فعل الكتابة بين إغوائية الحلم ونزوع التغيير ــــ مقتربات في المجموعة القصصية "أحلام مؤجلة"
للكاتب لحسن بنيعيش ـــ د. محمد معطلا
الدرجة العلمية: حاصل على الدكتوراه
التخصص العلمي: النقد الأدبي والدراسات الثقافية
كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس- فاس
رقم الهاتف: 0662084053
موجز السيرة الذاتية: محمد معطلا، حاصل على الدكتوراه
مجال اللغات والآداب والتواصل والإعلام، تخصص النقد الأدبي والدراسات الثقافية،
كلية الآداب سايس ــ فاس، 2022م، حاصل على الماستر تخصص: الأدب والمجتمع، كلية
الآداب مكناس 2013م، حاصل على الإجازة تخصص اللغة العربية وآدابها، كلية الآداب
مكناس، 2006م. شارك في عدة ندوات ومؤتمرات وطنية ودولية. له مقالات منشورة في كتب
جماعية ومجلات منها: "فتنة المكان وتشكيلات الهوية في شعر مالكة حبرشيد"، مجلة مدارات الثقافية العدد 40
يونيو 2023. "البينية والهجنة في الدراسات الثقافية الحدود وإجرائية المفهوم"، ضمن كتاب جماعي
"اللسانيات والعلوم قضايا التجسير وآفاق الامتداد والاستثمار" أعمال
المؤتمر الدولي الرابع لمركز المولى إسماعيل للدراسات والأبحاث. "الأدب النسائي أو الكتابة
النسائية، شرعية الوجود وممكنات دراسته نقديا"، مجلة مدارات الثقافية
العدد 37. "صراع الأنساق في رواية المغاربة لعبد الكريم جويطي"، ضمن كتاب جماعي "الهوية
والحلم في الرواية المغربية" أعمال الملتقى الأول للرواية بجهة بني ملال
خنيفرة، إشراف مختبر السرديات الدار البيضاء ومنتدى أطلس للثقافة والفنون بخنيفرة.
"تنازع الثقافي والجمال الشعري في تجربة فتح الله بعزة الشعرية - مقاربة في
الموضوعات"،
ضمن كتاب جماعي "الاتصال الأدبي وحركية اللغة" أشغال اليوم الدراسي الذي
نظمه مختبر اللغة والتواصل وتقنيات التعبير، مركز الدكتوراه، كلية الآداب والعلوم
الإنسانية سايس ــ فاس.... وغيرها من المقالات والمشاركات العلمية. وله مقالات
أخرى قيد النشر متخصصة في الأدب والنقد الحديثين.
أولا: مهاد لا بد منه
"الكتابة
تعويض جيد لخسائرنا"([i])
لا مراء اليوم في أن القصة، بشكل عام، تعتبر من الأجناس
الأدبية القوية الحضور في الساحة العالمية، ولها مياسمها ومقوماتها التي تنهض
عليها فنا أدبيا متكامل الأركان، ومنبرا تعبيريا عن التجربة الإنسانية بترامي
أبعادها ومجالاتها، إذ القصة "رسول التجارب الإنسانية"([ii]) إلى
العالم والقراء أينما كانوا ووجدوا. وقد راكم المنجز القصصي عبر العالم مدونة هائلة
وغنية، مترامية ومتنوعة القضايا والانشغالات.. ورغم كل هذا تبقى القصة فنا زئبقيا يتأبّى على الانضباط لقانون محدد، ويرفض التقيد بإطار
ستاتيكي معين، إذ من الصعب حسب جاك لامبير (Jacques Lempert) "أن نعطي تحديدا شاملا للقصة بحيث نفهم كل إمكانات هذا النوع الأدبي
الذي لم يثبت بعد..."([iii])،
وفي الساحة العربية، على سبيل المثال، نجد المديني يقرر أن: "القصة القصيرة كانت
دائما، ولا تزال، خارج أي تأطير متعسف وبعيدة عن أن تُبْتَسَر، كفن، في منظومة
فكرية جاهزة"([iv]).
ومَرَدُّ ذلك إلى أنها "عالم ثري، رحب، شديد الاتساع، لأنه عالم
الإنسان"([v])
من جهة، ومن جهة أخرى فهي "شكل غير مكتمل أو جزئي"([vi]) يوجد
في طور التشكل والنضج باستمرار.
إن القصة القصيرة – رغم كثافة مضمونها وقصر حجمها – قادرة على استيعاب
الأسئلة الكبرى المطروحة في اللحظة الحضارية الآنية([vii]). كما
أنها تمثل الشكل الفني الأنسب والأصلح للتعبير عن روح هذه اللحظة المتسمة بتسارع
إيقاعها الحياتي، وبتوالي أزماتها وتوتراتها، وبتشظّي كيانها وتعقُّده. يقول
موباسان Mauppassant 1893 – 1850)) إن
"في حياتنا لحظة عابرة، قصيرة ومنفصلة، لا يصلح لها أدبيا سوى القصة
القصيرة"([viii]).
ويقول محمد عزام: "إذا كانت الرواية... نتيجة لظروف موضوعية تمثلت في الوقت
الفائض اللازم لقراءتها وكتابتها، فإن الحياة المعاصرة أصبحت أكثر تعقيدا، وتسارعَ
إيقاعُها بشكل مذهل. الأمر الذي دفع إلى البحث عن فن موجز وسريع، له كثافة الشعر وتركيزه.
فكانت القصة ثم القصة القصيرة، والقصة القصيرة جدا، كتقنيات أدبية مستحدثة تأخذ
بعين الاعتبار وقت القارئ والمبدع، وتعبر عن أزمة الفرد في عصر السرعة والاختزال،
من خلال ومضات هي إلى البرقيات المُوحِية أقرب"([ix]).
وإذا كان الدارسون
يجمعون -أو يكادون- على أن الرواية هي الجنس الأدبي الأكثر انتشارا ومقروئية في
الغرب، وأن القصة القصيرة هناك سائرة في تراجع مستمر لصالح الرواية، فإننا قد لا
نبالغ إذا قلنا إن كفة القصة القصيرة في المشهد الثقافي العربي المعاصر راجحة على
الرواية والقصيدة وغيرهما من صنوف الإبداع، وذلك لاعتبارات عدة([x]). يقول
الحبيب الدائم ربي: "صحيح أن القصة القصيرة خبا بريقها في أوربا وأمريكا
لصالح الرواية، إن لم نقل لصالح السيرة الذاتية والبيوغرافيا. إلا أن القصة القصيرة
في العالم العربي ما تزال تقف نِدًّا قويا في وجه الرواية. وربما تحظى عليها ببعض
الامتياز؛ إذ إن حجمها يساعدها، بخلاف الرواية، على الذيوع والانتشار في ظل أزمة
النشر والقراءة"([xi])
اللتين يعرفهما الواقع العربي. ويقول خالد عبد اللطيف رمضان: "رغم أن القصة
القصيرة قد استفادت من تقنيات الشعر ولغته الإيحائية، إلا أنها جارت على القصيدة
الشعرية، وسرقت جمهورها"([xii])... ويُعزى
ذلك – بالأساس – إلى خصوصياتها الذاتية، وإلى كونها أكثر مطابقة لواقعنا المتوتر والمتشظّي
الذي يفتقد إلى وعي جماعي([xiii]). ويعزى كذلك إلى
عزوف الشباب والقراء عن الشعر، إما لاختلاط الساحة بأصوات منها الشعرية فعلا،
ومنها التي تحسب على المجال تكلفا وتصنعا، ويكون الشعر منها بريئا كبراءة الذئب من
دم يوسف. وهذا يتمثل خاصة في الكثير من الوضاعين الجدد، والذين أسهمت الميديا في
تكريسهم في الساحة الأدبية، وأيضا يرجع هذا العزوف عن الشعر لقيام الأخير على
اللمحة والتكثيف والاختزال الذي يتطلب وعيا وذائقة قرائية مكينة، وعدة منهجية
وجمالية متبصرة، تكون متكأ القارئ في استكناه التجربة الشعرية، والاسترفاد من
ممكناتها الدلالية والإنسانية... إلى آخره من العوامل والمبررات. من هنا، وجدت
الكتابة القصصية فضاء رحبا وظروفا تيسر لها الذيوع والانتشار في الساحة العربية.
