هل نُربّي أطفالنا على العُنف دون أن ندري ؟

الإدارة Oktober 01, 2022 Oktober 01, 2022
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

 هل نُربّي أطفالنا على العُنف دون أن ندري ؟ 

هل نُربّي أطفالنا على العُنف دون أن ندري ؟


بقلم : إيناس أصفري لموقع profpress.net

كاتبة وتربويّة أمريكية سوريّة 



أغنياتٌ حفظناها عن ظهرِ قلب، لفنانين رائعين حقًا، تحملُ في مضمونها معانٍ نبيلة، ودفءِ أحاسيس، وتهدهدُ أحلامَ أطفالنا، إلا أننا غفلنا عن بعض المفاهيم الخاطئة التي تحملها .. تُرى هل ثقافتنا الشرقيّة تُصدّرُ العنف حقًا ؟ أم أننا نعتبر الأمر مجرد مزحة نُلقيها على مسامعِ أطفالنا دون أن نفكر فيما يمكن أن تؤول إليه الأمور من مبدأ أن الكثير من الجِد يُخفيهِ المزاح.. 


يلا تنام .. يلا تنام .. 

لادبحلا طيرِ الحمام .. 

روح يا حمام لا تصدّق 

بضحك ع ريما تتنام *


ريما التي أحبَّها أطفالُنا .. وأحببتُها أنا أيضًا .. لكنّي كثيرًا ما تردّدتُ في قول هذه الجملة وحاولت استبدالها بشيء آخر كي لا يخدشَ فعلُ الذّبح مسامع طفلي المستسلم للنوم في سكون .. 

لماذا أدبحُ طير الحمام ؟ هل سيعجب ريما وأصدقاؤها الأطفال حين نُدلّلها أن ندبحَ لأجلها طير الحمام، وهو بالذات رمزٌ للسلام ؟ وحتى وإن كانت الأم تقول : لا تصدّق .. إذًا هي كذبة .. الأم تكذب على ريما لتجعلها تنام .. إذًا نُفيَ فعلُ الذّبح لأنه كذبة لتحقيق غاية وهي نومُ ريما .. وهذه قضيّةٌ أُخرى يتعلّمُ منها الطفلُ مع الوقت مسألةَ التّحايل أو الكذبِ لتحقيق غايته .. 


ياريت .. يا ريت .. 

يا ريت بقدِر عالسما اِطلع 

اسرق الشّمس والقمر وخبيهن بعبّي

حد قلبي  

وزتّن في حِرِج إمي **


كلمة السرقة التي نمنع أولادنا عنها، ونعاقبهم بشدة وحزم فيما لو أقدموا على فعلها، ثمّ نُبرّرها في أغنية جميلة جدًا .. تُرى هل تصلحُ السّرقة لأن تحمل معنىً إيجابيًا لأجل التعبير عن مدى عشقنا لأمهاتنا، وأننا على استعدادٍ لسرقة أغلى مافي الكون لأجلهنّ؟ هل المضمونُ النبيلُ يُبرّرُ الفعل ؟ وهل سيميزُ الطفلُ أن هذه الكلمة ليست سوى تعبيرًا مجازيًا  فقط؟ 


يا معلمتي يا معلمتي 

نحنا صغار .. ما منعرف ندافع عن الدار 

يا أولادي .. يا أولادي 

بحمُل البارودة .. وبعبّي البارودة .. وينو الديب *


نعلمُ أن الذِّئب كان رمزًا للشرّ والطّمع في قصص الأطفال على مرّ العصور، وهو هنا في الأغنية رمزٌ للمحتلّ الطّامع بالأرض والبيت .. لكن هل يليق بالطفولة أن تحملَ البنادق لتحارب؟ هل نقبل أن يكون أطفالُنا قتلة ؟ 

الطفولةُ كانت على الدّوام صديقةٌ لكلِّ الحيوانات .. ونحنُ نكونُ على خطأ حين نُهيّئُ لأطفالنا أن بعض الحيواناتِ شريرة وتُريدُ لنا الأذى، لأننا نعلم أن الحيوان لا يؤذي إلا حين يشعر بالخطر، فكيف نبرّرُ لأنفسنا ولأطفالنا قتلَ أيّ حيوانٍ أو مخلوقٍ على سطح الأرض؟ وأنّه لا يعتبرُ جريمةً بحقّ الحياة والطبيعة الحيّة ؟ 


اعتقد ُأن ينبغي علينا إعادةَ النّظر في كثيرٍ من المفاهيم التي أصبحت مع مرور الوقت مُسلّمات لا تقتضي الجدل، لكنها ليست كذلك .. نحن نستغربُ ونستهجنُ اليوم سلوكَ العنف الواضح الذي يشهده الجيل، وقطعًا ليس السبب أغنيات الطفولة، لكنها ليست بريئةً أيضًا من ذَنبها .. 


الهوامش : 


*يلا تنام ريما - كلمات وألحان: الأخوين رحباني- غناء : فيروز 


**ياريت بقدر عالسما اطلع - الأغنية لعائلة بندلي التي اشتهرت في السبعينيات من القرن الماضي غنتها الطفلة آنذاك ريمي بندلي وغيرها من أغنيات الطفولة 


***يامعلمتي - كلمات وألحان: مرسيل خليفة- غناء: أميمة الخليل


شارك المقال لتنفع به غيرك

Kommentar veröffentlichen

0 Kommentare


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    http://www.profpress.net/?hl=de