مسيرة الكرامة وسياسة النعامة
المصطفى سالمي
وظلت اللازمة تتردد بقوة، ويرد وراء صوت المكبر الآلاف. كانت الصفوف تتقدم ببطء قبل أن تتوقف أمام مبنى الوزارة، ليتعالى النداء: (يا وزير هاك الجديد/ التصعيد والتصعيد ثم التصعيد). والحقيقة أنه لم يكن أحد من المشاركين يعرف أول المسيرة من وسطها من آخرها، كل ما يعرفه الناس أن السيد الوزير أغلق عليه مكتبه وفمه متبعا سياسة:(كم حاجة قضيناها بتركها)، ولعلها سياسة النعامة التي يظنها تنجيه فتهلكه، لكن الأكيد أن الأصوات كانت قوية مزلزلة بما فيه الكفاية، تؤيدها قوة رهيبة مباركة جعلت برودة تلك الصبيحة بالعاصمة الرباط تتحول لدفء في القلوب والحناجر، بينما رسمت السحب المتفرقة في السماء شارة النصر الذي باركه الشعب كله، وخاصة الفئات المستضعفة وأولياء التلاميذ بالمدرسة العمومية الذين ساندوا المدرسين في مطالبهم المشروعة، وحدهم المسؤولون انكشفت سوءاتهم وشعاراتهم الزائفة عن الدولة الاجتماعية والاهتمام بالطفل ومحاربة الهدر المدرسي وغيرها من العناوين الكاذبة التي صدعوا بها رؤوس الناس في إعلامهم الكاذب المخادع. عاد المدرس (الراضي) إلى مدينته الصغيرة المتسقرة بقلب سهول دكالة الوادعة البهية تاركا خلفه جموعا من المدرسين يحمل كل واحد في قلبه غصة وفي عقله حكاية عن وطن تتقاذفه أياد خفية ولسان حاله يقول: اللهم احفظ هذا البلد واجعله آمنا من شرور العابثين، كانت صورة الأيادي لبريئة وهي ترتفع في صفوف الفصل تملأه حنينا وشوقا لقسم فيه دفء ومحبة وضياء وسناء، وبقيت الأسئلة الحارقة عن المآلات والنهايات تشغل باله كالمطارق على رأسه بينما هدير الحافلة واهتزازاتها كأوتار تعزف لحنا غامضا غموض تقاطعات طريق العودة من مسيرة الكرامة
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.