ﺳﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﺑﻘﻠﻢ : ﻣﺤﻤﺪ ﺟﺤﺎﺝ
ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﺍﻷﻧﺜﺮﻭﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﻤﻰ " ﺇﺳﻼﻡ " ، ﻓﺈﻥ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﺣﻮﻟﻪ ﻣﺒﺪﺋﻴﺎ ﻫﻮ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ Le religieux ، ﺃﻭ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻬﻤﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻬﺎ ﺇﻻ ﻛﺈﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺷﻤﻮﻟﻴﺘﻬﺎ ﻭﺗﻌﺪﺩ ﺃﺑﻌﺎﺩﻫﺎ . ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺇﺫﻥ، ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺳﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫﻮ ﺑﺤﺚ ﻓﻲ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﻭﺳﻴﺮﻭﺭﺍﺕ ﺣﻀﻮﺭ " ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ " ﻭﺍﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺗﻪ، ﺃﻭ ﺑﺎﻷﺣﺮﻯ، ﺍﻣﺘﺪﺍﺩﺍﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺣﻘﻮﻝ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ؛ ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻔﻬﻢ ﻫﻨﺎ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺼﻮﺭﻩ ﺇﺭﻧﺴﺖ ﻏﻠﻨﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ " ، ﺣﻴﺚ ﺍﻋﺘﺒﺮ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻣﺨﻄﻂ ﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻘﻮﺍﻋﺪ ﺇﻟﻬﻴﺔ ﺃﺑﺪﻳﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ[ 1 ] . ﺇﻧﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﺫﻟﻚ ﺗﻤﺎﻣﺎ، ﻧﺘﺼﻮﺭ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﻛـ " ﻣﺨﻄﻂ " ﻧﺎﺟﺰ ﻳﺆﻛﺪ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﻭﻳﻔﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﺮﺿﺎ، ﺑﻞ ﺑﺎﻷﺣﺮﻯ ﻫﻮ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ " ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ " ﺗﻢ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻟﻬﺎ ( ﻛﺮﻫﺎ ﻭﻃﻮﻋﺎ ) ، ﻭﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﺎﺕ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻋﺒﺮ ﺳﻴﺮﻭﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﻃﺆﺍﺕ ﺃﻳﻀﺎ . ﺇﻧﻬﺎ ﺣﺼﻴﻠﺔ ﺗﻔﺎﻋﻞ ﻭﺗﻌﺎﻳﺶ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺃﻭ " ﺍﻟﻨﺼﻲ " ﻣﻊ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﺒﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ . ﻭﻟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻫﻨﺎ ﻋﻦ ﺇﺳﻼﻡ، ﺃﻭ ﺑﺎﻷﺣﺮﻯ، ﺇﺳﻼﻣﺎﺕ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻭﺳﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﻴﺎﻫﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ ﻭﻳﻤﺎﺭﺳﻮﻧﻬﺎ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺛﻘﺎﻓﺎﺗﻬﻢ ﻭﻗﻨﺎﻋﺎﺗﻬﻢ ﻭﺭﻫﺎﻧﺎﺗﻬﻢ ﺃﻳﻀﺎ . ﻭﻓﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺇﺫﻥ، ﺃﻣﻜﻨﻨﺎ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ ﻣﻔﻬﻮﻡ " ﺍﻟﺪﻳﻦ " La religion ﺇﻟﻰ ﻣﻔﻬﻮﻡ " ﺍﻟﺮﺍﺑﻂ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ " Le lien religieux .
ﺳﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻹﺳﻼﻡ : ﻣﻦ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺇﻟﻰ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺮﺍﺑﻂ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ
ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ، ﻟﻢ ﻳﺤﻆ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻈﻴﺖ ﺑﻪ ﺩﻳﺎﻧﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﻴﻦ ﻭﺍﻷﻧﺜﺮﻭﺑﻮﻟﻮﺟﻴﻲﻥ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﻄﺮﺡ ﺻﻌﻮﺑﺎﺕ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻭﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻳﺔ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺷﺎﻣﻞ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺄﺑﻌﺎﺩﻫﺎ ﻭﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ . ﻓﻘﺪ ﺍﺭﺗﺒﻂ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﺑﺎﻷﺳﺎﺱ، ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﺩﻳﺎﻧﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻏﻴﺮ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﺳﻮﺍﺀ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﻮﺫﻳﺔ، ﻫﺬﺍ ﺩﻭﻥ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻧﺜﺮﻭﺑﻮﻟﻮﺟﻴﻴﻦ ﺣﻮﻝ ﺩﻳﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ " ﺑﺪﺍﺋﻴﺔ " ﺃﻳﻀﺎ . ﻭﻛﻤﺎ ﻻﺣﻆ ﺫﻟﻚ ﺑﺮﺍﻳﻦ ﺗﻴﺮﻧﺮ [ 3 ] ، ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﺍﻟﻌﺜﻮﺭ " ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺳﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ " ، ﻭﻟﻌﻞ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻗﺪ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺑﺄﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻻ ﻳﺸﻜﻞ ﺩﻳﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺳﺎﺱ، ﺃﻭ ﻫﻮ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﺮﻳﺪﺓ، ﻣﻤﺎ ﺃﺑﻘﺎﻩ ﺧﺎﺭﺝ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺪﻳﻦ . ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ، ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻷﻣﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪﺍ، ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻟﻠﺪﻳﻦ، ﺳﻮﺍﺀ ﻣﻊ ﺩﻭﺭﻛﻬﺎﻳﻢ ﺃﻭ ﻓﻴﺒﺮ ﺃﻭ ﻣﺎﺭﻛﺲ، ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻩ ﻣﺤﻜﻮﻣﺎ ﺑﻔﻜﺮﺗﻲ ﺍﻟﺘﻘﺎﺑﻞ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻓﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﻭﻣﻨﺠﺰﺍﺗﻬﺎ، ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺆﺷﺮﺍ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮﺓ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﻭ ﺍﻧﺤﺴﺎﺭﻩ ﺃﻣﺎﻡ ﺻﻌﻮﺩ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻲ ﺑﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺗﻪ ﻭﺑﻤﻨﺠﺰﺍﺗﻪ ﺃﻳﻀﺎ، ﻛﻤﺎ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻛﺘﺴﺎﺡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻟﻤﺴﻠﺴﻞ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻨﺔ .. ﻓﻤﻊ ﺇﻳﻤﻴﻞ ﺩﻭﺭﻛﻬﺎﻳﻢ ﻣﺜﻼ، ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻌﺰﺯ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺎﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺍﻵﻟﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻀﻮﻱ، ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺮﺍﺟﻊ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺎﺕ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻗﻴﻢ ﺗﻌﺰﺯ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻭﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ؛ ﻭﻣﻊ ﻣﺎﻛﺲ ﻓﻴﺒﺮ ﺃﻳﻀﺎ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻲ ﺑﻤﺎ ﻳﻤﻴﺰﻩ ﻣﻦ ﻧﺰﻭﻉ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻌﻘﻠﻨﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻗﺮﺍﻃﻲ، ﻳﻌﻨﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺑﻤﻔﻬﻮﻣﻪ ﺣﻮﻝ ﻧﺰﻉ ﺍﻟﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﺴﺤﺮﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ Le désenchantement du monde . ﺃﻣﺎ ﻛﺎﺭﻝ ﻣﺎﺭﻛﺲ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﺍﻟﻤﺒﻜﺮﺓ، ﻓﻠﻢ ﻳﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺇﻻ ﺗﻌﺒﻴﺮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺰﺍﺋﻒ، ﺃﻭ ﺑﺎﻷﺣﺮﻯ ﻣﺨﺪﺭﺍ ﺇﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ( ﺃﻓﻴﻮﻥ ) ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺰﻭﻝ ﺗﺄﺛﻴﺮﻩ، ﻭﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﺘﺠﺬﺭ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ .
ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ ﺣﻮﻝ ﺗﺼﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﻴﻦ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﻴﻦ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻤﻮﺿﻮﻉ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﻳﻀﺎ ﻭﻣﺎ ﺗﻄﺮﺣﻪ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﺼﻮﺻﻴﺎﺕ، ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻟﺨﻠﻮﺹ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﻱ ﺃﺳﺎﺱ ﻧﻈﺮﻱ ﺃﻭ ﺇﻣﺒﺮﻳﻘﻲ ﻣﻌﻘﻮﻝ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻭﺩﻗﻴﻘﺔ ﻟﻠﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ . ﻓﻤﻦ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﺳﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻃﺒﻌﺎ، ﻫﻨﺎﻙ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﻳﻨﺎﺳﺐ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺗﺼﻮﺭ ﻛﻞ ﺑﺎﺣﺚ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺤﺪﺩﺍ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﺟﺪﻳﺮﺓ ﺑﺎﻟﺪﺭﺱ ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ؛ ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻨﻌﻜﺲ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ . ﻟﻌﻞ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻫﻨﺎ ﺃﻗﺮﺏ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﺭﻛﻮﺩ ﻋﺎﻡ ﻛﻤﺎ ﻻﺣﻆ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻴﻔﻮﺭﺩ ﻏﻴﺮﺗﺰ ﺑﺨﺼﻮﺹ " ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻷﻧﺜﺮﻭﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﻠﺪﻳﻦ " ، ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺄﺯﻕ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﻭﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻲ " ﺑﻤﺠﺮﺩ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺗﻐﻴﺮﺍﺕ ﻫﺎﻣﺸﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻴﻊ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ " ، ﺃﻭ ﺑﻬﺠﺮ ﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻛﻤﺎ ﺃﺳﺴﺖ ﻟﻬﺎ ﺇﺳﻬﺎﻣﺎﺕ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺩﻭﺭﻛﻬﺎﻳﻢ ﻭﻓﻴﺒﺮ ﻭﻓﺮﻭﻳﺪ ﻭﻣﺎﻟﻴﻨﻮﻓﺴﻜﻲ . ﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﺮﻫﺎﻥ ﺇﺫﻥ ﻫﻮ ﻭﺿﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺳﻬﺎﻣﺎﺕ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﺎﺕ ﺃﻭﺳﻊ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﺠﺰﺕ ﻓﻴﻬﺎ، ﻣﻤﺎ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺗﻮﺳﻴﻌﺎ ﻟﻠﻤﻔﻬﻮﻡ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺗﻴﺴﻴﺮ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻙ ﻓﻲ ﻋﺪﺩ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺍﻻﺗﺠﺎﻫﺎﺕ؛ ﻭﻟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻨﺪﺭﺝ، ﺣﺴﺐ ﻏﻴﺮﺗﺰ، ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ " ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻠﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ 4]" ] .
ﻟﻢ ﻳﺤﻆ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻈﻴﺖ ﺑﻪ ﺩﻳﺎﻧﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﻴﻦ ﻭﺍﻷﻧﺜﺮﻭﺑﻮﻟﻮﺟﻴﻲﻥ
ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻌﻨﻴﻪ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎﺕ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ، ﻧﻘﺘﺮﺡ ﻫﻨﺎ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ ﻭﺳﻴﻄﺎ ﻧﺘﻮﺳﻢ ﻓﻴﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺃﺑﻌﺎﺩ ﻭﺧﺼﻮﺻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻭﻟﻌﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻫﻨﺎ ﺑﻤﻔﻬﻮﻡ " ﺍﻟﺮﺍﺑﻂ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ " ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ [ 5 ] . ﻗﺪ ﻳﺒﺪﻭ ﺍﻷﻣﺮ ﺃﻗﺮﺏ ﻫﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺟﻴﻨﻴﺎﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﺤﻘﻞ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ، ﻣﻤﺎ ﻳﻘﻮﺩﻧﺎ، ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻭ ﺑﺂﺧﺮ، ﻧﺤﻮ ﻣﺴﺎﺀﻟﺔ ﺃﺳﺲ ﻭﺃﺷﻜﺎﻝ ﻭﺳﻴﺮﻭﺭﺍﺕ ﺗﺸﻜﻞ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻭﺍﻧﺒﻨﺎﺀﺍﺗﻬﺎ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ . ﻓـ " ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ " ﺇﺫﻥ ﻗﺪ ﻳﺘﺠﺴﺪ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻩ ﻛﺮﺍﺑﻂ ﺭﻭﺣﻲ، ﻣﻤﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﻫﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻔﻬﻮﻡ " ﺍﻟﺪﻳﻦ " ﻛﻘﻮﺍﻋﺪ ﻭﻧﺼﻮﺹ ﻭﺗﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﻣﻔﻬﻮﻡ " ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ " ، ﺑﻤﺎ ﻳﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺘﺠﺮﺑﺔ ﺭﻭﺣﻴﺔ ﻣﻦ ﻃﻘﻮﺱ ﻭﻣﻌﺘﻘﺪﺍﺕ ﻭﻣﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﻓﺮﺩﻳﺔ ﻭﺟﻤﺎﻋﻴﺔ .. ﻭﻳﻌﻨﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺮﺍﺑﻂ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻛﻤﺎ ﺗﺒﻠﻮﺭ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺃﻧﻤﺎﻁ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ / ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺒﺘﺔ ﻧﻔﻲ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﺎﺗﻬﺎ ﺗﺼﻮﺭﺍ ﻭﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺑﻘﻴﻢ ﻭﺭﻣﺰﻳﺎﺕ ﺍﻟﺤﻘﻞ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ .. ﻭﺑﺎﻟﻤﺜﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﺪﺩ ﻛﺮﺍﺑﻂ ﺳﻴﺎﺳﻲ، ﻭﻫﻨﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﺑﺄﺷﻜﺎﻝ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻋﻦ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﺪﻳﻦ، ﺣﻴﺚ ﺗﻜﺘﺴﻲ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻫﻨﺎ ﺻﻴﻐﺔ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﻣﻮﺳﻌﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﺮﺍﺑﻂ ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ؛ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﻭﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﺑﺎﻟﺪﻳﻨﻲ ﻣﻦ " ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ " ﺇﻟﻰ " ﺗﻘﺪﻳﺲ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ " ، ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺸﻜﻞ ﺍﻟﻨﺴﻖ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﻳﻌﺎﺩ ﺗﺸﻜﻴﻠﻪ ﻓﻲ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻟﻠﻤﻘﺪﺳﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ... ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻃﺒﻌﺎ، ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺎ ﻳﻨﻔﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻛﺮﺍﺑﻂ ﺛﻘﺎﻓﻲ، ﻭﻟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺃﻧﻤﺎﻁ ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻭﺛﻘﺎﻓﺎﺗﻬﺎ، ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺇﻟﻰ ﻧﺴﻖ ﺛﻘﺎﻓﻲ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎﺯ ﺣﻴﻦ ﻳﺘﻢ ﺇﺩﺭﺍﻛﻪ ﻛﻨﻈﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﻭﺍﻟﻘﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ [ 6 ] .
ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺇﺫﻥ، ﻭﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﻷﺑﺤﺎﺙ ﺍﻷﻧﺜﺮﻭﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﺠﺰﺕ ﺣﻮﻝ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﺃﻣﻜﻨﻨﺎ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺇﺟﻤﺎﻻ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺙ ﺃﻃﺮﻭﺣﺎﺕ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﺗﻢ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺤﺴﺐ ﺃﻫﻤﻴﺔ " ﺍﻟﺮﺍﺑﻂ " ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﻨﻪ ﻛﺄﺳﺎﺱ ﺇﻣﺒﺮﻳﻘﻲ ﻭﻧﻈﺮﻱ ﺃﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﻭﺗﺤﻠﻴﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ . ﻓﻤﻦ ﺟﻬﺔ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻃﺮﻭﺣﺔ ﺍﻟﺒﻘﺎﻳﺎ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻧﻄﻠﻘﺖ ﻓﻲ ﺩﺭﺍﺳﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻛـ " ﺭﺍﺑﻂ ﺭﻭﺣﻲ " ، ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﺣﻘﻞ ﺍﺷﺘﻐﺎﻟﻬﺎ ﻳﺘﺠﻪ ﺭﺃﺳﺎ ﻣﻦ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺇﻟﻰ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ؛ ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻷﻃﺮﻭﺣﺔ ﺍﻻﻧﻘﺴﺎﻣﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻳﺘﺤﺪﺩ ﺃﻛﺜﺮ ﻛﺮﺍﺑﻂ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺳﻴﺎﺳﻲ، ﻣﻤﺎ ﻳﻄﺮﺡ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻀﻄﻠﻊ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺀ ﻭﺗﺜﺒﻴﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ؛ ﻭﺃﺧﻴﺮﺍ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻷﻃﺮﻭﺣﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻣﻨﻈﻮﺭﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻛﺮﺍﺑﻂ ﺛﻘﺎﻓﻲ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎﺯ .
ﻫﺬﻩ ﺇﺫﻥ ﺃﻃﺮﻭﺣﺎﺕ ﻧﻌﺘﺒﺮﻫﺎ، ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻭ ﺑﺂﺧﺮ، ﺟﺰﺀﺍ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺃ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻹﺳﻼﻡ؛ ﻭﻫﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﻓﻲ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻧﺎ، ﻭﺑﻌﺪ ﺇﺧﻀﺎﻋﻬﺎ ﻟﻤﺮﺍﺟﻌﺎﺕ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﺭﺻﻴﻨﺔ، ﻣﺪﺍﺧﻞ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻹﻓﺎﺩﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻬﺎﻣﺎﺕ ﻃﺒﻌﺎ، ﻟﺒﻨﺎﺀ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮ ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ﺳﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺃﺷﻤﻞ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ .
ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ، ﻭﻓﻲ ﺣﺪﻭﺩ ﻣﺎ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﻟﺔ، ﺳﻨﻜﺘﻔﻲ ﻓﻘﻂ ﺑﺈﺑﺪﺍﺀ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻌﺘﺒﺮﻫﺎ ﺃﻭﻟﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻷﻃﺮﻭﺣﺎﺕ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻛﻞ ﺭﺍﺑﻂ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺧﺎﺹ ﻟﻺﺳﻼﻡ؛ ﻣﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﺴﻤﺢ، ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ، ﺑﺈﻋﺎﺩﺓ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻣﻮﺳﻊ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻣﺞ ﺑﻴﻦ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ .
ﺃﻭﻻ : ﺃﻃﺮﻭﺣﺔ ﺍﻟﺒﻘﺎﻳﺎ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ، ﺃﻭ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻛﺮﺍﺑﻂ ﺭﻭﺣﻲ
ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﻚ، ﻃﺒﻌﺎ، ﺑﺄﻥ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﺠﺰﺕ ﺣﻮﻝ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻃﺮﻭﺣﺔ، ﺑﺪﺃﺕ ﻣﺘﺤﻴﺰﺓ ﺗﺤﻜﻤﻬﺎ ﺭﺅﻳﺔ ﺇﺛﻨﻮ - ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺘﺨﻔﻲ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻀﻤﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﺮﻳﺤﺔ ﺑﺎﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ . ﻭﻟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺩﺷﻨﺖ ﻟﻪ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺍﻻﺳﺘﺸﺮﺍﻗﻲ، ﻟﻴﺴﺘﻤﺮ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻗﻮﻯ ﻭﺃﻭﺿﺢ ﻣﻊ ﺳﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪﺍ، ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺼﻨﻴﻔﻪ ﻫﻨﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﻡ ﺿﻤﻦ ﺍﻷﻃﺮﻭﺣﺔ ﺍﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻴﺔ . ﻭﺑﺨﺼﻮﺹ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ، ﻭﺣﺘﻰ ﺗﺘﻀﺢ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺃﻛﺜﺮ، ﻭﺟﺐ ﺍﻟﺘﻨﻮﻳﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺻﻴﻒ ( ﻛﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻲ ) ﻗﺪ ﻳﻨﺴﺤﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻞ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﻷﺑﺤﺎﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﺠﺰﻫﺎ ﺑﺎﺣﺜﻮﻥ ﺃﻭﺭﻭﺑﻴﻮﻥ، ﻓﺮﻧﺴﻴﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ، ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻭﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺷﻤﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﺑﺎﻷﺳﺎﺱ ﻫﻮ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻋﻦ ﻗﺮﺏ، ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﺿﺒﻂ ﺑﻨﻴﺎﺗﻬﺎ ﻭﺗﻨﺎﻗﻀﺎﺗﻬﺎ ﺑﻐﻴﺔ ﺗﻴﺴﻴﺮ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﺗﻔﻌﻴﻼ ﻟﺸﻌﺎﺭ " ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ." ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻃﺒﻌﺎ، ﻛﺎﻥ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺇﻃﻼﻕ ﺩﻳﻨﺎﻣﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﺍﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻲ، ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻹﻧﺘﺎﺝ " ﺧﻄﺎﺏ ﻛﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻲ " ﺣﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ؛ ﻭﺗﺒﻘﻰ ﻣﻘﻮﻟﺔ " ﺍﻟﺴﻴﺒﺎ " ، ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺗﺪﺍﻭﻻ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ، ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺍﻟﻤﻔﺘﺎﺡ ﻟﻔﻬﻢ ﻣﻀﻤﺮﺍﺗﻪ ﻭﻣﺮﺗﻜﺰﺍﺗﻪ ﺍﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ . ﻓﺎﻟﺴﻴﺒﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﺍﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻲ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﻫﻲ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻻﻧﺸﻘﺎﻕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﺘﻤﺮﺩ ﺍﻟﻘﺒﻠﻲ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﺿﺪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺿﺪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻨﺎﻑ ﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ " ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﺍﻟﺒﺮﺑﺮﻳﺔ ." ﻭﺑﺨﺼﻮﺹ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ، ﻭﻭﻓﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ، ﻓﻘﺪ ﻇﻞ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻣﻘﺴﻤﺎ ﺑﻴﻦ ( ﺑﻼﺩ ﻟﻠﺴﻴﺒﺎ ) ﻭﺗﺘﺸﻜﻞ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺒﺮﺑﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺼﻨﺔ ﺑﺎﻟﺠﺒﺎﻝ، ﻭ ( ﺑﻼﺩ ﻟﻠﻤﺨﺰﻥ ) ﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻭﻣﺤﻴﻄﻬﺎ . ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﻴﻦ، ﻓﻬﻲ ﺩﻭﻣﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺣﺮﺏ ﻭﺻﺪﺍﻡ ﺳﻴﺘﻢ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻋﺒﺮ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﺎﺑﻼﺕ ﻛﺼﺮﺍﻉ ﺑﻴﻦ : ( ﻋﺮﺏ / ﺑﺮﺑﺮ ) ، ( ﻏﺰﺍﺓ / ﺃﻫﺎﻟﻲ ) ، ( ﻣﺨﺰﻥ / ﺯﻭﺍﻳﺎ ) ، ( ﺷﺮﻉ / ﻋﺮﻑ ) ، ( ﺇﺳﻼﻡ ﺭﺳﻤﻲ / ﺇﺳﻼﻡ ﺷﻌﺒﻲ ) ... ﺇﻟﺦ . ﻟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺗﻠﺨﺼﻪ ﺃﻃﺮﻭﺣﺔ ﺭﻭﺑﻴﺮ ﻣﻮﻧﻄﺎﻧﻲ ﺣﻮﻝ " ﺍﻟﺒﺮﺍﺑﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﺨﺰﻥ ﺑﺎﻟﺠﻨﻮﺏ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ 7]" ] ، ﻭﺗﻌﺘﺒﺮ ﻧﻤﻮﺫﺟﺎ ﻟﻐﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ .
ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺃﻳﻀﺎ، ﻧﺠﺪ ﺑﺎﺣﺜﺎ ﺁﺧﺮ، ﻭﻫﻮ ﻣﻴﺸﻮ ﺑﻴﻠﻴﺮ ﻗﺪ ﻗﺴﻢ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮﺏ ﻋﺒﺮ ﺛﻼﺛﺔ ﺗﺼﻨﻴﻔﺎﺕ : ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻫﻨﺎﻙ ﺳﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﻤﺨﺰﻥ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻧﻔﻮﺫ ﺍﻟﻤﺨﺰﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﻓﻲ ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻭﻣﺤﻴﻄﻬﺎ؛ ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺤﺼﺮ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﻈﺎﻫﺮ " ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺮﺳﻤﻲ " ؛ ﻭﺃﺧﻴﺮﺍ ﺍﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺒﺮﺑﺮﻳﺔ ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻬﺎ ﻭﻣﻌﺘﻘﺪﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎ ﻗﺒﻞ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﺗﺒﺪﻭ ﺩﺭﺍﺳﺔ " ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ " ﻫﻨﺎ، ﻭﺑﻤﺎ ﻳﻜﺮﺱ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ﻟﻄﻘﻮﺱ ﻭﻣﻌﺘﻘﺪﺍﺕ ﻭﻣﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﻭﺛﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ : ﺍﻟﺴﺤﺮ ﻭﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﻭﺍﻟﻌﻴﻦ ﺍﻟﺸﺮﻳﺮﺓ ﻭﺗﻌﺪﺩ ﺍﻵﻟﻬﺔ، ﻫﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺃﻃﺮﻭﺣﺔ ﺻﺮﺍﻉ ﺍﻟﺒﺮﺑﺮ ﺿﺪ ﺍﻟﻤﺨﺰﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ " ﺩﻳﻨﻲ " ﺃﻳﻀﺎ [ 8 ] .
ﻟﻘﺪ ﺩﺍﻓﻊ ﺇﺩﻣﻮﻥ ﺩﻭﺗﻲ، ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻤﻮﺳﻮﻡ ﺑـ " ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺴﺤﺮ ﻓﻲ ﺷﻤﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ 9]" ] ، ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﺒﻘﺎﻳﺎ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ، ﻭﻗﺪ ﺍﻋﺘﺒﺮﻫﺎ ﺷﻜﻼ ﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻻﻛﺘﺴﺎﺡ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﺒﺮﺑﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ . ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ، ﺟﺎﺀﺕ ﺃﻃﺮﻭﺣﺘﻪ ﻣﺮﺗﻜﺰﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻠﻤﺘﻴﻦ ﺃﺳﺎﺳﻴﺘﻴﻦ : ﺃﻭﻟﻬﻤﺎ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ " ﺍﻷﺳﻠﻤﺔ " ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺘﺘﻌﺮﺽ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪﺍﺕ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﺨﺼﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﻤﻔﺮﻃﺔ ﻟﻠﺪﻳﺎﻧﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻇﻬﻮﺭ ﻭﺳﻄﺎﺀ . ﻟﻘﺪ ﻓﺸﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺇﺫﻥ ﻓﻲ ﻓﺮﺽ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪﺍﺕ، ﻭﻟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺍﺿﻄﺮﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻌﻬﺎ، ﻣﻘﺪﻣﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﺪﺩﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﺎﺯﻻﺕ ﺳﻤﺤﺖ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪﺍﺕ ﻭﺍﻟﻄﻘﻮﺱ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺗﻜﻴﻴﻔﻬﺎ، ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ، ﻣﻊ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ، ﺃﻭ ﻣﺎ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺑﻤﻔﻬﻮﻡ " ﺍﻷﺳﻠﻤﺔ ." ﻭﺑﺨﺼﻮﺹ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺗﻘﺪﻳﺲ ﻭﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ، ﻓﻘﺪ ﺭﺑﻂ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺎﻣﻞ " ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻤﻔﺮﻁ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ " ، ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻓﻲ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻩ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ " ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ " ، ﻭﻟﻮ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺧﻠﻖ ﻭﺳﺎﺋﻂ " ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ " ﻓﻲ ﺷﺨﺺ ﺭﺟﺎﻝ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺃﻧﻬﻢ ﺍﻷﻗﺮﺏ ﺇﻟﻴﻪ ( ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ) .
ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺇﺫﻥ، ﻭﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﻤﻔﺮﻃﺔ، ﻣﻨﻊ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ﻭﺗﻄﻮﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻤﻂ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺪ ﺃﺳﺎﺳﻪ، ﺣﺴﺐ ﺇﺩﻭﺍﺭﺩ ﻭﻳﺴﺘﺮ ﻣﺎﺭﻙ، ﻓﻲ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪﺍﺕ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎ ﻗﺒﻞ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ [ 10 ] . ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺜﻞ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻮﺳﻄﺎﺀ، ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ، ﺩﺍﻓﻌﺎ ﻧﺤﻮ " ﺃﺳﻠﻤﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪﺍﺕ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ " ﻭﺍﺣﺘﻀﺎﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺼﻮﻓﻲ .
ﺑﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻭﺣﺴﺐ ﺇﻳﻤﻴﻞ ﺩﺭﻣﻨﻐﻦ، ﻓﺈﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺲ ﻫﺬﻩ ﺍﻣﺘﺪﺕ، ﻭﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ، ﻟﺘﺸﻤﻞ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻭﺍﻷﻣﻜﻨﺔ ﺃﻳﻀﺎ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺗﻤﺜﻞ ﺗﺠﻠﻴﺎﺕ ﻟﻠﻤﻘﺪﺱ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻱ ( ﻣﻐﺎﺭﺍﺕ، ﻣﻨﺎﺑﻊ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ، ﺃﺷﺠﺎﺭ .. ) [ 11 ] .
ﻟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺳﺘﺴﻤﺢ ﺑﻪ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪ ﺍﻟﺼﻮﻓﻲ، ﺧﺎﺻﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻔﻘﻬﻲ ﺍﻟﻨﺼﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻔﺮﻃﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺪ . ﻭﻫﻜﺬﺍ، ﻭﻛﻤﺎ ﺩﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻟﻔﺮﺩ ﺑﻴﻞ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻤﻮﺳﻮﻡ ﺑـ " ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﺒﺮﺑﺮ 12]" ] ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ، ﻭﺑﺤﻜﻢ ﻣﺒﺎﺩﺋﻪ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻭﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ﺍﻟﻤﺮﻧﺔ، ﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻧﺘﺸﺎﺭ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺒﺮﺑﺮﻳﺔ ﻷﻧﻪ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺗﻮﺍﻓﻘﺎ ﻣﻊ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺫﻫﻨﻴﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩﺓ ﻭﺍﻟﻤﺠﺒﻮﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺠﺴﻴﺪ؛ ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻇﻞ ﻓﻴﻪ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻔﻘﻬﻲ " ﺍﻟﺮﺳﻤﻲ " ﻣﺤﺼﻮﺭﺍ ﻓﻲ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﻨﺨﺐ ﺍﻟﺤﻀﺮﻳﺔ . ﻟﻘﺪ ﺷﻜﻞ ﺍﻟﺼﻠﺤﺎﺀ ﻭﺷﻴﻮﺥ ﺍﻟﺰﻭﺍﻳﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺇﺫﻥ، ﻭﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺍﺭﺗﺒﻂ ﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺪﺭﺍﺕ ﺧﺎﺻﺔ ( ﺍﻟﺒﺮﻛﺔ ) ، ﻧﻤﻄﺎ ﻓﺮﻳﺪﺍ ﻣﻦ " ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ " ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻣﻌﺘﻘﺪﺍﺕ ﺑﺮﺑﺮﻳﺔ ﻭﺛﻨﻴﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ .
ﺛﺎﻧﻴﺎ : ﺍﻷﻃﺮﻭﺣﺔ ﺍﻻﻧﻘﺴﺎﻣﻴﺔ، ﺃﻭ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻛﺮﺍﺑﻂ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺳﻴﺎﺳﻲ
ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﺷﺪﻳﺪ، ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻻﻛﺘﻔﺎﺀ ﻫﻨﺎ ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻃﺮﻭﺣﺔ، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﻷﺑﺤﺎﺙ ﺃﻧﺠﺰﻫﺎ ﺃﻧﺜﺮﻭﺑﻮﻟﻮﺟﻴﻮﻥ ( ﺃﻧﺠﻠﻮﺳﺎﻛﺴﻮﻥ ) ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﺖ ﺃﻭﺟﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﺘﺮﺓ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ . ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺇﺫﻥ، ﺗﺄﺗﻲ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﻛﻞ ﻣﻦ : ﺇﺭﻧﺴﺖ ﻛﻠﻨﺮ ﻭﺩ . ﻫﺎﺭﺕ ﻭﺭﺍﻳﻤﻮﻥ ﺟﺎﻣﻮﺱ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺟﻮﻥ ﻭﺍﺗﺮﺑﻮﺭﻱ [ 13 ] .
ﻟﻘﺪ ﺍﻧﻄﻠﻖ ﻫﺆﻻﺀ ﻣﻦ ﺗﻤﻴﻴﺰ ﺻﺎﺭﻡ ﺑﻴﻦ ﺑﻨﻴﺘﻴﻦ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺘﻴﻦ ﻣﺘﻌﺎﺭﺿﺘﻴﻦ، ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﻖ ﺍﻧﻘﺴﺎﻣﻲ ﻳﺠﻬﻞ ﺃﻱ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ، ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﻮﺍﺯﻱ ﺫﻟﻚ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻣﻦ ﺗﺠﺰﻳﺊ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ، ﻭﺑﻨﻴﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺗﺮﺍﺗﺒﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﺪﻥ ﻭﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻤﺨﺰﻥ؛ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻳﻄﺎﻝ ﻫﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ، ﺣﻴﺚ ﻳﺴﻮﺩ ﻧﻤﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ( ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ ) ﺍﻟﺼﻮﻓﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ( ﺍﻟﺮﺳﻤﻲ ) ﺍﻟﻔﻘﻬﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ . ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺇﺫﻥ، ﻓﺎﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻻﻧﻘﺴﺎﻣﻴﺔ ﻟﻠﻘﺒﻴﻠﺔ ﺗﺤﻮﻝ ﺿﺪ ﺃﻱ ﺗﻤﺮﻛﺰ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ، ﻭﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻳﻨﻌﻜﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪﻭﻟﺔ . ﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﻦ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ، ﺑﺨﺼﻮﺹ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻛﻬﺬﺍ ﺗﺨﺘﺮﻗﻪ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺴﻤﺎﺕ، ﻭﻓﻲ ﻇﻞ ﻏﻴﺎﺏ ﺳﻠﻄﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ؟ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﺗﻜﻤﻦ، ﺣﺴﺐ ﻫﺆﻻﺀ، ﻓﻲ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻨﺴﻖ ﺍﻻﻧﻘﺴﺎﻣﻲ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺯﻥ ﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﺍﻻﻧﻘﺴﺎﻣﻴﺔ، ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﺼﻄﻠﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﺭﻧﺴﺖ ﻛﻠﻨﺮ ﺑـ " ﻣﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﺨﻮﻑ " ، ﻫﺬﺍ ﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻤﻲ ﻭﺍﻟﺘﺴﻜﻴﻨﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻀﻄﻠﻊ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، ﺧﺎﺻﺔ " ﺍﻟﺼﻠﺤﺎﺀ " ﻭ " ﺷﻴﻮﺥ ﺍﻟﺰﻭﺍﻳﺎ " ﻟﻤﺎ ﻳﺘﻤﺘﻌﻮﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺩ .
ﺷﺪﺩ ﺇﺭﻧﺴﺖ ﻏﻠﻨﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺭﺍﺑﻄﺎ ﺃﺳﺎﺳﻴﺎ، ﺇﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺃﻭ ﺳﻴﺎﺳﻲ
ﻫﻨﺎ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﺗﺘﺄﻛﺪ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻛـ " ﺭﺍﺑﻂ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ " ، ﺣﻴﺚ ﺗﺘﺤﺪﺩ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﺼﻠﺤﺎﺀ ﻓﻲ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻭﺍﻟﺴﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﻦ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻟﻤﺎ ﻳﺘﻤﺘﻌﻮﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺔ ﺭﻭﺣﻴﺔ ( ﺩﻳﻨﻴﺔ ) ﺗﻤﻨﺤﻬﻢ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻢ ﻭﺍﻟﺼﻠﺢ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﺀ . ﻟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺣﺎﻭﻝ ﺗﻮﺿﻴﺤﻪ ﺭﺍﻳﻤﻮﻥ ﺟﺎﻣﻮﺱ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺍﻟﻌﺮﺽ ﻭﺍﻟﺒﺮﻛﺔ " ، ﺣﻴﺚ ﻣﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﻧﻈﺎﻣﻴﻦ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﻴﻦ، ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﺍﻟﻤﺆﺳﺲ ﻟﻠﻨﺴﻖ ﺍﻻﻧﻘﺴﺎﻣﻲ ( ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ ) ، ﻭﻫﻮ ﻧﻈﺎﻡ ﻏﻴﺮ ﺗﺮﺍﺗﺒﻲ ﻭﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﺒﺎﺩﻝ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻣﻊ ﻧﺰﻭﻉ ﻧﺤﻮ ﺗﺠﺰﻳﺊ ﺃﻭ ﺗﻜﺴﻴﺮ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ، ﻭﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺒﺮﻛﺔ ( ﻛﻤﺎ ﻳﻤﺜﻠﻪ ﺍﻟﺸﺮﻓﺎﺀ ) ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻤﺪ ﺧﺼﻮﺻﻴﺘﻪ ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻳﺪﺓ، ﻫﺬﺍ ﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻴﺘﻪ ﺍﻟﺘﺮﺍﺗﺒﻴﺔ ﻭﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﻮﻳﺔ . ﺇﻧﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻧﻤﻂ ﺧﺎﺹ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺳﺎﻃﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻢ، ﻭﻫﻲ ﺳﻠﻄﺔ ﻣﻠﺰﻣﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻟﻤﺎ ﻳﺤﺘﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺸﺮﻓﺎﺀ، ﻓﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ، ﻣﻦ ﻗﺪﺭﺍﺕ ﺧﺎﺭﻗﺔ ( ﺍﻟﺒﺮﻛﺔ ) ﺗﻔﺴﺮﻫﺎ ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﻢ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ . ﻟﻜﻦ، ﻭﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﻏﻠﻨﺮ ﻭﻫﺎﺭﺕ، ﻳﺮﻯ ﺟﺎﻣﻮﺱ ﺑﺄﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻻ ﺗﺒﻘﻰ ﻋﻨﺪ ﺣﺪﻭﺩ " ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ " ﺑﻞ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺳﻠﻄﺔ ﺯﻣﻨﻴﺔ، ﺧﺎﺻﺔ ﺣﻴﻦ ﻳﺘﻢ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ( ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ) ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻱ ( ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ) ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺘﻢ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﺑـ " ﺍﻟﺒﺮﻛﺔ " ﻣﻦ " ﺍﻟﺮﺍﺑﻂ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ " ﺇﻟﻰ " ﺍﻟﺮﺍﺑﻂ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ " ﻓﻲ ﺷﺨﺺ " ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ " ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺃﻣﻴﺮﺍ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﺷﺮﻳﻒ ﺑﺮﻛﺔ؛ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺼﺒﺢ ﻧﺠﺎﺡ ﺑﺮﻛﺘﻪ ﻣﺆﺷﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺡ ﻗﻮﺗﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ، ﻭﺍﻟﻌﻜﺲ ﺻﺤﻴﺢ . ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺁﺧﺮ، ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺟﻮﻥ ﻭﺍﺗﺮﺑﻮﺭﻱ ﺃﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻌﺘﺒﺮﺍ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﻠﻚ، ﻭﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻞ " ﺇﻣﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ " ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻨﺤﻪ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﺳﻢ " ﺍﻟﺤﺎﻛﻤﻴﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ " ، ﻓﻬﻮ ﺃﻳﻀﺎ ﻛﺸﺮﻳﻒ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺭﺋﻴﺲ ﻟـ " ﺯﺍﻭﻳﺔ ﻛﺒﺮﻯ " ﻳﺤﺘﻜﻢ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺨﺼﻮﻡ ﻭﺍﻟﻔﺮﻗﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮﻥ، ﻭﻟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻌﺰﺯ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻟﺪﻳﻪ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ " ﺣﻜﻤﺎ " Arbitre ﻣﺤﺎﻳﺪﺍ . ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻓﻘﺪ ﺷﺪﺩ ﺇﺭﻧﺴﺖ ﻏﻠﻨﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺭﺍﺑﻄﺎ ﺃﺳﺎﺳﻴﺎ، ﺇﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺃﻭ ﺳﻴﺎﺳﻲ، ﻭﻟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺗﻠﺨﺼﻪ ﺃﻃﺮﻭﺣﺘﻪ ﺣﻮﻝ " ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ " ، ﺣﻴﺚ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﺸﻜﻞ ﻣﺨﻄﻄﺎ ﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﻧﻤﻮﺫﺟﺎ ﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ .
ﺛﺎﻟﺜﺎ : ﺍﻷﻃﺮﻭﺣﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻴﺔ، ﺃﻭ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻛﺮﺍﺑﻂ ﺛﻘﺎﻓﻲ
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻃﺮﻭﺣﺔ، ﺳﻴﺘﺮﻛﺰ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﺣﻮﻝ ﺍﻷﺑﻌﺎﺩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، ﻭﻛﻴﻒ ﺗﺘﺄﺛﺮ ﺃﻧﻤﺎﻁ ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﻭﺗﺨﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺍﻷﻧﺴﺎﻕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ . ﻓﻔﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ " ، ﺣﺎﻭﻝ ﻏﻴﺮﺗﺰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻟﻠﺪﻳﻦ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ، ﻛﻤﺎ ﺍﻋﺘﺒﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ، ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ، ﺑﻴﻦ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺣﻴﺎﺓ ﻣﻌﻴﻦ ﻭﻣﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﺎ ﻣﺎﻭﺭﺍﺋﻴﺔ ﻣﺤﺪﺩﺓ . ﻭﺑﺎﻟﻤﺜﻞ ﻓﻘﺪ ﺃﻛﺪ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻨﺴﻖ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﻪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻲ، ﻣﻤﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻔﻬﻢ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺮﺓ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺘﻐﻴﺮ ﺍﻷﻧﻤﺎﻁ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ . ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﺭ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺇﺫﻥ ﺷﺒﻜﺔ ﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ، ﻭﻟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺣﺎﻭﻝ ﺗﺄﻛﻴﺪﻩ - ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻼﺣﻈﺎ - ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻘﺎﺭﻧﺘﻪ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﻦ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻭﺍﻷﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻲ . ﻓﻤﻦ ﺧﻼﻝ ﻧﻤﻮﺫﺟﻲ " ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﻴﻮﺳﻲ " ﻭ " ﻛﺎﻟﻴﺠﺎﻏﺎ " ، ﻛﺄﺣﺪ ﻭﺟﻬﻲ ﺍﻟﻘﺪﺍﺳﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪﻳﻦ، ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻔﻌﻮﻝ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﻧﺤﺖ ﺗﺠﺮﺑﺘﻴﻦ ﺩﻳﻨﻴﺘﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﺘﻴﻦ؛ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻣﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﻌﻤﻘﻬﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﺒﺮﺑﺮﻱ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺑﺜﻘﺎﻓﺔ ﻫﻨﺪﻭﺳﻴﺔ ﺟﺎﻭﻳﺔ [ 14 ] . ﻭﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﻨﻮﺍﻝ، ﺳﻴﺤﺎﻭﻝ ﺩﻳﻞ ﺇﻳﻜﻠﻤﺎﻥ ﻓﻬﻢ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺰﻭﺍﻳﺎ ﻭﺍﻟﺼﻠﺤﺎﺀ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮﺏ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﻓﻲ ﺗﺼﻮﺭﻩ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﻟﻀﻤﻨﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻨﻔﺎﺫ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﻇﻢ ﺇﻻ ﻋﺒﺮ ﻓﻬﻢ ﻭﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﻋﻤﻘﻬﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ . ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ، ﺳﻴﻌﺘﺒﺮ ﻣﻔﻬﻮﻡ " ﺍﻟﺒﺮﻛﺔ " ﻛﻨﻮﺍﺓ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻨﻤﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ، ﻭﺑﻤﺎ ﺍﺭﺗﺒﻂ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻭﺩﻻﻻﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻣﻔﺘﺎﺣﺎ ﻟﻔﻬﻢ ﻭﺗﺄﻭﻳﻞ ﻛﻴﻒ ﻳﺼﺎﻍ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻭﺗﻌﺎﺩ ﺻﻴﺎﻏﺘﻪ ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ . ﻭﻟﻌﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﻨﻄﺒﻖ، ﻭﺑﺸﻜﻞ ﺃﻭﺳﻊ، ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ ﻟﻠﻤﻐﺎﺭﺑﺔ، ﺣﻴﺚ ﺗﺘﺤﺪﺩ ﻧﻈﺮﺗﻬﻢ ﻟﻠﻜﻮﻥ " ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ " ﻋﺒﺮ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﻫﻲ : " ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ " ، " ﺍﻟﻌﻘﻞ " ، " ﺍﻟﺤﺸﻮﻣﻴﺔ " ، " ﺍﻟﺤﻖ " ﻭ " ﺍﻟﻌﺎﺭ 15]" ] . ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺇﺫﻥ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻧﺴﻘﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ، ﻳﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻪ ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﻭﻟﻠﻌﺎﻟﻢ، ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺗﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﺛﻘﺎﻓﺘﻬﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺼﺒﺢ ﻋﻨﺼﺮﺍ ﻣﺘﻜﻴﻔﺎ ﻣﻌﻬﺎ، ﺑﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻓﺎﻟﺪﻳﻨﻲ ﻛـ " ﺭﺍﺑﻂ ﺛﻘﺎﻓﻲ " ، ﻗﺪ ﻳﺸﻜﻞ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺃﺧﺮﻯ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ " ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ " ؛ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺩﺍﻓﻊ ﻋﻨﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻤﻮﺩﻱ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﺍﻟﻤﺮﻳﺪ " ، ﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﻄﺎﻃﺔ ( ﺷﻴﺦ / ﻣﺮﻳﺪ ) - ﺍﻟﻤﺘﺴﺮﺑﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ( ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ) - ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺃﺳﺎﺱ ﺗﺸﻜﻞ ﻭﺷﺮﻋﻨﺔ " ﺍﻟﺘﺴﻠﻄﻴﺔ " ﺍﻟﻤﻤﻴﺰﺓ ﻟﻸﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ [ 16 ] .
ﺧﺘﺎﻣﺎ، ﻭﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﺣﻮﻝ ﺍﻷﻃﺮﻭﺣﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺣﺎﻭﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻛﻞ " ﺭﺍﺑﻂ " ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺧﺎﺹ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﺟﺐ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺃﻥ ﺃﻱ ﻓﻬﻢ ﻟـ " ﺍﻹﺳﻼﻡ " ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺗﺠﺰﻳﺌﻪ ﻭﺍﺧﺘﺰﺍﻟﻪ ( ﻛﻤﻮﺿﻮﻉ ) ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺗﻠﻚ " ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ " ، ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺭﺅﻳﺔ ﻣﻮﺳﻌﺔ ﻭﻋﺒﺮ - ﺗﺨﺼﺼﻴﺔ transdisciplina
.ire ﻫﻜﺬﺍ ﻓﻘﻂ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﺩﺭﺍﻛﻪ ﻛﺘﺮﻛﻴﺐ ﺟﺪﻟﻲ ﻟﻜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ، ﻣﻤﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻭﺩﻳﻨﺎﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻼﺕ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ، ﻣﻦ ﺟﻬﺔ، ﻭﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺳﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻣﺄﺧﻮﺫﺓ ﻓﻲ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻲ [ 17 ] . ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻃﺒﻌﺎ، ﻳﺄﺗﻲ ﻧﻘﺪﻧﺎ ﻟﻸﻃﺮﻭﺣﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ، ﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﺍﻷﻧﺜﺮﻭﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ﺣﻮﻝ ﺍﻹﺳﻼﻡ؛ ﻭﻫﻲ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺿﻤﻨﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺻﺪﺭ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻬﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺣﻮﻝ " ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ 18]" ] .
