لماذا لم يجدوا بديلا عن الأستاذ؟
بقلم: محسن إشحا
بينما يرتقب أن تدخل المسيرة البيضاء ليوم 7 نونبر 2023 بالرباط، كتب التاريخ للمغرب المعاصر، سيذكر التاريخ أيضا أنه في الوقت الذي كان يجري على قدم وساق تقليص الاعتماد على العنصر البشري في العمل داخل الوظائف والمهن، بدواعي الحكامة أو الترشيد، كانت في الخلفية نزعة قوية لزيادة أرباح الطبقة المسيطرة، عبر تقليص النفقات العمومية، وإتقال كاهل الدولة بالقروض، والخنوع لإملاءات المؤسسات المالية الدولية، والتوجه نحو مركزة الثروية في يد فئة محدودة جدا، مع إطلاق أيدي الناهبين على المال العام دون حسيب ولا رقيب.
وإدا نجح هذا التوجه في تحقيق مآربه في المقولات وقطاعات عمومية معينة، ودفع نحو مزيد من الفقر والهشاشة والهجرة القروية، وما صاحب ذلك من تراجع على مستوى الدخل الفردي، وضعف القدرة الشرائية، مع تنامي أنشطة غير مهيكلة ( المهن الموسمية، الوساطة، الباعة المتجولين، حراس السيارات، التسول والبطالة المقنعة والجريمة...) فإن تقليص أعداد العاملين بقطاع التعليم، من أجل تخفيض كثلة الأجور، كان مصيره دائما الفشل، لأن حضور الأستاذ، كفاعل تربوي ومعرفي أساسي، سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، لا يمكن تعويضه بأي معطى تقني، لأن خصوصية العملية التعليمية التعلمية، تفرض علاقة تفاعلية نفسية واجتماعية وأخلاقية، لا يمكن استبدالها بأي تقنية أخرى، ومحاولة تجريب التعليم عن بعد أو التعلم الذاتي أثبتت فشل هذه النماذج محليا وعالميا.
ونظرا لذلك الطلب المتزايد على المدرسة العمومية لأسباب سوسيواقتصادية، ولارتهان مصير الأمة وثقافتها وقيمها ورموزها الوطنية والسياسية، بأدوار هذه المؤسسة التربوية، ما جسدته قوانين إللزامية ومجانية التعليم، بقيت الحكومات ملزمة بالإنفاق على المدرسة وعلى إنشاء مؤسسات عمومية شعبية مجانية ومفتوحة أمام أبناء وبنات الشعب المغربي، رغم محاولة إلقاء هذه النفقات على كاهل الأسرة التي يغلب عليها الفقر وضعف القدرة الشرائية، من خلال خوصصة التعليم، علما أن إنفاق الدولة على التعليم ليس أبدا خيارا أو قرار سياسيا مرحليا أو ظرفيا أو برنامجا لهذه الحكومة أو تلك يمكن احتسابه بمنطقة المصاريف والمداخيل، بل هو معطى جوهري في كيان الدولة والمجتمع لضمان الوجود الثقافي والهوية الإنسانية المغربية وتحقيق التقدم الذي ينشده كل مواطن يرهن حياته بهذه الأرض ومستعد للتضحية من أجلها.
ويقع في صلب هذه العملية عنصر أساسي هو العمود الفقري لبناء المدرسة العمومية هو الأستاذ، الذي لايمكن الحديث عن أي مشروع مجتمعي دون وضعه في مقدمة الاعتبارات، لكن عندما ينظر إليه صناع القرار بمنطق المقاولة، وحسابات التقليص من النفقات العمومية، يجدون أنفسهم في مأزق حقيقي، لأنهم هم من يلجأ لإدماج أعداد كبيرة من الأطر، تحث ضغط حاجة البلاد للتعليم العمومي، وفي نفس الوقت يعتمدون سياسات تقشفية تتجه نحو تقليص الأجور والحد من النفقات، مع إستحالة تطبيق ما نجح في قطاعات أخرى على التعليم مثل إجراءات الرقمنة واعتماد التقنيات الحديثة وتقليص عدد الموظفين وزيادة ساعات العمل والعمل المؤقت بعقود وتفويض شركات المناولة ... وهي خيارات خصصت لها وزارة لتنفد توجهات الرقمنة وتحديث القطاعات. لكن كل هذا يسقط أمام خصوصية التعليم وطبيعته التي لا يمكن الاستغناء فيها عن العنصر البشري الفاعل والمبدع، لذلك لا يجدون من حلول سوى المضي نحو تفقير الأستاذ وقهره وإدلاله وتبخيس أدواره البناءة في الدولة والوطن.
وأمام كل ما سبق يظهر أنه لا بديل عن الأستاذ وعن وضع اعتباري ومادي جيد لنساء ورجال التعليم، ولا بديل عن مدرسة عمومية، مجانية ومنفتحة، و مصير الأمة مرهون بأدوار المدرسة التاريخية في إنتاج عنصر بشري بمواصفات المشروع المجتمعي المؤطر للدولة ولمؤسسات المجتمع.