ويؤكد الباحثون أن القصة القصيرة المغاربية متأخرة النشأة، وأنها عرفت منذ
ظهورها إلى الآن تراكما كميا مهما، وتحولات جوهرية مست الجانبين الجمالي والفكري
معا. بل إن بعضهم يتحدث عن طغيان هذه القصة وتفوقها على سائر أشكال التعبير في
الأدب المغاربي المعاصر. يقول عبد الحميد عقار: "إن أهم ما يثير الانتباه
في الثقافة المغاربية، راهنا، هو هذا التغير في الحساسية الأدبية لدى المبدع والمتلقي
على السواء، حيث أصبحت أشكال التعبير القصصي والروائي ذات حضور أقوى مما كانت
عليه، بعدما ظل الشعر والنقد المرتبط به طَوال عصور، يكاد يحتل وحده هذا
الموقع"([xiv]).
وبالرغم من كل ما
حققته القصة القصيرة المغاربية والعربية عامة من تراكم كَمّي، وتطور كيفي، وانتشار
واسع بين جماهير القراء، فإن بعض النقاد يذهبون إلى أن هذه القصة لا تبرح في
بواكيرها بعدُ، تستعيد المنجز والناجز ولا تجترح لنفسها آفاقا جديدة، أو تقدم
فتوحات بكر وتكشف أراض خصيبة تعد بالكثير من العطاء، إن فنيا، أو دلاليا، أو لغويا...إلخ.
وأنها لم تصل بَعْدُ إلى المستوى المنشود على كافة الصُّعُد. فهذا عبد الرحيم مودن
– مثلا – يتساءل في مقال له: "ما وضع القصة في العالم العربي الآن؟"،
فيجيب بأنها تعيش "في وضع لا تحسد عليه، سواء على مستوى التلقي – قراء ونقادا
– أو على مستوى تحفُّظ دور النشر- بالقياس إلى الرواية أو البحث الأدبي مثلا – أو
على مستوى – وهذا مؤشر خطير – الدرس الأكاديمي"([xv]). وإن كنا فعلا نورد
هذه الرؤى مع بعض التحفظات في إطلاقية الحكم وعموميته.
وارتباطا بالجودة والجِدَّة في الإبداع، وعمق وغنى
الرؤية عند الكاتب، يقول الناقد "ويت بيرنيت": "لا أعتقد أنك
تستطيع كتابة قصة قصيرة جيدة دون أن تكون في داخلك قصة جيدة؟". وبهذا فهو يؤكد على عمق التجربة عند الكاتب، وقدرته
على التفاعل مع الواقع واشتراطات التجربة المعيشية، ثم الصياغة الجيدة لها أدبيا وفنيا،
بالضرورة، حتى تنأى بنفسها عن التوثيق والتأريخ، وتتجذر في الأدب انتماء وهوية، فتستحق
الانضواء تحت لواء فن القصة.
وانطلاقا من الحيثيات أعلاه وغيرها نتساءل: إلى أي
حد استطاعت المجموعة القصصية "أحلام مؤجلة" للكاتب لحسن بنيعيش الاشتغال
على الواقع المغربي بكل أبعاده وقضاياه، وتراهن في ذات الوقت على البناء الفني
والجمالي للقصة؟
ثانيا: بين يدي المجموعة القصصية: (تثوير الكتابة تثوير الواقع)
أصدر القاص والكاتب لحسن بنيعيش مجموعته القصصية
"أحلام مؤجلة" عام 2016م، عن مطبعة (رشا برنت) بمكناس، وقد طويت دفتاها
على 102 صفحة من الحجم المتوسط، وأما معمارها القصصي فقد تضمن أربع عشرة قصة متفاوتة
-إلى حد ما- في عدد الصفحات، استُهِل هذا الفيض الإبداعي بقصة
"العودة".. وأسلم نفسه في الأخير إلى "ومضات وتأملات" محطة
ختامية لهذه الإضمامة القصصية. وإذا كانت الأخيرة تستهل بنص: "العودة"،
فلنا كل المشروعية في التساؤل: كيف كانت الرحلة؟ وما دوافعها واشتراطاتها؟ وما رهاناتها
وقضاياها التي جعلت الكاتب ينهي مسار ومغامرة الكتابة، ههنا، بوقفة "ومضات وتأملات"؟
لقد صنع القاص لحسن بنيعيش لنفسه فسحة أدبية
للتحرر من اليومي القاتل، فسحة تنهض مؤثثاتها على اللغة والمجتمع والتجربة المعيشية
والمتخيل السردي الباذخ.. فنضد عبرها مشاهده وعبوراته في شكل قصصي متكامل في
البناء الفني والعناصر والأركان من قبيل: الأحداث، والشخصيات، وتنويع الأمكنة،
والصراع الدرامي، وتعدد الرؤى، والسجلات اللغوية... إلخ. حيث، قدم الكاتب، عبر هذه
المؤثثات، بورتريهات مختلفة لمجموعة من الشخصيات الإنسانية التي نصادفها في الواقع،
وخاصة في المجتمع المغربي، شخصيات تنتمي لعالم المعطوبين والمهمشين والمنكسرين.. أولئك
الذين جار عليهم الزمان والأقدار والعبثية والأهوائية في التدبير السياسي داخل
البلاد، وذلك نكاية بتعسف العماء السياسي، وجنون السلطة التي تكون قسمتها ضيزى في تحقيق
التوازن المجالي على مستوى البنيات التحتية، والمشاريع التنموية، والعدالة
الاجتماعية...
إن هذه الإضمامة القصصية، وارتهانا بالعنصر السابق،
توغل في مساءلة الواقع والمجتمع والدولة، كل من موقعه، ومجال مسؤولياته واختصاصه...
باعتبارهم شركاء، بوجه ما، في تشكيل صورة البؤس، والتخلف، وغياب العدالة، واستئساد
الاستبداد، والتسلط، والقهر، إن وطنيا (بوذنيب / إملشيل/ صوة الموظف البسيط المُطوَّح
في أقاصي الدنيا وأعالي الجبال والذي لا مندوحة له من تأجيل حلم تكوين الأسرة والْتِئَام
الشمل بالمحبوبة حتى لحظة الخلاص من هذا المنفى القسري -كما وصفه السارد نفسه- وما
حسبنا بحياة تبنى على التأجيل لكل ما هو جميل، وتركن له الذات في اكتمالية
كينونتها، ليبقى معلقا بأهذاب الغيب؟؟؟) أو حتى عالميا عبر رمزية العراق (صدام
حسين / الفلوجة/ بغداد / سجن أبو غريب..)([xvi]) وتُنْكَأُ
هذه الجراح ومعاناة السارد في جل هذه القصص بالكثير من الأمراض الاجتماعية،
والعاهات السياسية، والثقافية، والأخلاقية، التي تتخبط فيها البلد، ويعيش ويتجرع
الشعب المسحوق ويلاتها...
تعتبر الكتابة، كما وصفها الراحل إدريس الخوري (فقيد
القصة والأدب المغربيين)، بأنها "نميمة"، وذلك أنها تطمح، دوما، إلى كشف
وفهم جدلية الأشياء والعلاقات، فهي نميمة مزدوجة، نميمة في الأنا وفي الآخر([xvii])...