[ 1 ] ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ : The Idea of an Anthropology of Islam - ( ﺗﻌﺮﻳﺐ ﺳﺎﻣﺮ ﺭﺷﻮﺍﻧﻲ ) ، ﻭﻫﻮ ﻣﺤﺎﺿﺮﺓ ﺃﻟﻘﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺟﻮﺭﺝ ﻃﺎﻭﻥ ﺑﻮﺍﺷﻨﻄﻦ ﺳﻨﺔ 1985 ، ﻭﻃﺒﻌﺖ ﻓﻲ ﺁﺫﺍﺭ 1986 )
[ 2 ] E. Gellner, Muslim Society- Cambridge University Press 1981
[ 3 ] ﺑﺮﺍﻳﻦ ﺗﻴﺮﻧﺮ : ﻋﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ، ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻟﻔﻜﺮ ﻣﺎﻛﺲ ﻓﻴﺒﺮ، ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﺎﻗﺎﺩﺭ، ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻘﻠﻢ، ﺑﻴﺮﻭﺕ 1987 ، ﺹ . 21
[ 4 ] ﻛﻠﻴﻔﻮﺭﺩ ﻏﻴﺮﺗﺰ : ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ، ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺪﻭﻱ، ﻣﺮﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﺑﻴﺮﻭﺕ 2009 ، ( ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ، ﺹ -221 288
[ 5 ] ﻭﺟﺐ ﺍﻟﺘﻨﻮﻳﻪ ﻫﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ، ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، ﻫﻮ ﻓﺼﻞ ﻣﻨﻬﺠﻲ ﺑﺎﻷﺳﺎﺱ؛ ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺗﺤﺪﻳﺪﺍ ﺑﻨﻤﺎﺫﺝ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻔﻴﺒﻴﺮﻱ، ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﺭﺍﺑﻂ ﺑﻤﻌﺰﻝ ﻋﻦ ﺍﻵﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﻴﻨﻲ .
[ 6 ] ﻏﻴﺮﺗﺰ : ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ، ﻭﺍﻧﻈﺮ ﺃﻳﻀﺎ : 2009 – - C. Geertz, Islam Observed- New Haven ; Yale University Press, 1968
[ 7 ] R.Montagne: Les Berbères et le Makhzen dans le sude du Maroc, essai sur la transformation politique des Berbères sédentaires groupe Cheluh ; Ed. Alcan, Paris 1930
[ 8 ] ﻣﻴﺸﻮ ﺑﻴﻠﻴﺮ، ﺍﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ، ﻣﺠﻠﺔ ﺃﺑﺤﺎﺙ، ﻋﺪﺩ ( -9 10 ) – ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ، 1986 ﺹ ﺹ ( 28 – 41 )
[ 9 ] Edmond Douté: Magie et religion dans l’Afrique du nord, 1909
[ 10 ] Edward Westermarck: Pagan survivals in Mohammedan civilization, London, 1933
[ 11 ] Emile Dermenghem: Le culte des Saints dans l’Islam Maghrebin ; Ed.Gallimard-Paris, 1954
[ 12 ] Alfred Bell: La religion musulmane en Berbèrie, Paris, 1938
[ 13 ] Voir à ce propos :
- Raymond Jamouss: Honneur et Baraka: les structures sociales traditionnelles dans le Rif ; Ed la maison des eciences de l’homme, Paris 1981
- D.M. Hart: the Ait Waryaghar of the Moroccan Rif, in Ethnography and history; Tucson University of Arizona press, 1976
- Erneste Gelner: the Saints of Atlas; London, Weindefeld and Nicolson, 1969
- ﺟﻮﻥ ﻭﺍﺗﺮﺑﻮﺭﻱ : ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ، ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﺎﺟﺪ ﻧﻌﻤﺔ ﻭﻋﺒﻮﺩ ﻋﻄﻴﺔ، ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ، ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ، ﺑﻴﺮﻭﺕ
[ 14 ] ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﻛﺘﺎﺑﻲ ﻏﻴﺮﺗﺰ ﺍﻟﻤﺤﺎﻝ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺎﻣﺶ ( 6 )
[ 15 ] ﺩﻳﻞ ﺇﻳﻜﻠﻤﺎﻥ : ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ، ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻋﻔﻴﻒ، ﺩﺍﺭ ﺗﻮﺑﻘﺎﻝ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ، ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ 1989
[ 16 ] ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻤﻮﺩﻱ : ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﺍﻟﻤﺮﻳﺪ - ﺍﻟﻨﺴﻖ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ، ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﺠﻴﺪ ﺟﺤﻔﺔ، ﺩﺍﺭ ﺗﻮﺑﻘﺎﻝ ﻟﻠﻨﺸﺮ، ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ 2000
[ 17 ] ﻧﻌﻄﻲ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻫﻨﺎ ﺑﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻤﻮﺍﺳﻢ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ، ﻭﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺘﻘﺪﺍﺕ ﻭﻣﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻋﺘﺒﺮﺕ، ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ " ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ " ، ﻛـ " ﻣﺨﻠﻔﺎﺕ ﻭﺛﻨﻴﺔ .." ﻓﺒﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﺧﺘﺰﺍﻝ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﺪﻭﺩ ﻫﺬﺍ " ﺍﻟﺮﺍﺑﻂ ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ " ، ﻗﺪ ﻧﻘﻒ ﻋﻠﻰ " ﺃﺑﻌﺎﺩ ﺃﺧﺮﻯ " ﻣﺘﺪﺍﺧﻠﺔ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻫﻮ " ﻏﻴﺮ ﻋﻘﻼﻧﻲ " ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺍﺑﻂ، ﻗﺪ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ " ﻣﻌﻘﻮﻟﻴﺔ " ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﻭ " ﻋﻘﻼﻧﻴﺘﻬﺎ " ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﻷﺧﺮﻯ : ﻓﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﺳﻢ ﻭﺍﻷﺿﺮﺣﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﺮﺱ ﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺃﻭ " ﺍﻟﺘﻮﺍﻃﺊ " ﺑﻴﻦ " ﻻ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ﺍﻟﻄﻘﺲ " ﻭ " ﻣﻌﻘﻮﻟﻴﺔ " ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ( ﺍﻻﺳﺘﺸﻔﺎﺀ ﻭﺍﻻﻗﺘﻼﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻴﻖ ) ؛ ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﺗﺠﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﻘﺲ " ﺍﻟﻼ ﻋﻘﻼﻧﻲ " ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ " ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ " ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺇﻣﻜﺎﻧﺎ ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ( ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻤﻮﺍﺳﻢ ) ؛ ﻛﻤﺎ ﻳﺼﺒﺢ ﺑﺎﻟﻤﺜﻞ ﻋﻨﺼﺮﺍ ﺃﺳﺎﺳﻴﺎ ﻓﻲ ﻫﻨﺪﺳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ، ﻛﻮﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻀﺒﻂ ﻭﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ( ﺍﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﺘﺼﻮﻑ ) .
[ 18 ] ﻣﺤﻤﺪ ﺟﺤﺎﺡ : ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ - ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺃﺑﺤﺎﺙ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ، ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﺸﺮﻕ، ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ 2019
0 Comments
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.