مقترحات لتجويد مجال التوجيه التربوي بالمغرب !
حيف ما بعده حيف ذلك الذي لحق فئة
المستشارين في التوجيه التربوي بعد جعل التكوين المركزي بالرباط لمدة سنتين
كاملتين وفي مركز وطني "عقوبة حقيقية" لمن اختار الانتساب لهذ الفئة
القلية العدد، المحورية الأدوار في تنزيل وإنجاح مخططات وبرامج ومشاريع وزارة
التربية الوطنية. فوفق مشروع النظام الاساسي الجديد المصادق عليه، جميع الفئات
التعليمية والتربوية يمكنها الصعود مهنيا (عبر إمكانية تغيير الفئة)، عدا فئة المستشارين
في التوجيه التربوي التي حكم عليه بالهبوط الالزامي والتعسفي إلى حيث انطلقت دون
وجود أي أفق أو بديل مستقبلي للرقي المهني رغم استفائها لتكوينين اثنين.
هذا الهبوط/السقوط المجحف، خلف ودون جدال،
احباطا عميقا وفشلا كبيرا ومأساة/تراجيديا حقيقية في أوساط المستشارين في التوجيه
التربوي لأنهم سيجدون أنفسهم مجددا في شبكة علاقات تحكمها الصراعات المجانية
والتجاذبات المضنية واللاتفاهم الهدام مع
هيئة أخرى مقابلة (هيئة الإدارة المدرسية والتدبير)، بعدما كان التفاهم والتنسيق
والتعاون الدائم سيد الموقف وفق النظام الأساسي السابق. والواضح أن مهندسو النظام
الجديد رسبوا في درس علم النفس الاجتماعي (عقدة التفوق، الرغبة في الهيمنة،
الحرمان والتعويض، الانهاك، الوضع الاجتماعي، الاشباع النفسي، المقاومة...)،
وفشلوا في فهم زبدة درس دينامية المجموعات والقبائل التربوية (الصراع،
القيادة/الريادة، الأفضلية، التابع والمتبوع، التراتبية والأحقية/المشروعية...).
كما لم يطلعوا على سيكولوجية الإنسان المقهور ثم المهدور، وغابت عنهم النصوص
الأدبية حول انفعالات الشخصية (البطلة) التائهة
أو الخاسرة. وفيما يلي مجموعة من المقترحات التي يمكن للوزارة الوصية الأخذ بها لتجويد
ميدان التوجيه التربوي وكذلك لإنصاف فئة طالها الحيف لعقدين من الزمن رغم نضالها
المستميث وترافعها الدائم عن حقوقها ومكتسباتها التاريخية دون أن تلقى أي اهتمام
أو التفاتة (باعتبارها الفئة الأكثر والأطول نضالية، دون أن تنال أي حق لها بل
بالعكس تم تمزيق ملفها المطلبي في مشهد درامي رهيب تحكي فصوله صفحات مرسوم النظام
الأساسي الجديد):
·
مراجعة هيئة انتماء المستشارين في التوجيه
التربوي بما يضمن مراعاة التراتبية المنطقية والسليمة لتفادي الصراع والنزاع مع
أطر الإدارة المدرسية والتدبير مستقبلا، وتصنيف المستشارين في هيئة التفتيش
والتأطير والمراقبة والتقييم نظرا لتقاطع مهامهم مع مهام المفتشين التربويين
ولخضوعهم لتكوين سنيتن في مركز وطني أيضا، ونظرا لكون شروط التحاق المستشارين في
التوجيه التربوي بمركز التوجيه والتخطيط التربوي هي الأعلى والأكثر انتقائية؛
·
(أو) الحفاظ على هيئتهم الأصلية (هيئة
التوجيه والتخطيط التربوي وإعادة التنصيص عليها في المرسوم المتعلق بموظفي
قطاع التربية الوطنية بدل تمزيقها واخفاء أثرها ومعالمها).
·
إنصاف المستشارين في التوجيه التربوي
بإعطائهم تعويضات تماثل أو تفوق التعويضات المخصصة للمفتشين التربويين، نظير
التكوين المركزي الفريد الذي تلقوه ونظير الشروط الصعبة والانتقائية الكبيرة
المطلوبة في ولوج مركز التوجيه والتخطيط التربوي مقارنة بمركز تكوين المفتشين التربويين.