كتابة تستمد نسغها وطاقتها التعبيرية مما تمنحه الحياة من مشاهد وأحداث، وما تفرزه
الذات من مواقف واختيارات...
إن الكاتب، بنيعيش، باعتباره منبثا من الهامش، ومتحدرا
منه، ومنقذفا في أتون الحياة المغربية، متنقلا بين مجموعة من المدن، وباعتباره
قارئا نهما، يحب الاطلاع على كل جديد في الثقافة والأدب، وهما أشد صلة وارتباطا
بالحياة والتجربة الإنسانية، واعتمالاتها السياسية، والفكرية، والقيمية.. يتبدى
لنا الكاتب، وهو نتاج هذه الاشتراطات، صوتا ثائرا لا يهادن أبدا، يمتشق قلمه،
ويتأبط إغواء وفتنة القصة، ويركب صهوة الكتابة منبرا، ومحفلا باذخا للبوح والصدح
بالنقد اللاذع للواقع وأزماته، ووسيلة للنضال، والمقاومة للعبث، والارتجالية، واللامسؤولية،
والصمت، والنسان، والتهميش.. وكذلك التخاذل، والخنوع، وروح القبول والاستسلام
لواقع وحياة بئيسة، وكأن واقع الحال يقول: (لا إمكانية لخلق وتشييد أبدع، وأجمل،
ولا أفضل مما هو قائم وماثل في الواقع)، وهي روح لا يمكن أن نربطها بطبيعة النزوع
الفقهي الراسخ في الثقافة المغربية، ولا بخصال الكرم والطيبة في هذا الشعب الراقد
على جراحه الغائرة التي لا تفتأ تُنكَأ بالملح من جديد، هذا الشعب المرابط على
ناصية العالم، إن عبارة من قبيل: "القناعة كنز لا يفنى" لهي مقولة دينية
تراثية مسكوكة، لها وجاهتها في سياقات واشتراطات ابستيمولوجية، واجتماعية، ودينية
معينة ومحددة. ولا يمكن، البتة، أن نقبلها مسوغا لقبول الظلم، والتهميش، والإقصاء،
وإشاعة الخنوع والاستسلامية في كينونة المواطن المغربي اليوم، وهو أحوج ما يكون
إلى شخصية قوية، تستوعب واقعها بكل شروطه وانشغالاته، وموقعها من الخريطة العالمية،
فاعلة لا منفعلة فقط، كما أنها مطالبة، ههنا، بالحوار وقبول الآخر والتفاعل معه..
من هنا، لا بد لها أن تكون شخصية قوية متوازنة، متطلعة للمستقبل، لا أن تكون خانعة
وضعيفة، وليكن لسان حالها قول أمل دنقل "لا تصالح"([xviii])، وأيضا:
"المجد للشيطان.. معبود الرياحْ
من قال "لا.. في وجه من قالوا
"نعم""([xix])...
ثالثا: الآخر وصوره المتقاطعة في الكتابة القصصية عند بنيعيش
تتخذ صورة "الآخر" في المجموعة القصصية
للكاتب لحسن بنيعيش عدة أبعاد وتشكيلات أو أطقم -على حد تعبير إدوارد سعيد-([xx])، لكن،
هنا طبعا، يكون "الآخر" هو "الأنا" في تعددها وتفجرها من
الداخل في ظل واقع موبوء ومأزوم، يتخلق من الانكسار والخيبة المتتالية أكثر مما
يتخلق من الأمل، وإشراقة الواقع واليوم قبل الغد أو المستقبل. ونحن، إذ نشير إلى "الأنا"،
نقصد به أولا: "الأنا" العربي والمغربي واحدا بشكل عام، وثانيا: نقصد عبره
تناسل الذوات، وتعدد صور هذا "الأنا" وتمايزها لدرجة يصير كل "أنا"
هو "آخر" للذات نفسها، فالمغاربة -كما يؤكد عبد الكريم جويطي- تركيبة من
العقد والأزمات والمتناقضات لدرجة تجعلك تتوه ولا تدري كيف تصنف المغربي؟؟([xxi])
وإذا كان النقد يتحدد، في أحد معانيه -حسب عبد
الله الغذامي-، بأنه: "قراءة تشريحية وقراءة كاشفة لما وراء الخطاب.."([xxii]) فإن المجموعة
القصصية، ههنا، تروم، عبر العوالم التخييلية وتفاعل الذوات والقيم والتمثلات
الاجتماعية والقيمية، تشريح هذا الواقع ونقده، وكشف ما هو مخبوء خلف مظاهره المهادنة،
من هنا أيضا، سنعمل على إبراز تمثيل الآخر، وكيف يحضر داخل الفعل الكتابي والمخيال
الإبداعي لدى لحسن بنيعيش.
إن المجموعة القصصية تعمل على تقديم الآخر في تمثيلات
عدة، متقاطعة ومتباينة، تؤثث لهوية المجتمع المغربي، ومنظومة القيم والعقائد
والتمثلات... التي تكون أفعال الآخر ومواقفه مشترطة بها وبتأثيرها. ونرصد بعض هذه
التمثيلات كالآتي:
Ø رجل الأعمال الغني والمتخم، لكنه بخيل شحيح وانتهازي، يراكم الثروة عبر
استغلال عرق وجهود العمال، واستنزافهم، يسنده، في هذا، تغول البطالة في بلد لا
يتقدم إلا للوراء على حد تعبير عسكري المغاربة عند الجويطي، وأيضا، استفحال
واستئساد الفقر في مثل هذه الظروف، حيث العمى السياسي، والثقافي، والأخلاقي... مما
جعل البلاد تتخبط في مختلف العاهات، والأمراض الاجتماعية، وقد عملت المجموعة القصصية
على تشريح ذلك بشكل ينضح بالمرارة والبكاء التراجيدي، يتهاوى فيه الحلم تباعا،
وينهض وحش الواقع المريض مخيفا، يجابه السارد، ولسان حاله: أن قدرك أن يبقى حلمك مؤجلا
دائما. ومثال ذلك عبارة "مدينة تسير بسرعتين"([xxiii]) وما
جاء من وصف وسرود بعدها في قصة "بوذنيب: الحلم المؤجل"([xxiv]).
Ø يحضر "الآخر" في صورة المغربي الفقير، المهمش، والمقصي، الذي يعيش
كتنوين إضافة على هامش النص، هامش الحياة الرسمية في البلاد، والمتمثلة في واقع
المدن الكبرى كالرباط، والدار البيضاء، وفاس.. وغيرها، حيث البذخ والترف والحضارة،
أما الفقراء، فحتى مدنهم تعبر عن حالهم ومعاناتهم كالبلدة بوذنيب مسقط رأس السارد..
وتتكشف معاناة الفقير من خلال شخصية المُعَلِّمِ، والفتى الطالب اللاهث وراء لقمة
العيش، يتبلغ بها لمزاحمة الوجهاء في مناطق الضوء والشهرة، مستقبلا، لما لا؟ لهذا،
نجده يركب صهوة السفر الدائم، والعمل في عدة مجالات متباينة، يتلقف الآتي الذي ما
انفك يأتي دون أن يتحصل.. وههو السارد يقول: "رحلة بين المسافات، تتجدد
باستمرار، ومع كل رحلة ترتسم مليون صورة وصورة، وتتشابك الأسئلة العصية عن الحل،
ثمة مشاعر لا تكاد تفارق الوجدان لا تريد الرحيل تتراقص في مرآة الذاكرة، الأمل
فيهرب مني عبر المتاهات ليرسم المكان جحيما لا يطاق ويحول الزمن إلى ثواني
جمر.."([xxv])
مما يؤكد مرة أخرى أن كل الأحلام -خاصة في المغرب- مؤجلة، منذورة لزمن غيبي، ربما
تتناءى بيننا وبينه الدروب أكثر مما تتقارب، باستقرائنا للواقع العيني، والذي
أمعنت الكتابة القصصية، عند بنعيش، في كشفه وتشريحه، فيكون لسان حالنا مع الحلم هو:
أن نردد مع الكاتب الإيرلندي صامويل بيكيت (Samuel Beckett) عنوان رائعته المسرحية: (في
انتظار غودو)([xxvi]).
