الحصول على شهادة البكالوريا يقع على عاتق المتعلم وسلك الثانوي التأهيلي ليس إلزاميا

الإدارة Februar 25, 2022 Februar 25, 2022
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

 

الحصول على شهادة البكالوريا يقع على عاتق المتعلم

وسلك الثانوي التأهيلي ليس إلزاميا

مفتاح صيلاني


مفتاح صيلاني

أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي

25 فبراير 2022م

يكاد يصير الحصول على شهادة الباكلوريا حقا من حقوق التلميذ اليوم! لِـما لا؟ وقد انتقل عبر 9 مستويات دراسية من الابتدائي إلى الإعدادي، حيث يجد نفسه متوجا بالنجاح في نهاية كل سنة دراسية، يتم دفعه من مستوى إلى آخر ليفسح المجال لغيره، دون أن يحصل على التعلمات اللازمة (دون تعميم)، حتى يجد نفسه بالسلك الثانوي التأهيلي، لا يفصله عن شهادة البكالوريا سوى سنوات أخرى قليلة ستمر سريعا كما مرت سابقاتها، وليس لأحد الحق في أن يسلبه النجاح الذي صار من حقه بقوة التجربة والتاريخ!

والواقع أن وجهة النظر هذه ليست خاصة بالمتعلمين فقط، بل إنك تجد شريحة واسعة من المشتغلين بالتربية والتعليم يتعاطفون معه، ويرونه ضحية سياسة عامة يصفونها بالفاشلة، وبأنهم لا ينبغي أن يكونوا عائقا أمامه في سبيل حصوله على لقمة العيش (ولن أخوض في هذه السطور في خطورة هذا الشكل من التفكير والنظر على بلدنا وتلاميذنا أنفسهم في الغد القريب).

أما الوزارة (الدولة) فهي تكاد لا تحرك ساكنا، بل إن لها حصة الأسد في تكريس هذا الوضع، طالما أن النجاح المتوالي للمتعلم سيعفيها من العديد من النفقات الطائلة، على رأسها بناء المؤسسات، وطالما ستجد الـمعاملُ والشركاتُ الأجنبية يدا عاملة رخيصة التكلفة، والمؤسساتُ الأمنية الحكومة والخاصة خزّانا تنهل منه من حاملي البكالوريا ذوي التكوين الهش.

  ما أحب أن أقوله في هذه القراءة المختصرة جدا لهذا الوضع المزري، هو أن أُذكّر  المشتغلين في مجال التربية والتعليم، وخصوصا في السلك الثانوي التأهيلي، أن هذا الأخير ليس سلكا إلزاميا، وهذا بمنطوق عدد من النصوص المنظمة لقطاع التربية والتعليم، على رأسها القانون الإطار 51.17 الصادر في غشت 2019م. ومنه فإن النجاح في هذا السلك التعليمي في جميع مستوياته (وقبله بالطبع) يقع أولا وأخيرا على عاتق المتعلم وليس على عاتق المدرس أو المؤسسة أو الإدارات المركزية... الذين على عاتقهم جميعا توفير كل ما يلزم من شروط وظروف للتمدرس، أما النجاح فهو مسألة اجتهاد وكد وتحمل للمسؤولية ثم اختبارات وامتحانات... وهذا كله على عاتق المتعلم.

إذا تصفحت القانون الإطار المشار إليه أعلاه فستجد في المادة 8 ما يلي:

(يشتمل التعليم المدرسي على التعليم الأولي، والتعليمالابتدائي، والتعليم الإعدادي، والتعليم الثانوي التأهيلي، ويعاد تنظيمه وفق ما يلي:

  • -       إرساء التعليم الأولي...
  • -       ربط التعليم الابتدائي بالتعليم الإعدادي في إطار "سلك للتعليم الإلزامي".
  • -       ... إحداث مسار للتعليم المهني يبتدئ من التعليم الإعدادي وتعزيز سلك الثانوي التأهيلي بتنويع مسالكه والإعداد للتوجه نحو متابعة الدراسة بالتعليم العالي أو بالتكوينات المهنية التأهيلية أو التعلم مدى الحياة).
  • كما ورد أيضا في المادة 20 من نفس النص:
  • (من أجل تعميم التعليم الإلزامي بالنسبة لجميع الأطفال البالغين سن التمدرس، يتعين على الدولة...
  • -       تعزيز وتوسيع شبكة الدعم التربوي لضمان مواصلة تمدرس المتعلمين إلى نهاية التعليم الإلزامي.
  • -       ...)

إذا تأملت هاتين المادتين من القانون الإطار (وغيرهما وغيره) ونظرت إلى واقع المستوى الدراسي الذي تؤكد على ضعفه الشديد التقارير الوطنية والدولية كل سنة، ستجدهما منسجمين، حيث تم جعل الإلزامية في التمدرس في سلكين فقط، وتم فتح التعليم المهني ابتداء من السنة الأولى إعدادي. وفي هذا إشارة واضحة أن الثانوي التأهيل ينبغي أن يكون لنخبة معينة من المتعلمين وليس للجميع ممن له الرغبة والقدرة على متابعة التعليم العالي خصوصا، الذي صارت مؤسساته تئن تحت وطأة الاكتظاظ.

والصراحة أن الدولة حريصة (نسبيا) على أن تكون منسجمة مع مسألة الإلزامية في السلكي الابتدائي والإعدادي، وذلك بخلقهما لمبادرتين للدعم الاجتماعي تتمثلان في "مليون محفظة" في السلك الابتدائي (على عِلّاتها) و"برنامج تيسير" في الإعدادي (على عِلّاته أيضا) في محاولة لمحاربة ما يسمى بالهدر المدرسي الذي يميز هذين السلكين خصوصا؛ ثم يتم توقيف هذا الشكل من الدعم في التأهيلي، اللهم بعض الخدمات كالإيواء والإطعام والنقل لعدد محدود من المتعلمين في الوسط القروي خصوصا.

من هذا كله - آملا أن تكون هذه القراءة باعثة لك على تأمل الوضع أكثر- أرى بأنه لا بد من شيء من الحزم والجدية في جميع المستويات الدراسية، وخصوصا في سلك الثانوي التأهيلي، حتى تكون التدخلات المهنية منسجمة مع بعضها البعض، وحتى يكون لهذا السلك التعلمي قدره الذي يليق به، ويكون النعت (تأهيلي) لائقا به أيضا.

وأخيرا، أرجو ألا تؤخذ وجهة النظر هذه كموقف راديكالي يهدف إلى إقصاء المتعلمين وجعلهم يرسبون، وإنما أرجو أن ينظر للأمر بواقعية ورويّة وشجاعة، وليس بعاطفة وتسرع وتخاذل؛ فالأمر أولا وأخيرا مرتبط بمستقبل وطن نريده أن يتغير للأفضل، وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في التفعيل الحق لمضامين القانون الإطار، وغيره من النصوص التي بقي كثير من مضامينها حبرا على ورق، أو تم تنزيلها على غير وجهها.

شارك المقال لتنفع به غيرك

Kommentar veröffentlichen

0 Kommentare


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    http://www.profpress.net/?hl=de