·
الانصات إلى أطر التوجيه التربوي
المزاولين الفعليين في الميدان عند كل
إصلاح أو مخطط يهم التوجيه التربوي، أي الذين يمارسون أو سبق لهم أن مارسوا
الاستشارة في التوجيه في القطاعات المدرسية في أصعب المجالات الجغرافية وأكثر
الأقاليم تشتتا وهشاشة، لأنهم الأعلم بالميدان واحتياجاته وخباياه ومعاناته وكيفية
تطوير الممارسات.
·
إصدار المقررات والمذكرات المتعلقة بالتوجيه
انطلاقا من الواقع والميدان (من حيث الموجود والغائب، المتوفر والمطلوب)، بناء على
ملاحظات واقتراحات وتوجيه المستشارين في فالتوجيه التربوي وحدهم، باعتبارهم أهل
الاختصاص التطبيقي والاحتكاك الميداني بالفاعلين
والمتدخلين والمستفيدين وبالإكراهات والنواقص، وأصحاب الاطلاع المتجدد
بالنصوص النظرية الخاصة بالمجال.
·
حذف الثنائية الفارغة مستشار-مفتش في
التوجيه التربوي لأنها غير سليمة وغير منطقية وغير منهجية وغير منتجة في مجال
التوجيه التربوي وإرجاع الحق التاريخي في تغيير الإطار إلى مفتش في التوجيه
التربوي لكل المستشارين في التوجيه التربوي (الحق الذي تم الإجهاز عليه وفق نظام
2003 دون وجه حق).
·
عدم الانصياع لخطابات وتوجهات تريد جعل عمل
المستشار عملا تقنيا محدودا في الزمان والمكان، وذلك لتفادي هدر طاقات كونتها
الوزارة بنفسها، وللاستثمار في التكوين النوعي والمتميز لهذه الفئة من الشغيلة
التعليمية، وذلك بمنح المستشارين أدوارا ريادية وطلائعية في كل إصلاح تربوي،
ومنحهم وضعية اعتبارية مهمة في المنظومة ومهام حداثية وجديدة لمسايرة
التغيرات في المهن والشغل والمعلومة والبحث والترصيد وانتاج المعرفة: مثل الحق في
الولوج الى كل المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والمالية والعسكرية والأمنية
والتربوية والتنموية والدينية والثقافية والبحثية والسياسية والحزبية والجمعوية
للحصول على المعلومات وإنجاز البحوث والدراسات، والحق في التنسيق معها مهنيا
وبحثيا وتكوينيا/معرفيا.
·
منح المستشارين في التوجيه التربوي أدوارا
تأطيريا وتكوينية وإعلامية أكثر تقدما وانفتاحا
(لفائدة كافة المتدخلين والفاعلين في مجال التوجيه التربوي: أطر إدارية وتربوية،
أباء، أولياء الأمور، جمعيات المجتمع المدني، الإعلام العمومي، المؤسسات
الاقتصادية والشركات المشغلة، منتديات/ملتقيات الإعلام المدرسي والجامعي والمهني...)
لكن بعد انصافهم بإرجاع حق تغيير الإطار إلى مفتش في التوجيه التربوي كحق تم
الاجهاز عليه.
·
عدم فتح سلك التفتيش في التوجيه التربوي
مجددا بشروطه الحالية لأن أطر التوجيه التربوي الحاليين هم الأطر الوحيدة
في الوزارة التي يطلب منها اجتياز ثلاث تكوينات للحصول على مفتش، عكس المفتشين
التربويين الذين يتخرجون كمفتشين تربويين بعد تكوينين فقط (تكوين كأستاذ + تكوين
كمفتش تربوي) وبامتيازات كبيرة تناسب مدة التكوين. وللحد من حالة "الشذوذ
التكويني" هذه، يجب إرجاع الحق في تغيير الإطار إلى مفتش في التوجيه كحق تاريخي
مكتسب تم إقباره وفق نظام 2003 ونظام 2023، وكخيار استراتيجي لتثمين التكوين
المركزي الذي تلقاه المستشارون في التوجيه التربوي وكحل لتحفيز هذه الفئة على
البذل والعطاء والابداع بدل ادخالهم في دوامة لن تنهي من الفشل والاحباط واليأس
والتذمر والفقدان والتيه والهشاشة الاعتبارية والمهنية والعلائقية والنفسية.