Ø يتبدى الآخر في المجموعة القصصية أيضا عبر تمثيل الأب، وإن كانت الذات
الساردة هي امتداد للأب، واستمرارية لنسل الأسرة وإرثها وسمعتها، والابن عزوة الأب
من الدنيا، إلا أن استحضار مقولة "الأجيال" وعلاقتها بالأنثروبولوجيا
والتسنينات الثقافية والاجتماعية، وتحولات التمثلات والقيم داخل المجتمع، بحكم
المؤثرات الكثيرة في الحياة عامة، والحياة المعاصرة خاصة، فإن الأب ههنا سيصير
آخرا مختلفا عن الذات، جاف المشاعر صلبا قاسي التعامل، أنانيا، متسلطا، يجسد
الأبوة البطريركية بالفعل داخل الأسرة، وعلى الجميع الخضوع له، وأن يدينوا له بالولاء
والطاعة، في الأقوال والأفعال، ولا يملكون حق التعبير عن الذات المختلفة، والزوجة
تكون تابعة مطيعة ظلا لزوجها تشايعه في كل صغيرة وكبيرة، وإن تبرمت فإنها لا تُبد
ذلك، لأن العرف الاجتماعي والثقافي، يعيب عليها ذلك ويمنعه عنها. ومن المؤكد أن هذا
صنيع الحياة والواقع والثقافة، دون أن ننس السياسة وتدبير الشأن العام.. نقرأ في
قصة "في عين العاصفة" لا شك أن الفراغ والبطالة السبب في مرض أبي
وإصابته بداء السكري، مرض أبي كان نقطة تحول ما زاد حجم المعاناة والألم.. أنزل من
الغرفة من الطابق الثاني على إثر ما يحدثه تناول وجبة قبل الدواء من انقلاب في
البيت، صحون تتهاوى وتصطدم في طريقها بكؤوس وملاعق محدثة ضجيجا منكرا.. لا يجيبه
أحد لأنهم في حالة فزع وخوف.."([xxvii])
وهكذا تتجسد صورة
الأب عدوا وحاكما مستبدا داخل البيت، لكن لا تدرك حقيقة شخصيته وأفعاله إلا بعد
زمن طويل ونضج عقلي للأبناء ووعيهم لواقعهم وإكراهاته ودور الثقافة والتنشئة
الاجتماعية في السهر بتؤدة على إعادة أنتاج مثل هذه النماذج وتفريخها في المجتمع
المغربي، تكريسا للمحافظة والرأي الواحد. وحتى لما يدرك الأبناء قوة الحب والعاطفة
التي يكنها لهم أبوهم والمغلفة بالقسوة والسلطوية، فإن نفس الآلة الثقافية السابقة
تمنهم من الاعتراف بتلك العاطفة إلى حد ما، وإضمار ذلك في وجدانهم وعوالمهم النفسية.
فتتسيد الجفوة والقطيعة الموقف في الكثير من الأحيان. ولا يعِنُّ ذلك ويجد تجلياته
إلا في الحالات النادرة من مناسبات فرح أو ترح، وسياقات اجتماعية تقتضي أحيانا
التصنع والتكلف في التعبير، وهو تعبير صادق في الجوهر، لكن يشينه التكلف، فيكون إلى
النفاق أقرب منه إلى الصدق وقوة العلاقات الأسرية. دون أن ندعي الإطلاقية في هذا
القول ولا هذا المذهب.
Ø ويتجلى "الآخر" في المجموعة القصصية باعتباره الصديق و"الآخر"
الذي جمعته ظروف الحياة وقسوتها مع البطل، يتقاسمان نفس الأوجاع، ونفس الهموم،
مثقلين بعبئهم أفرادا، وعبء أسرهم معهم، فالفرد من أبناء الجنوب المغربي مُنْشَدٌّ،
دائما وأبدا، إلى أسرته وعائلته، ويحمل همها، ويعتبر نفسه مسؤولا عنها، ولا بد له
من أن ينقذها من الفقر، والحرمان، والتهميش([xxviii])..
ما وسعه الأمر، وهذا ما نستشفه من حياة الأصدقاء الطلبة داخل المجموعة القصصية.
ولهذا، فهم يجابهون الاغتراب والوحدة بالتكتل فيما بينهم، وتشييد لحمة عائلية،
بقدر ما تخلق العزاء للفرد منها بقدر ما توجهه وترشده في عتمات الحياة، حتى لا ينس
واجباته ومسؤولياته اتجاه أسرته، وما هو مغترب من أجله.
Ø تطالعنا أيضا المجموعة القصصية بتمثيل الآخر العربي في العراق ومختلف
البلدان الأخرى، في العصر الحديث، وهو يتجرع الظلم والقهر والاستعمار الجديد،
وتجفيف الموارد الاقتصادية والطاقية.. للعراق تحت مسميات عدة، تلبست بلبوس
الإيديولوجيا والمقولات السياسية والفقاعات الإعلامية العارية من الصحة. وتقويض مرتكزات
الهوية والثقافة المحلية، وإذكاء الصراع بين الإخوة، سعيا لمزيد من تمزيق المجتمع...
وترصد، مقابل هذا
صورة الآخر الأجنبي -الأمريكي تحديدا-، هذا الآخر الطاغية والظالم والمستبد، الآثم،
وهو يروم القضاء على الهوية والكرامة العربية، وكسر الإرادة بالسجن والتعذيب، ومختلف
الجرائم في نساخاتها الجديدة المحتفية بالتكنولوجيا، وما تسهم به من فتوحات جديدة
في التعذيب والإذلال والتحكم. يقول السارد: "أما كان أولى لك فأولى أن يلفك
دفء السرير خير من أن تلفح وجهك نيران البنادق؟ ومراودة جسد يطفح لذة وطراوة
ونعومة، خير من طلقات رصاص وأزيز طائرات؟.."([xxix]).
وليس أمام كل من
رفض الخضوع وتطبيق الإملاءات الأمريكية والأجنبية، إلا التعذيب والسجن حتى تلين
عريكته أو يموت، فــ "الأمريكيون تعذيبهم سادية حمقاء، وسَعَرٌ مجنون: صدمات
كهربائية، ماء بارد، غازات سامة، علب بلاستيكية، كلاب ضارية شرسة، تجويع وإجبار
على اللواط والزنا.. المكان يخفي هولا مرعبا، ما الأمر؟ الكل هنا عرايا والجلاد
الأمريكي يتلذذ بإطفاء أعقاب السجائر على الأجسام، بل لا يتورع في التبول عليها
ورفسها بالأقدام الهمجية.."([xxx]) فتتبدى
الصورة مزرية، والكرامة العربية كسيرة جريحة، والكبرياء منهارا، والواقع متخما
بالجراح، فيصير زمن الحرية والحق والعدالة لديه حلما مؤجلا؟
إن هذا الرصد
الفدائحي للواقع العربي والإسلامي، ومعاناته بسبب الظلم والعنجهية الغربية،
والتسلط والاعتداد بالذات لدى الآخر.. جعل فعل الكتابة لدى بنيعيش، يسائل، من
موقعه، ثنائية الذات والآخر، المركز والمحيط، الشرق والغرب، التابع والقوي المتجبر..