ولأن هذا التحليل يغيب عند من وضعوا مرسوم النظام الأساسي لموظفي قطاع التعليم، فإنه قد أثار هزة قوية في المجتمع المغربي ككل، ولعل الإضرابات التي تشل قطاع التعليم وما صاحبها من تضامن وتفهم مختلف فئات المجتمع، التي أصبحت تدرك بوضوح المخططات الهادفة إلى محو المدرسة العمومية، وفي ذلك دليل واضح على وعي مجتمعي بقيمة وأهمية المدرس وأدواره الأساسية في بناء الشخصية المغربية المنفتحة والمعتدلة والمتعايشة والمتضامنة...
وإدا نجح هذا التوجه في تحقيق مآربه في المقولات وقطاعات عمومية معينة، ودفع نحو مزيد من الفقر والهشاشة والهجرة القروية، وما صاحب ذلك من تراجع على مستوى الدخل الفردي، وضعف القدرة الشرائية، مع تنامي أنشطة غير مهيكلة ( المهن الموسمية، الوساطة، الباعة المتجولين، حراس السيارات، التسول والبطالة المقنعة والجريمة...) فإن تقليص أعداد العاملين بقطاع التعليم، من أجل تخفيض كثلة الأجور، كان مصيره دائما الفشل، لأن حضور الأستاذ، كفاعل تربوي ومعرفي أساسي، سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، لا يمكن تعويضه بأي معطى تقني، لأن خصوصية العملية التعليمية التعلمية، تفرض علاقة تفاعلية نفسية واجتماعية وأخلاقية، لا يمكن استبدالها بأي تقنية أخرى، ومحاولة تجريب التعليم عن بعد أو التعلم الذاتي أثبتت فشل هذه النماذج محليا وعالميا.
ونظرا لذلك الطلب المتزايد على المدرسة العمومية لأسباب سوسيواقتصادية، ولارتهان مصير الأمة وثقافتها وقيمها ورموزها الوطنية والسياسية، بأدوار هذه المؤسسة التربوية، ما جسدته قوانين إللزامية ومجانية التعليم، بقيت الحكومات ملزمة بالإنفاق على المدرسة وعلى إنشاء مؤسسات عمومية شعبية مجانية ومفتوحة أمام أبناء وبنات الشعب المغربي، رغم محاولة إلقاء هذه النفقات على كاهل الأسرة التي يغلب عليها الفقر وضعف القدرة الشرائية، من خلال خوصصة التعليم، علما أن إنفاق الدولة على التعليم ليس أبدا خيارا أو قرار سياسيا مرحليا أو ظرفيا أو برنامجا لهذه الحكومة أو تلك يمكن احتسابه بمنطقة المصاريف والمداخيل، بل هو معطى جوهري في كيان الدولة والمجتمع لضمان الوجود الثقافي والهوية الإنسانية المغربية وتحقيق التقدم الذي ينشده كل مواطن يرهن حياته بهذه الأرض ومستعد للتضحية من أجلها.
ويقع في صلب هذه العملية عنصر أساسي هو العمود الفقري لبناء المدرسة العمومية هو الأستاذ، الذي لايمكن الحديث عن أي مشروع مجتمعي دون وضعه في مقدمة الاعتبارات، لكن عندما ينظر إليه صناع القرار بمنطق المقاولة، وحسابات التقليص من النفقات العمومية، يجدون أنفسهم في مأزق حقيقي، لأنهم هم من يلجأ لإدماج أعداد كبيرة من الأطر، تحث ضغط حاجة البلاد للتعليم العمومي، وفي نفس الوقت يعتمدون سياسات تقشفية تتجه نحو تقليص الأجور والحد من النفقات، مع إستحالة تطبيق ما نجح في قطاعات أخرى على التعليم مثل إجراءات الرقمنة واعتماد التقنيات الحديثة وتقليص عدد الموظفين وزيادة ساعات العمل والعمل المؤقت بعقود وتفويض شركات المناولة ... وهي خيارات خصصت لها وزارة لتنفد توجهات الرقمنة وتحديث القطاعات. لكن كل هذا يسقط أمام خصوصية التعليم وطبيعته التي لا يمكن الاستغناء فيها عن العنصر البشري الفاعل والمبدع، لذلك لا يجدون من حلول سوى المضي نحو تفقير الأستاذ وقهره وإدلاله وتبخيس أدواره البناءة في الدولة والوطن.
وأمام كل ما سبق يظهر أنه لا بديل عن الأستاذ وعن وضع اعتباري ومادي جيد لنساء ورجال التعليم، ولا بديل عن مدرسة عمومية، مجانية ومنفتحة، و مصير الأمة مرهون بأدوار المدرسة التاريخية في إنتاج عنصر بشري بمواصفات المشروع المجتمعي المؤطر للدولة ولمؤسسات المجتمع.
ولأن هذا التحليل يغيب عند من وضعوا مرسوم النظام الأساسي لموظفي قطاع التعليم، فإنه قد أثار هزة قوية في المجتمع المغربي ككل، ولعل الإضرابات التي تشل قطاع التعليم وما صاحبها من تضامن وتفهم مختلف فئات المجتمع، التي أصبحت تدرك بوضوح المخططات الهادفة إلى محو المدرسة العمومية، وفي ذلك دليل واضح على وعي مجتمعي بقيمة وأهمية المدرس وأدواره الأساسية في بناء الشخصية المغربية المنفتحة والمعتدلة والمتعايشة والمتضامنة...
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.