·
جعل تكوين المستشارين في التوجيه التربوي
جهويا (في المراكز الجهوية للتربية والتكوين) ولمدة سنة تكوينية فقط، لفائدة حاملي
الإجازة في علم النفس، علم الاجتماع، العلوم الاقتصادية، الفلسفة، الاجتماعيات،
علوم التربية، الدراسات الإسلامية/الشريعة الإسلامية، أو إحداث تخصصات الإجازة في
التربية "تخصص التوجيه والإعلام" في الكليات لحاملي البكالوريا وامكانية
التحاق خريجي هذه التخصصات بمسلك المستشارين في التوجيه التربوي في المراكز
الجهوية.
·
فتح مسلك التفتيش في التوجيه التربوي بمركز
التوجيه والتخطيط التربوي بالرباط ولمدة سنتين تكوينيتين، لفائدة المستشارين في
التوجيه التربوي خريجي المراكز الجهوية للتربية والتكوين أو ذوي الإجازة في
التربية تخصص التوجيه والإعلام، بعد اشتغالهم كمستشارين في التوجيه التربوي مع
مماثلة شروط التحاقهم بسلك التفتيش في التوجيه التربوي بشروط التحاق أطر التدريس
بمركز التفتيش التربوي في إطار توحيد المسارات والمخرجات ومماثلتها، ولضمان
العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ولرفع الحيف والتمييز عن مجال التوجيه التربوي.
·
إحداث مسلك المستشارين في التوجيه التربوي في
كل المراكز الجهوية للتربية والتكوين (سنة تكوينية فقط)، وجعل مركز التوجيه
والتخطيط بالرباط خاصا بسلك التفتيش في التوجيه التربوي (سنتي تكوين)، والرقي به
إلى بنية بحثية وتنموية في مجالي التوجيه والتخطيط التربوي (إنجاز بحوث أكاديمية
حسب الحاجة وبتنسيق مع القطاعات الحيوية، خلق تكوينات الماستر والدكتوراه في علم
النفس وعلم الاجتماع والإعلام والتوجيه التربوي والتخطيط والتنمية والإحصاء
والاقتصاد والديموغرافيا، جعله مركز استشرافي تنبؤي مرجعي: التعمير، الديموغرافيا،
التخطيط الاقتصادي التربوي، الميولات/التوجهات العامة للأفراد والمجتمع، مظاهر
الإدمان، اندثار القيم، دراسة الظواهر الاجتماعية كالاحتجاجات والمظاهرات
والمؤسسات الحزبية والسياسية من وجهة نظر سوسيولوجية وسيكولوجية واقتصادية
وثقافية، إعداد دراسات ثقافية توقعية (توجهات وميولات ورهانات إدماج الجاليات
والأقليات الدينية والمهاجرين الأفارقة في علاقتها بالقيم والتخطيط التربوي
والمناهج والمقررات ومخططات الوزارة إلخ...).
من لا يفهم في مجال ما، لا يحق له الخوض
فيه. ومن لم يمارس مهنة ما "ميدانيا"، فكل تنظير يصدر منه بشأنها مصيره
الفشل والسخرية: خاتمة...
!
(...)
شارد الذهن
يا ويحي
وقد كلمت بيديَّ
الورى،
فاقد اللهفة
يا قلبي
وإن عانقت
أنشودتي العلى....
غبتُ وقت الغَنْم،
جئتُ زمن الخَرّ،
صرت رمزا
للغبن،
نهر يأس وفشل
وفشل وفشل
وفشل." (1)
(1) مقتطف من نص "أنشودة الوجع والفشل".
حمزة الشافعي. تنغير. المغرب.
حمزة الشافعي
تنغير-المغرب
0 Kommentare
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.