لكنا نتساءل، ههنا، مع غاياتري سبيفاك: ألا يحق للتابع أن يتكلم؟ ويحكي وينسج سرديته
الخاصة به، ويشيد معمار هويته في جو وأرض ملؤها السلام والحرية والعدالة، والإقرار
بالاختلاف ناموسا كونيا لا محيد عنه تقَصُّدًا للسعادة لدى كل الفرقاء الإنسانيين
على هذه البسيطة؟
.... وهكذا تتناسل صور "الآخر" في المجموعة القصصية،
لتكشف للقارئ مختلف مكونات النسيج الاجتماعي المغربي، وتباين المواقف والمشاعر
ووجهات النظر، واختلاف حتى القيم بين أفراده... مع العزف بمرارة على وتر الفقر
والمعاناة والتهميش واعتمالات كل ذلك داخل الذات، وهي تواجه واقعا موحشا، وتستشرف مستقبلا
لا يقل حلكة، بل يزداد فداحة، حيث "كانت نظرة واحدة في المرآة كافية لتخبرك
أن هذا الوجه الكالح المغبر، وتلك القسمات البالية، والتجاعيد الخائفة من أسنان
الزمن تشكل مجتمعة عناصر لوحة زيتية قديمة في إحدى زوايا متحف غريب، اللوحة التي سهرت
عليها ريشات الدهر وألوان الزمن المر.."([xxxi])
والأدهى من هذا، أن السارد رغم البكائية الفاجعة، لا يتطلع إلى استدرار عطف القارئ،
يقول: "عزيزي القارئ لا أدعوك للشفقة أو البكا، حسبك أن ترى اللوحة دونما حاجة
إلى البحث عن منديل لتجفيف الدموع.."([xxxii]) وذلك
لأن رحلة الشقاء ممتدة، والأحزان مترامية في كل الجهات وتفتح مختلف الجبهات، فيصير،
والحالة هاته، طريق السفر نحو التغيير طويلا طويلا جدا، ويبدو بلا نهاية..([xxxiii])
ولعل صور "الآخر" متباينة ومتقاطعة في
هذه الإضمامة القصصية، وهي تشكل "بروفيلا" متكاملا، إلى حد بعيد، عن
المجتمع المغربي، ليست نسيجا واحدا، وعزفا على وتر يخص، فقط، القاص لحسن بنيعيش
وحده، وإنما هي قضايا وارتهانات انشغل بها كل الكتاب عبر العالم، ومنهم المغاربة، وهذا
ما يتأكد منه كل من له زاد قرائي للمدونة السردية الحديثة، ولو كان قليلا. مما
يؤكد التقاطع والتناص أحيانا بين كل هؤلاء الكتاب. فالكاتب، حسب رولان بارث (Roland Barthes)،
يكتب النص الحاضر من خلال عبورات وتقاطعات مع نصوص أخرى ضمن مدونة مقروءات هذا
الكاتب، والتي يسميها بارث بــ "النص المرجع"، ولعل هذا ما يجعلنا
نستحضر، ههنا، أيضا، ما طرحه جيرار جونيت (Gérard Genette) في كتابه "أطراس"([xxxiv]).
وهذا ما يؤكد نزوع التجربة الإنسانية في الإبداع إلى التكامل وتشييد الواقع
المأمول والحلم، لكن متى ينبلج فجر هذا الحلم صباحا مشرقا وربيعا مزهرا تحظى فيه
الذات الكاتبة بكل ما كانت تطمح إليه عبر عبوراتها المخيالية والسردية؟
رابعا: قضية
المرأة في التجربة القصصية عند بنيعيش بين الجمالي واليومي:
أستهل هذه الورقة بمقولة للروائية الجزائرية فضيلة
الفاروق مقطتفة من روايتها: "اكتشاف الشهوة" إذ تقول: "الكتابة
تعويض جيد لخسائرنا"([xxxv])،
ويتصادى معها إسحاق داينزن، المرابط في الأقاصي البعيدة، فيعيد صياغة مضمون هذه
القولة بطريقته إذ يقول: "يمكن تحمل كل الأحزان إذا ما جعلناها في قصة، وإذا
ما رويناها في شكل حكاية"([xxxvi]).
إن استهلالنا بهذا القول ذي النبرة السوداوية، والناضحة
بالأوجاع والحزن، لهو اختيار مقصود وله مسوغاته، ونحن نتحدث ههنا عن موضوع شائك متشعب
المسارب، شغل، وبشكل محموم، الكثير من الكتاب، خاصة في العصر الحديث، إنه موضوع الأدب
النسائي، أو الكتابة النسائية، أو كتابة المرأة، أو النسوية... تتعدد الأسماء
وتبقى القضايا والارتهانات وخيوطها كلها مشدودة إلى المرأة، التي هي قسيمة الرجل في
الشرائع والأحكام، ونصف المجتمع. كما أن هذا التقسيم، أو التصنيف، قد يربك النظرة
للأدب والإبداع، ويغيب الأسس الأدبية، والفنية، والجمالية... في التعامل مع الأدب،
وهي التي تحفظ له هويته المائزة.
وبالنظر إلى أغلب الدراسات الأنثربولوجية والفينومينولوجية
والسيميائية للظواهر الشخصية والاجتماعية، وتضاف إلى ذلك إسهامات الإنتاج الأدبي
العربي خاصة الشعري منه، فإننا نُلْفِيهَا تبلور الحديث عن المرأة في:
-
"أن النموذج
الجسدي الذي بلورته الثقافة العربية للجسد الأنثوي نموذج جمالي.
-
أن هذا النموذج في
الحقيقة نموذج متخيل، يخضع لخطاطات اللاوعي الجماعي وبنياته الرمزية ومن ثم لاستيهامات
الإنسان العربي"([xxxvii]).
وفي مكنتنا الذهاب إلى أن هذا النموذج الجمالي
نموذج متخيل، لأنه يصنع تخييليته تلك من البلاغة الشعرية والخطابية ومن القاموس
الجسدي الذي تمت صياغته ومن الاستراتيجية المظهرية التي بلورها. ومن هذه المنطلقات
نتساءل: كيف تحضر المرأة في الكتابة الإبداعية عند بنيعيش؟ ما هي صورها وأبعادها
الإنسانية والثقافية؟ كيف يتعالق الجمالي والإنساني اليومي في تأثيث حضور المرأة
في المجموعة القصصية "أحلام مؤجلة"؟
إن المرأة في هذه الإضمامة القصصية لتعتبر محفلا
غني الدلالات، تنهض التجربة الكتابية عند بنعيش على تفجيرها، والإفادة منها،
لتتلبس المرأة في المجموعة القصصية بعدة صور وتلوينات، فهي الأم، شمعة تحترق لينعم
الزوج والأبناء بالراحة، والبيت بالاستقرار، وهي نبع الحب، والعاطفة المنقطعة
النظير، وهي الرحم الأول والأصل، هي امتداد للكون وللعالم والأشياء تتلخص فيها وعبرها
الحياة([xxxviii]).
والمرأة رمز للأرض، والوطن، والأصل، والعروبة.. وما يرتبط بقضايا الهوية أيضا، كما
تكشف ذلك رحلة البطل مسافرا إلى الجنوب وحواره مع الفتاة التي تقتعد الكرسي بجواره
في المجموعة القصصية([xxxix]).
تقدم الإضمامة القصصية تمثيلا آخر للمرأة لا تخل
منه أية تجربة إبداعية لكاتب مهما كان وكيفما كان، تقريبا، عبر التاريخ، ألا وهو
تمثيلها في صورة الحبيبة والجسد المشتهى، والكيان الذي تكتحل به عين الكاتب، وتكتمل
به حياته، وهي التي تمده بجوهرانية الوجود، والإحساس بالجمال.. وهنا، يصعب الحديث
عن الجسد في ذاته بنفس الشكل الذي يستحيل فيه في وقتنا الحاضر الحديث عن الجمال
بوصفه فكرة معزولة عن المعطيات الجسدية المباشرة. فالجسد باعتباره وسيلة علاقة الكائن
بالوجود، فهو يشكل كيان الإنسان في محسوسيته وطابعه البصري المادي، وهو التجلي
الملموس والمرئي لما نسميه بالنفس أو الروح.
