
يتعلق بالوقاية ، فإن غسل اليدين بشكل متكرر والحد من الاتصال بين البشر بالمباعدة
الاجتماعية، أو بارتداء قناع طبي هو من الغايات المؤملة في هذا الإطار. ويطبق جل المهتمين
على أن الحجر الصحي يحد من انتشار الفيروس، بل وتطويقه نهائيا في أحسن الظروف.
وعلى
الرغم من البحوث العلمية المكثفة لحد كتابة هذا المقال، ليس هناك دواء أو لقاح محدد
لهذا الوباء الخطير والفتاك. وتبقى شروط الوقاية هي سيدة الميدان الآن.
2- أثر الحجر الصحي على سرعة انتشار فيروس كوفيد 19
سأحاول
أن أبين أثر الحجر الصحي على سرعة انتشار فيروس كوفيد 19 ، وسأقوم كذلك بتقييم توقيت قرار المملكة المغربية ليوم 20 مارس تاريخ بداية الحجر الصحي في
المغرب.
اكتسح
الكوفيد 19 أغلب دول العالم، مع اختلاف في توقيت اكتشاف الحالة المؤكدة الأولى من بلد
لأخر. وينتشر هذا الوباء بشكل سريع جدا. لهذا
فإن فارق يوم واحد بين البلدان فيما يخص وصول العدوى له أثر كبير على مستقبل انتشار
الوباء سيما في غياب الإجراءات الوقائية. من هنا كان الاهتمام بتوقيت وتنزيل الحجر
الصحي. ومعلوم أن المغرب عرف أول حالة مؤكدة بتاريخ
02 مارس 2020. وإلى حدود السابع من شهر أبريل من بحر هذه السنة يكون هذا الفيروس قد
عاش بيننا مدة سبعة وثلاثين (37) يوما.
وتوخيا
للمردودية العلمية والإجرائية، سنقارن كيفية انتشار الفيروس على امتداد سبعة
وثلاثين (37) يوما في المغرب مع بعض دول العالم المعنية بالمقارنة. مع تسجيل تاريخ
أول حالة مؤكدة في البلد ضمن تراتبية تسمح بتتبع الحالة الوبائية في الكتلة
الزمنية المحددة لكل بلد مثلما يظهر في الجدول أسفله، والذي يسمح لنا أن ننسب
للأيام 1. 2. 3. ....37، اليوم والشهر بالضبط في كل بلد. كما يتيح هذا الجدول قراءة المبيانات المرفقة بهذا المقال.
2.2 تطور الكورونا من اليوم 19 الى حدود اليوم 37 في البلدان المشمولة بالمقارنة
جدول
رقم 1: اليوم والشهر بالضبط في كل بلد حسب الأيام 1. 2. 3. ... الى.37
المعتمدة في المقارنة
2.1 تطور كوفيد 19 من اول يوم ظهوره الى حدود اليوم 19 في البلدان المشمولة بالمقارنة.
نلاحظ
على مستوى المباين الأول سرعة انتشار الكوفيد 19 في الشمال الإفريقي مقارنة مع دول
أوروبا وأمريكا. ففي ظرف 19 عشر يوما سجل المغرب أعلى الإصابات المؤكدة (86 حالة)،
متبوعا على التوالي بتونس (54 حالة) ثم الجزائر (39 حالة). بينما في أوروبا لم تتجاوز
الإصابات 23 حالة مؤكدة سجلت في بلجيكا. وفي الولايات المتحدة الأمريكية سجلت 19
حالة مؤكدة. مع ضرورة التذكير أنه إلى حدود اليوم 19 لم تتخذ أي دولة من الدول
المشمولة بهذه المقارنة قرار الحجر الصحي. فالمغرب
هو البلد الوحيد الذي تم الإعلان فيه عن بداية الحجر الصحي الشامل بتاريخ 20
مارس 2020 الموافق لليوم 19 في نسب الأيام بالجدول أعلاه.
2.2 تطور الكورونا من اليوم 19 الى حدود اليوم 37 في البلدان المشمولة بالمقارنة
نلاحظ
على ضوء معطيات المبيان الثاني، أن سرعة انتشار الكوفيد 19 أصبحت مهولة في بلجيكا وإيطاليا
بعدد الإصابات المؤكدة على التوالي 3401 و 3089 حالة في اليوم 37 الموافق ل 22 مارس 2020
ببلجيكا و 4 مارس 2020 بايطاليا.
