حقوق المعلم كما يجب أن تكون.. الحمد لله من قبل ومن بعد والصلاة والسلام على الصادق في القول والعهد وبعد. إن المعلم عظيم الاسم والوسم والقيمة ويكفيه اسمه المشتق من مادة العلم التي أكرمنا بها المعلم الأعظم إلاهنا الباري. فقد وصف الله عز وجل نفسه بالأكرم وكان من كرمه أن علم الإنسان بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم. ويكفينا معشر المعلمين أن نكون أول العاملين على تطبيق أول أمرٍ سماويٍ لأمة محمد صلى الله عليه وسلم "اقرأ." فهل توجد رتبة أعظم من تلك وهل توجد مهنة أسمى من هذه المهنة؟ بالطبع لا.
مكانة المعلم
في البداية اسمحوا لي أن أطرح سؤالي: هل يرضيكم وضع المعلم المادي والاجتماعي في مصر تحديدَا وفي العالم العربي خاصة؟ إننا نعيش في أوقات الأزمات؛ وفيه يكيل بعض الناس للمعلمين الاتهامات بالتقصير. إنه المذكور في ساحة التجاوزات والانتكاسات والمنسي عند الإنجازات والنجاحات. إنهم حين الرخاء والعطاء ينسونه ولا يذكرونه ويبخسون حقه وينكرون فضله ودوره إلا من رحم ربي.
إنما المعلم حقيقة ودوره عظيم في كل ثانية وكل دقيقة والحقيقة تعمي الخيال. إن دور المعلم يعلو فوق الجميع ويعمي بعطائه كل جاد ويرهق كل شارد ومائل كما يزهق الحق الباطل. لذلك، لو قلنا إن المعلم هو أساس الوطن، فهذا القول لا يعني الانتقاص من دور غيره سواء في ذلك العامل والفلاح والشرطي والمهندس. لكن القصة من بدايتها تنبئنا أن العلم هبة الله للإنسان، وأن العلماء ورثة الأنبياء وأن المعلمين هم أساس نهضة أي أمة. لذلك، أقول إنه لن ينصلح حال أي أمةٍ أهانت معلميها وأهدرت كرامتهم وجردتهم من حقوقهم.
أليس المعلم هو من أسس الجندي على حب الوطن؟ هذا هو المعلم الذي علم القائد والضابط والمجند كيف يرسم العلم وكيف يعبر في كراسته عن أمجاد وانتصارات بلاده. أوليس المعلم هو من علم الكاتب والمحاسب كيف يكون الجمع والطرح والضرب والقسمة وعلم المهندس كيف يخطط الأشكال الهندسية ويحسب الطول والارتفاع والعرض والقاعدة والمحيط والمساحة؟
وضع المعلم المادي وحقوق المعلم كما يجب أن تكون
يتذكر كل منا معلمًا كان له أثرٌ كبيرٌ في نفسه. ويذكر كل منا المعلم العظيم الذي ترك بصمةً غيرت مجرى حياته وكان سببًا في انتقاله وتحوله من حالٍ أدنى إلى حالٍ أفضل وأعلى أقيم. بالنسبة لي، لن أنسى أبدًا معلمًا عظيمًا كان له فضله علي بعد الله. هذا هو الأستاذ المتولي معلم الهندسة الذي غير فكرتي عن هذا العلم برمته. لقد جعلني هذا الرجل العظيم محبًا وفاهمًا للهندسة في حصةٍ واحدة بعدما كنت لها من الكارهين.
كذلك، أذكر محمد أبو رية معلم اللغة الإنجليزية الذي أعانني على اتقانهاووجهني إلى كلية اللغات والترجمة بعدما كنت يائسًا من اتقان اللغة الإنجليزية يومًا. أيضًا، أذكر والدي الذي علمني وكان معلمي الأول؛ فعلمني القراءة والكتابة والتأليف وجعلني أفخر بين زملائي وأقراني بحسن خطي وبراعة أسلوبي في التعبير والإنشاء.
لكن، تعالوا بنا نستوقف أنفسنا ونسأل أنفسنا: هل يحصل المعلم على حقوقه كما يحب أن تكون؟ لماذا لا نمنج المعلمين أجرهم المستحق ونجعلهم مثل بقية العاملين في هيئات البترول والكهرباء والدفاع؟ لما لا نعالج مرضى المعلمين في مستشفيات الدولة المرموقة؟ ولماذا لا نحصن المعلمين بأحدث الأدوات والتقنيات ونوفر لهم الأسباب اللازمة لحياة كريمة صحية وآمنة؟
إنما للمعلمين حقوق يجب أن نصونها ونحرص عليها، لأننا لو فرطنا في ضمان وحماية تلك الحقوق، فهذا يعني إذلال المعلمين وجعلهم مكبلين ونقيد طاقتهم في العمل بالشكل المطلوب في المشهد التعليمي. للأسف هذا يحدث كثيرًا وينتج عنه مشكلات لا حصر لها ولا عد. فيا معشر المسؤولين رفقًا بالمعلم وقبل أن تحدثوه عن الواجبات، يجب أن تمنحوه الحد الأقصى من حقوقه المشروعة والمعترف بها في جميع أنحاء العالم.
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.