فالمرأة هي الحبيبة والأنثى المشتهاة، إذ يتخذ
الفعل الكتابي، هنا، الجسد مَعْنَمًا، يبرز صوت الفطرة في السارد، وحتى الكاتب
أحيانا، فتتمثل المرأة معادلا للحياة والكينونة، وفردوسا أبديا للسعادة والبهجة([xl])،
وهي محراب التطهر والقداسة، ولما لا؟ التعبد لنسيان العالم والواقع وخيباته، فلئن
كان الحلم أبدي التأجيل، والحياة تملؤها التناقضات والأوجاع والأعطاب، وإمكانات
الذات في الثورة والتغيير محدودة، فلا أقل منه، من أن تروم الذات تخليق هذا الواقع
من جديد، ولو عبر مملكة الأنثى، وإشراقية الذات في لحظة العناق الروحي والعاطفي مع
الأنثى ملاذا وعزاء([xli])...
إلا أن درامية المشهد تأبى إلا أن تزيدنا احتراقا مع البطل، لما تفشل كل محاولاته
في التعرف على الأنثى، وأن ينعم معها بالحب الأبدي، واكتمال الكينونة البشرية...
ومرة أخرى، يصبح الحلم مؤجلا، والاكتمال معلقا بهذب الغيب لزمن آت....
إنه من نافل القول، استحالة الحديث عن المرأة دون
الحديث عن الحياة ومصاعبها والتجربة الوجودية للكاتب، من هنا، الترابط الوثيق بين الجمال
إحساسا وفكرة وقيمة، وبين المرأة والجسد الأنثوي محفلا قوي التعبير عن هذا الجمال
وسطوته في وجدان وقلب الرجل ونظرته للأشياء، وكذا علاقة كل ذلك بالجانب الديني
المؤطر لحياة وذوق الفرد، ثم علاقة ذلك بالحياة عامة. حيث إن ثمة "علاقة أصلية
وأصيلة في الثقافة العربية بين المرأة والمتخيل نبعت وتبلورت في صلب المقدس
ومظاهره الرمزية"([xlii])،
وقد احتفى بذلك الأدب القديم كما في الشعر العربي، وما نجده عند الجاحظ في كتاب
"الحيوان"، وأبي الفرج الأصفهاني صاحب كتاب "الأغاني"....
وغيرهم.
وباستقرائنا لتاريخ الشعر العربي والأدبيات التي
واظفت المرأة في مائدة الأدب، نجد أن النموذج الجمالي الجسدي السائد إلى حدود العصر
العباسي كان وظل هو "المرأة الضخمة الفخمة التي تقبل بأربع وتدبر بثمان، وبهذا
وصفت إحداهن للرسول ص، وهي البهكنة التي تحدث عنها طرفة بن العبد، العجزاء مدبرة
الهيفاء مقبلة، وهي الصفات التي وصف بها كعب بن زهير المحبوبة في حضرة الرسول (ص)...
كما يغتني هذا التصور المخيالي عن المرأة بفكرة المرأة الجنية الفاتنة التي تفرض
على الرجل الزواج منها، لدرجة أصبح فيها سؤالا فقهيا يطرح على الفقهاء كالشبلي في
"آكام المرجان في أحكام الجان""([xliii]).
ونفس التصور ما زال سائدا تقريبا حتى اليوم،
والمجموعة القصصية قيد الدراسة لا تكذب الخبر، إذ نقرأ -على سبيل المثال- في ص: 27:
"الأيادي النسائية ترفع الأقمصة وتضعها، لكن المسكين ظل مشدودا إلى المرأة
البدينة يفحصها بنظرات سعر وجنون. لم يعد يفكر في أحد من أصدقائه.. رسم أوهامه
وأحلامه الوردية وأطلق العنان لخياله.."([xliv])
من هنا، نسجل التواشج
والتداخل الكبير بين الجمال والفتنة والإغواء والإغراء... وكلها أسلحة سطوة وتأثير
يوظفها الجسد، في سلب ذي اللب، وتأثيث التصور الجمعي للجمال داخل مجتمع ما، ولا
ننس الاستناد، في ذلك أيضا، إلى تسنينات الثقافة والمؤسسة الدينية، ولا أدل على
ذلك أن الغواية من الأشياء المحببة عند المرأة وهي اللعبة الأثيرة عندها لإيقاع
الرجال في حبائلها، كما قال الشاعر جميل بن معمر:
"صادت فؤادي يا بثين
حبالكم *** يوم الحَجُونِ وأخطأتك حبائلي"([xlv])
وهذا التداخل هو الذي تَشيَّد
عبره المتخيل العربي حول المرأة، وله فاعلية كبرى في تشكل صورتين رمزيتين عن
المرأة، صورة المرأة الجنية أو السَّلاة، وصورة المرأة الحورية المتناهية الجمال.
وهنا نستحضر شخصية "المنصوري" زير النساء المخبول بالمرأة والجسد
الأنثوي، وحتى في وقت فراغه وجلوسه إلى أصدقائه، لا يكاد يخل حديثه وعمله من
استحضار المرأة، "كان المنصوري صديقا حميما، اشتهر بكونه زير نساء، يأخذ ريشة
ويشرع في رسم صورة على ظهر كتاب شاطوبريان: صورة امرأة عارية الذراعين والصدر..
فهمت أن سر النجاح عزيمة وإصرار، فالمنصوري لم يهتم لا بالنظرات ولا بالضحكات، لكن
مبعث دهشتي أن يرسم ثلاث لوحات دفعة واحدة. لأنه عاد من حيث بدأ، عاد إلى صورة المرأة..
الفاتنة الساحرة العارية الذراعين والصدر، عاد إليها هذه المرة، وكله أمل في
التغلب على صعوبة الألوان والظل وعيون النساء"([xlvi]).
إن المنصوري هذا، ليقدم
ضحية الجسد الأنثوي وهندسته المنقطعة النظير، وجغرافيته الآسرة، فلم يملك إلا
ملاحقته واقتناصه ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وإن أعيته التجربة الواقعية المتحققة
عيانا، فله عزاء في التجربة الفنية بريشة يشكل بها محراب تعبده الأنثوي بطريقته ونظرته
ومقاساته الخاصة، وهنا، ليس بمكنة المرأة إلا أن تنقاد له وتسلم الصورة نفسها
لراسمها ومشيدها في استسلام تام.
ومن جهة أخرى، نجد تمايزا
وطرحا مختلفا حول صورة المرأة في الأدب الصوفي خاصة عند ابن عربي حيث تتماهى لديه
المحبوبة بالذات الإلهية وتصبح مجازها الضروري، فتتحقق ههنا "المواءمة بين
اللامرئي والمرئي بين الروحي والجسدي بفضل الخيال الفاعل"([xlvii])،
الذي يرتقي بالجسد ليتماهى مع الروح فيَحُل أحدهما في الآخر.