أما
في شمال إفريقيا، فإن سرعة الانتشار تبدو مقلقة مقارنة مع أمريكا التي سجلت 60
إصابة مؤكدة، ومع باقي الدول الأوروبية المشمولة بهذه المقارنة: مثلا فرنسا التي لم تسجل سوى 100 إصابة مؤكدة و
اسبانيا التي لم تسجل أيضا سوى 525 إصابة مؤكدة . وهكذا فقد سجل المغرب والجزائر وتونس
على التوالي :1184، 847 و623 إصابة مؤكدة. مع العلم أن تونس أعلنت عن الحجر الصحي
الشامل في اليوم 21 الموافق ل 22 مارس 2020 وأعلنته الجزائر الحجر الصحي الجزئي في اليوم 34 الموافق ل 4 ابريل
2020 وبشكل كلي في مدينة البليدة فقط.
وهنا يتبادر السؤال التالي: هل يعقل أن لا نلاحظ
في المغرب تأثيرا للحجر الصحي الشامل على سرعة انتشار الكوفيد 19 ضمن سانكرونية
الكتلة الزمنية المشمولة بالملاحظة التي هي سبعة وثلاثون يوما. ففي اليوم 37 هناك
دول من دون حجر، ومع ذلك فإن سرعة انتشار الفيروس بها تبدو أقل من المغرب؟
للإجابة عن هذا السؤال وجب علينا أن نهتم أكثر بتاريخ
الإعلان عن الحجر الصحي الشامل في المغرب الذي يصادف يوم 20 مارس، حيث كان عدد
الإصابات المؤكدة (86)، لنرى متى كان عدد الإصابات المؤكدة بالدول موضوع المقارنة
مشابهة لعدد الإصابات المسجلة بالمغرب.
جدول
رقم 2: اليوم والشهر بالضبط في كل بلد حسب الأيام 1. 2. 3. ... الى.19
المعتمدة في المقارنة
|
ففي
اليوم الأول كان عدد الإصابات المؤكدة ببلجيكا 109 إصابة، وبفرنسا 100 إصابة ، و
بالجزائر 90 إصابة، وبتونس 89 إصابة ، وبإسبانيا 84 إصابة و79 إصابة بكل من ألمانيا
وإيطاليا، و25 إصابة بامريكا.
مع
ضرورة التذكير أن اسبانيا أعلنت عن الحجر الصحي في اليوم 12 الموافق ل 12 مارس
2020 ، و فرنسا في اليوم 18 الموافق ل 17 مارس 2020 وأعلنته بلجيكا يوم 17 22
الموافق ل 17 مارس 2020 . وتبقى كل من ، إيطاليا ، إنجلترا، ألمانيا و أمريكا حتى
اليوم 19 بدون حجر صحي.(جدول 2).
2-3 : تطور كوفيد 19 في عدة بلدان لمدة 19 يوما ابتداء من اليوم الذي اصبحت فيه عدد الحالات المؤكدة بها مماثلة لعدد الحالات المؤكدة في المغرب يوم 20 مارس 2020
يظهر
المبيان الثالث سرعة انتشار الكوفيد 19 بشكل مفزع في أوروبا و أمريكا حيث فاقت
الجائحة كل التوقعات خارج الحجر الصحي بما يصل أو يفوق العشرين ألف من الإصابات.
بينما تقلصت سرعة انتشار الكوفيد 19 في شمال إفريقيا.
وعلى الرغم من خاصية هذا الفيروس المشؤوم في سرعة الانتشار، فإنه لم يسجل في
المغرب سوى 1184 إصابة مؤكدة. وهنا نسجل فعالية الإجراءات القانونية والاقتصادية
والاجتماعية المصاحبة لإجراءات الحجر الصحي الشامل والتي تكون قد طوقت من تصاعد
وبائي في المملكة المغربية.
وجب
التنبيه في الأخير الى ان عدم الامتثال للحجر الصحي سيؤدي إلى ضياع جميع المجهودات
التي قامت وتقوم بها الدولة المغربية وبالتالي عيش سيناريوهات كارثية لانتشار وباء
كورونا مثيل لما يقع في أوروبا وأمريكا.
في
مثل هذه الظروف العصيبة اعتقد جازما ان على الدولة ان تمارس الصرامة القصوى في
قرارتها وعلى الأجهزة التنفيذية تطبيق القانون بالصرامة المفرطة اللازمة في حق المخالفين
الذين يعرضون الأمن الصحي للمواطنين للخطر ويستهينون بحياة المواطنين وسلامتهم.
الوصفة
الوحيدة والمؤكدة لمحاربة كورونا والقضاء علية هي الحجر الصحي الشامل . رجاء
الزموا بيوتكم.
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.