الواقع التعليمي المتأزم.... هل من متطوع لإنقاذ السفينة؟
نورالدين الطويليع
تعيش الساحة التعليمية تشجنا وتوترا غير مسبوقَيْنِ في صفوف المدرسين والتلاميذ وأوليائهم، بسبب الأفق المظلم لمستقبل العملية التعليمية ولاستحقاقاتها المتنوعة، في ظل ما يبدو عجزا حكوميا واضحا في حلحلة المشكل وإرجاع النبض للقلب التعليمي المتوقف.
التدخل الحكومي العاجل صار ضرورة وطنية، لا تقبل التسويف والتأجيل، وإلا فإننا على أعتاب نهاية الأسدوس الأول، والتلاميذ تنتظرهم الفروض والامتحانات، ولا معنى للانتظار أكثر مما كان، وسيكون ضربا من العبث انتظار اللحظات الأخيرة ل "إنقاذ السنة الدراسية" بما اتفق، لأن هذه الخطوة ستكون سياسية، ولن يكون لها أي أثر تربوي، بل إنها التفاف على حق المتعلم في التمدرس، وتخبيب له، فما فائدة معدلات بلا مدلول، ونقط بلا قاعدة تحصيلية؟.
أعتقد أن أول ما يجب فعله من قِبَلِ الحكومة هو سحب البنود الخلافية، كبادرة حسن نية، والإعلان عن جلسات حوار عاجلة ومفتوحة بمشاركة ممثلين عن النقابات والتنسيقيات، ونشدد هنا على حضور التنسيقيات، لأن من يظل خارج المطبخ تخامره الشكوك حول الوجبة وطريقة إعدادها وطبخها وتوزيعها، أما من يعاين عن قرب، ويفاوض، ويستمع للرأي الآخر، فسيكون مقتنعا، وهذا الاقتناع سينصرف إلى الجميع.
لابد من إرضاء الخواطر وجبرها، ولابد من وضع حد للتصريحات المستفزة التي تزيد الوضع اشتعالا، من قبيل ما صدر عن وزير العدل الذي زاد المشكل تعقيدا، وأشعل عود ثقابه، فأضرم نارا أخرى، وخلق بشكل مجاني فجوة كبيرة بين الحكومة والمدرسين، وكأننا بصدد جيشين متحاربين، كل طرف منهما يحاول هزم الآخر، وكأننا بالحكومة طرفا مُعتدى عليه، تحتاج إلى أن يؤازر وزراؤها بعضهم بعضا لمواجهة "العدوان الغاشم"، وهذا هو الإفلاس بعينه.
الحديث عن وجود أطراف، تُسَعِّرُ الصراع، وتستفيد منه تحصيل حاصل، وكما قال جاكي مايسون: "النصر يذهب للاعب الذي يرتكب الخطأ قبل الأخير"، فتسجيل هدف في مرمى الحكومة يخدم مصلحة من خسروا المباراة السابقة، وهذا أمر طبعي، وقد عاينا كيف كانت حناجر وزراء في الحكومة الحالية تصدح منكرة الظلم المسلط على المواطن في العهد السابق، وكيف كانت تبشره، إن استحال أمر الحكومة إليها، بجنةٍ قوامها رغد ورخاء وطمأنينة عيش...، والتاريخ يعيد نفسه الآن، لهذا يجب الانصراف إلى حل المشكل دون البحث في التفاصيل، حتى لا نشتبك والشيطانَ في نطاقها المظلم.
كلنا أمل في انبلاج فجر تعليمي مشرق، يطرد غشاوة الظلام، ويؤسس واقعا جديدا، عنوانه الصفاء والكرامة والسؤدد.
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.