ولعل بنيعيش يعمل على
استلهام كل هذه المقومات في الاشتغال على المرأة محفلا أدبيا وإنسانيا، حيث تتفاعل
مقومات الجسد مؤشرا على الغواية والفتنة بكل ما يصدر عنه، ومقوم التصور الجمعي
للجمال كما تؤسسه الثقافة وتحرسه عبر التنشئة والعادات والتقاليد، وكذا مقوم
التصور الروحي والديني للجمال، الذي يرقى به إلى الطهرانية والقداسة. وهو الذي جعل
بطله يخجل حتى في مخاطبة الفتاة التي أغرم بها وملكت كيانه، ويحضر في وجدانه
وعقيرته كلاما جميلا يكون يوازي فتنتها وجمالها، ويجعله في منتصف الساحة بهيئة
المنتصر، لا الواقع في أحابيلها حتى النخاع، لكن لما يحضر أمامها، يتلعثم لسانه وتضيع
منه كلماته وقد انفرط عقدها، يقول: "كم حاولت أن توهم نفسك بنوع من اللامبالاة
أمامها وكأن شيئا لم يقع، غير أن القلق عرف الطريق إليك لذلك بدأ وجهك يحمر قليلا
قليلا، والصمت يسرق منك لسانك، وكأنك ما كنت تعرف الكلام من قبل.."([xlviii]).
ونسجل ههنا التناص العميق والقوي بين حالة البطل وحالة الشاعر الأموي أبو صخر الهذلي
إذ يقول:
"وإني لآتيها لكــــــــيما
تثيــــــــبني **** أو أؤذنها بالصرم ما وضح الفجر
فما هو إلا أن أراها بخــــــــــلوة **** فأبهت
لا عرف لـــــــــدي ولا نـــــــــــــــكر
وأنسى الذي جئت كيما أقوله
**** كما تتناسى لبَّ شـــــــــــــــــاربها الخــــمر"([xlix])
هكذا يتبدى واضحا أن
الحديث عن جسد أنثوي جمالي يتطلب أن نأخذ بعين الاعتبار "الأقاليم التي
يستعديها والحساسية الجمالية والخطابية التي يولدها، ومن ثمة المعطيات اللاواعية
التي يخفيها ويكشف عنها. إن حديثنا عن جسد أنثوي متخيل يجد هنا مشروعيته في كون
الجسد الواقعي يتوارى خلف الاختيارات المتعددة التي تمكنها المحبة والعشق والبلاغة
التي تنشأ عنهما إضافة إلى المعطيات الرمزية التي تصاحبه منذ ليل الزمن"([l]).
وهكذا، تصير المرأة عالما حافل الدلالات عند الكاتب، وملاذا وجدانيا وجماليا، ومحرابا
للتعبد والسكينة الروحية، وتناسي أوجاع الحياة ومكائد الأيام، وبؤس الواقع المفتقر
للعدالة وأسباب العيش الكريم..
خامسا: على سبيل الختم
من خلال ملاحظاتنا
السابقة، المستخلصة من محاورتنا لمتن المجموعة القصصية "أحلام مؤجلة" للكاتب
لحسن بنيعيش، يمكننا التأكيد على أن:
تجربة الكتابة عند بنيعيش
تجربة تنطلق من الواقعي واليومي، تحاوره وتساجله، لتؤسس لفعل ثوري يروم التغيير
وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية في مغرب مليء بالتناقضات والتفاوت المجالي،
وحتى الإقصاء الممنهج لعدة مدن من حقها في النهوض ببنياتها التحتية، وحقها في التنمية
الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. فيصير فعل الكتابة محفلا للمواجهة، وتوجيه سهام
النقد للسياسات المتبعة في البلاد. بل وحتى الوعي عند المسؤولين أيضا.
تطغى على المجموعة
القصصية البكائية الرومنسية والدرامية، وهذا يجد تبريره في توالي الانكسارات والخيبات
عند المواطن المغربي منذ الاستقلال (المزعوم) في ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم.
مما يجعل كل الأحلام تنكسر على صخرة الواقع المتعنتة، وصلابتها التي لم تنفع المحاولات
المحتشمة للإصلاح في كسرها.
تتعدد صور الآخر في
المجموعة القصصية بشكل يجعل القارئ يفترض من خلال الفعل القرائي وكأن الكاتب يحمل
على عاتقه مهمة التعريف بهوية المواطن المغربي، وأخص منه المواطن المتحدر من مدن الجنوب
الشرقي، حيث البساطة والطيبة والرقة، والكرم، والدماثة.. وغيرها رغم تعدد أوجاعه
ومعاناته.
تحتفي المجموعة القصصية
بقوة وعنفوان لافت بالمرأة، والصعود بها إلى ملكوت الحب والطهرانية والكمال، إذ تتخذ
الكتابة بالجسد تلوينات عدة جلها تتفق في النهاية على أن المرأة جنة الرجل، رغم
علاتها وبعض صورها الجارحة لهذا الأفق، فهي الرحم الأول والمعادل للكون والحياة،
وهي الفردوس الأرضي، عبرها ومعها تتبدد المعاناة وثقل الخيبات، ويتشيد الواقع
الحلم الذي تَنْشَدُّ له الذات آملة في التغيير، محققة عبر سفرها وتعدد مغامراتها
مآلا يصلح فعلا بديلا عن الواقع المعاش، حتى ولو كان هذا المآل حاليا حلما مؤجلا.
تنهض التجربة الكتابية عند
لحسن بنيعيش على توظيف أنيق للغة، تخضع فيه الكلمات لاختيار دقيق، حيث لا توغل في الخلاعة،
بل تتلبس بلبوس الوقار والحشمة أحيانا كثيرة، ولا تبالغ في القسوة وهي تعري الواقع
وتشرح أعطابه، تميل إلى الواقعية أحيانا وإلى الشعرية الحالمة أحيانا أخرى، مما
يعطي لغة بنعيش نكهة شعرية وجمالية تجعلها بمنأى عن ملل القارئ، دون أن تُغَرِّبَ
المعنى والقضايا المرصودة لفعل الكتابة ومهمته الرسالية في الإبداع عموما وفي "الأحلام
المؤجلة" على وجه الخصوص.
([ii]) ينظر كتاب، الأدب
الأنواع الأدبية، مشيل زيرافا وآخرون، ترجمة طاهر حجار، دار طلاس للدراسات
والترجمة والنشر، دمشق، ط1، 1985م.
([iii]) جاك لامبير (Jacques Lempert)، القصة، ضمن كتاب جماعي "الأدب
والأنواع الأدبية" ترجمة طاهر حجار، دار طلاس للدراسات والترجمة وللنشر، دمشق،
ط1، 1985م، ص: 99.
([vi]) ماري لويز برات (Mary Louise Pratt)، القصة القصيرة: الطول والقصر، ترجمة محمود عياد،
مجلة "فصول"، القاهرة، ع4، مج2، 1982، ص 49.
([vii]) نجيب العوفي: ظواهر نصية، عيون المقالات، البيضاء، ط1، 1992، ص 115. وانظر
أيضا مقال عبد الرحيم العلام "القصة القصيرة في المغرب في مواجهة
زمنها"، جريدة العلم الثقافي، س 34، بتاريخ 5/4/2003، ص10.
([x]) طه وادي، القصة القصيرة في عالم متغير، مجلة "علامات"، السعودية،
ج 49، م 13، سبتمبر 2003، ص 431.
([xii]) خالد عبد اللطيف رمضان، القصة القصيرة.. وتواصل الأجيال، مجلة
"البيان"، الكويت، ع.384/385، 2002، ص 4.
([xiii]) عبد الله العروي، الأيديولوجية العربية المعاصرة، ترجمة محمد عيناني، دار
الحقيقة، بيروت، ط1، ص 279.
([xiv]) عبد الحميد عقار، الرواية المغاربية: تحولات اللغة والخطاب، شركة النشر والتوزيع
المدارس، البيضاء، ط1، 2000 م، ص5.
([xv]) عبد الرحيم مودن، القصة العربية القصيرة ورهان الخصوصية، العلم الثقافي،
س33، بتاريخ 02/11/2002، ص6.
([xvii]) إدريس الخوري، ظلال، مجموعة قصصية، دار النشر المغربية، الدار البيضاء،
1977م، أنظر المقدمة بقلم محمد زفزاف.
وكذلك: مجموعته القصصية، البدايات، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1980م،
المقدمة، ص: 3-5.
([xix]) أمل دنقل، قصيدة:
"كلمات سبارتاكوس الأخيرة"، الأعمال الكاملة، ط1، دار الشروق، القاهرة،
2012م، ص: 83
([xx]) ترد هذه الكلمة
كثيرا عند إدوارد سعيد، ويروم بها معنى: منظومة من عدة عناصر مترابطة في نسق محدد،
يعطيها قدرة خلاقة على الفعل والتأثير. أنظر على سبيل المثال: إدوارد سعيد، الثقافة
والإمبريالية، ترجمة كمال أبو ديب، دار الآداب، بيروت، ط1، عام 1997م.
([xxi]) عبد الكريم جويطي،
المغاربة، المركز الثقافي العربي، بيروت- الدار البيضاء، ط1، عام 2016م، فصل "هذيانات
مغربية- باب المغاربة" من ص121 إلى ص:136.
([xxii]) نادر كاظم،
تمثيلات الآخر صورة السود في المتخيل العربي الوسيط، المؤسسة العربية للدراسات
والنشر، بيروت، ط1، عام 2004م، مقدمة عبد الله الغذامي للكتاب، ص: 9.
([xxvi]) صامويل بيكيت (Samuel Beckett)، في انتظار غودو، صدرت عام 1949م، نشرت مترجمة
إلى العربية من منشورات الجمل، 2011م
([xxviii]) لحسن بنيعيش، أحلام مؤجلة، مطبعة رشا برنت، مكناس، ط 1، 2016م، ص: 51 وما بعدها.. نقف
هنا على تقلب البطل في الحرف والمهن، وبحثه المضني عن عمل يوفر مننه قوت يزمه،
وإنقاذ أخيه من رفقاء السوء، وتحمل بعض الأعباء عن الأسرة..
([xxxiv]) يمكننا الوقوف على
تناصات الكاتب مع الكثير من الشعراء والكتاب العالميين والعرب في كثير من المحطات داخل
المتن المدروس، مثال ذلك ما نجده في ص: 61-62 من المجموعة القصصية.
([xxxvi]) حنة إرندت، الوضع البشري، ترجمة هادية العرقي، مؤسسة مؤمنون بلا حدود
للدراسات والأبحاث، مكتبة الفكر الجديد، ص: 197.
([xxxvii]) فريد زاهي، الجسد الأنثوي في الثقافة العربية من
البلاغي إلى المتخيل، ضمن كتاب جماعي، "المرأة والكتابة"، سلسلة الندوات
8، منشورات جامعة المولى إسماعيل، كلية الآداب والعلوم الإنسانية مكناس، 1995م، ص: 11.
([xlii]) فريد زاهي، الجسد الأنثوي في الثقافة العربية من البلاغي إلى المتخيل، ضمن
كتاب جماعي، "المرأة والكتابة"، سلسلة الندوات 8، منشورات جامعة المولى
إسماعيل، كلية الآداب والعلوم الإنسانية مكناس، 1995م، ص: 12.
([l]) فريد زاهي، الجسد الأنثوي في الثقافة العربية من البلاغي إلى المتخيل، ضمن كتاب جماعي، "المرأة والكتابة"، سلسلة الندوات 8، منشورات جامعة المولى إسماعيل، كلية الآداب والعلوم الإنسانية مكناس، 1995م، ص: 21.
المصادر والمراجع المعتمدة في الدراسة:
أولا: المصادر:
1- لحسن بنيعيش، أحلام مؤجلة، مطبعة رشا برنت،
مكناس، ط 1، 2016م.
ثانيا: المراجع:
الكتب النقدية:
1- أحمد المديني، فن القصة القصيرة بالمغرب، دار
العودةّ، بيروت، د.ت.
2- إدوارد سعيد، الثقافة والإمبريالية، ترجمة كمال أبو ديب، دار الآداب،
بيروت، ط1، عام 1997م.
3- حنة إرندت، الوضع البشري، ترجمة هادية العرقي، مؤسسة
مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، مكتبة الفكر الجديد، ط1، 2015م.
4- رشاد رشدي، فن القصة القصيرة، دار العودة، ط2، 1975م.
5- عبد الحميد عقار، الرواية المغاربية: تحولات اللغة
والخطاب، شركة النشر والتوزيع المدارس، البيضاء، ط1، 2000 م.
6- عبد الله العروي، الأيديولوجية العربية
المعاصرة، ترجمة محمد عيناني، دار الحقيقة، بيروت، ط1م.
7- علي شلش، في عالم القصة، دار الشعب، القاهرة،
ط1، 1978م.
8- محمد عزام، اتجاهات القصة المعاصرة في المغرب،
من منشورات اتحاد كتاب العرب، دمشق، ط 1987م.
9- مشيل زيرافا وآخرون، الأدب الأنواع الأدبية، ترجمة طاهر حجار، دار طلاس
للدراسات والترجمة والنشر، دمشق، ط1، 1985م.
10-
نادر كاظم، تمثيلات
الآخر صورة السود في المتخيل العربي الوسيط، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت،
ط1، عام 2004م.
11- نجيب العوفي: ظواهر نصية، عيون المقالات،
البيضاء، ط1، 1992م.
المقالات والمجلات
النقدية:
1- الحبيب الدائم ربي، النقد القصصي بعين المبدع (اجماهري
نموذجا)، مجلة "آفاق"، ع60، 1998م.
2- خالد عبد اللطيف رمضان، القصة القصيرة.. وتواصل
الأجيال، مجلة "البيان"، الكويت، ع.384/385، 2002م.
3- طه وادي، القصة القصيرة في عالم متغير، مجلة
"علامات"، السعودية، ج 49، مجلد 13، سبتمبر 2003م.
4- عبد الرحيم العلام، القصة القصيرة في المغرب في
مواجهة زمنها، مقال، جريدة العلم الثقافي، س 34، بتاريخ 5/4/2003م.
5- عبد الرحيم مودن، القصة العربية القصيرة ورهان
الخصوصية، العلم الثقافي، س33، بتاريخ 02/11/2002م.
6- فريد زاهي، الجسد الأنثوي في الثقافة العربية من
البلاغي إلى المتخيل، ضمن كتاب جماعي، "المرأة والكتابة"، سلسلة الندوات
8، منشورات جامعة المولى إسماعيل، كلية الآداب والعلوم الإنسانية مكناس، 1995م.
7- ماري لويز برات (Mary Louise
Pratt)،
القصة القصيرة: الطول والقصر، ترجمة محمود عياد، مجلة "فصول"، القاهرة،
ع4، مج2، 1982.
الأعمال الإبداعية:
1- أبو صخر الهذلي، ديوان الهذليين، ج2، ص: 956.
2- أمل دنقل، الأعمال الكاملة، ط1، دار الشروق، القاهرة، 2012م.
3- جميل بن معمر، ديوان جميل بن معمر، دار بيروت للطباعة والنشر، 1982م.
4- إدريس الخوري، ظلال، مجموعة قصصية، دار النشر
المغربية، الدار البيضاء، 1977م.
5- صامويل بيكيت (Samuel Beckett)،
في انتظار غودو، صدرت عام 1949م، نشرت مترجمة إلى العربية من منشورات الجمل، 2011م.
6- عبد الكريم جويطي، المغاربة، المركز الثقافي العربي، بيروت- الدار
البيضاء، ط1، عام 2016م.
7- فضيلة الفاروق، اكتشاف الشهوة، رواية، منشورات رياض الريس للكتب والنشر، بيروت،
2006م.
0 Kommentare
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.