اقتراحات لإخراج مجال التوجيه التربوي من عنق الزجاجة
ليس من باب المبالغة القول بأن مجال التوجيه
التربوي وصل مرحلة "عنق الزجاجة"phase bottleneck، بعد توالي أزمات وخيبات ونكسات أوصلته لهذه
الوضعية، والتي من سماتها وتجلياتها: الضيق والتذمر وسوء الحال والدحر والصراع والارتباك
والعشوائية وأزمة التصنيف والنظرة التقنية للأدوار و"التحنيط الفضائي"
والتعالي والتنظير المفصول عن الواقع/الميدان، قياسا على: عدم الرضا والفشل
والإحساس بالغبن وتراجع الدافعية/الحافزية لدى المستشارين؛ ممارسين ومتدربين...
ولعل أبرز الأسباب التي تزكي وتبقي على تلك
الوضعية المثبطة والدرامية الإبقاء على الثنائية الفارغة مستشار-مفتش في التوجيه
التربوي، خاصة بعد صدور المرسوم رقم 2.23.819 بشأن النظام الأساسي
الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية "المجمد" بفعل "ارتفاع
حرارة" الاحتجاجات ضده. فكيف يمكن إخراج مجال التوجيه التربوي، باعتباره
مجالا حيويا، بل حاسما، ضمن المنظومة التربوية الوطنية، من عنق الزجاجة، ليعانق مكانه
الطبيعي حيث الدينامية/الحركية والاستقلالية والابداعية والتباعد الموضوعي والحيادية
المفرزة للحلول، والاقتراحية (القوة الاقتراحية) والتنقيب والبحث المستمرين عن
المعلومة الموثوقة والتثمين والمرجعية والمصداقية والاستشارة المتجددة
والدافعية/الحافزية والإحساس بالإنصاف إلخ؟
اقتراحات
متعلقة بالممارسين والمتدربين الحاليين:
·
تغيير إطار جميع المستشارين في التوجيه
التربوي –ممارسين ومتدربين- إلى إطار مفتش في التوجيه التربوي، دون قيد أو شرط،
لتحقيق مبادئ العدالة والانصاف وتكافؤ الفرص
(التكوينية والفئوية) بين كل أطر الوزارة الخاضعين لتكوينين اثنين.
·
حذف إطار مستشار في التوجيه التربوي كحل جذري
كفيل بإنهاء الثنائية الفارغة مستشار-مفتش في التوجيه التربوي.
·
عدم فتح سلك التفتيش في التوجيه التربوي
مجددا بشروطه الحالية المجحفة (ضرورة الخضوع لثلاثة تكوينات: من1 إلى 2 سنوات
كأستاذ+ 2 سنوات كمستشار+ 2 سنوات كمفتش= أي من 5 إلى 6 سنوات تكوين أو أكثر(أو أكثر: بالنسبة للأساتذة السلكين الابتدائي
والإعدادي الذين سبق لهم تغيير سلكهم الأصلي إلى أستاذ السلك الثانوي التأهيلي)+ DEUG
أو إجازة، لأن مراكز مماثلة (مركز التفتيش التربوي) لا تتطلب سوى الخضوع لتكوينين
فقط: من 1 إلى 2 سنوات كأستاذ+ 2 سنوات تكوين كمفتش= أي من 3 إلى 4 سنوات تكوين
+باكالوريا أو إجازة. (مع ضرورة الإشارة إلى التوقف عن تكوين مفتشي السلك الأول/الإعدادي دون
مبرر، رغم خصوصيات التدريس بهذا السلك الذي يتطلب الصرامة البيداغوجية والالتزام
الديداكتيكي والتنظيم التربوي).
·
إعادة التنصيص على "هيئة التوجيه
والتخطيط التربوي" ضمن النظام الأساسي المجمد، كهيئة مستقلة ذات هوية
وخصوصية واختصاصات وتدخلات مهنية منفصلة ومغايرة، بدل تشتيتها وتشطيرها وتمزيقها
والزج بطرفيها (التوجيه والتخطيط) ضمن "قبائل تربوية" متفرقة لن تتناغم
ولن تنسجم أبدا مع هويتها المهنية ومجال تخصصها ومسارها التكويني، وذلك لتفادي كل
أشكال الصراعات والتجاذبات المستقبلية "المحتملة بقوة"، والتي لن تخدم
المنظومة التربوية ككل؛
·
أو تصنيف جميع أطر التوجيه التربوي ضمن "هيئة
التفتيش والتأطير والمراقبة والتقييم"، نظرا لأدوارهم لتدخلاتهم
التأطيرية والتواصلية والتقييمية والبحثية والتدبيرية والتواصلية والتنسيقية
والإعلامية العرضانية والممتدة المتنوعة في الزمان والمكان، وعلى طول السنة.
·
مراجعة الأدوار والمهام المسندة ومراعاة
طبيعة ونوعية ومجال تكوين أطر التوجيه التربوي لتشمل ما يلي:
-
تأطير كافة الفاعلين والمتدخلين في مجال
التوجيه التربوي.
-
تنسيق جميع التدخلات المتعلقة بمجال الإعلام
والتوجيه التربوي محليا وإقليميا وجهويا ووطنيا (قوافل إعلامية، أيام دراسية،
منتديات، ورشات، تكوينات ...).
-
تتبع ومواكبة وتقييم كافة الجوانب ذات صلة
بالتكوين والدراسة والتوجيه التربوي والحياة المدرسية في علاقتها بالمحيط السوسيو-اقتصادي، محليا
وإقليما وجهويا ووطنيا، بدل حصر المهام في المشاركة في أنشطة الحياة المدرسية
والأنشطة الموازية، وهي مهام لم يمارسها المستشارون في التوجيه التربوي عندما
كانوا أساتذة فكيف سيقبلون بممارستها في إطارهم الحالي.
-
المشاركة وتنشيط وتأطير المنتديات والأبواب
المفتوحة والملتقيات الإقليمية والجهوية والوطنية الخاصة بالتوجيه التربوي.
-
المساهمة في الأبحاث والدراسات الأكاديمية
والعلمية ذات صلة بالتوجيه وسوق الشغل والمهن والعلوم الإنسانية.
-
المساهمة في إعداد وتكييف الاختبارات
والروائز النفسية حسب البيئة المحلية والجهوية والوطنية في إطار مجموعات بحث.
-
المساهمة في ربط جسور التواصل بين المجتمع
(الأسر وجمعيات المجتمع المدني) والمؤسسات التربوية لربح رهان الانتقال من "المدرسة
الموجهة"L'école orientante إلى "المجتمع أو المحيط الموجه" la société orientante / l’entourage orientant(أو
"البيئة الموجهة") l’environnement orientant.
-
التنسيق مع مؤسسات التكوين المهني والمدارس
العليا والمعاهد والكليات وتزويد المتعلمين والمتعلمات بكافة المستجدات والمعلومات
المحينة بخصوص التكوينات وشروط الولوج والآفاق المهنية.
-
تحيين الملف الإعلامي بمستجدات نظام الدراسة
والتقويم وخصوصيات الشعب والمسالك، وبمعلومات ذات صلة بالدراسة بالخارج والمنح
الوطنية والدولية.
-
إعطاء اقتراحات وملاحظات بخصوص الشعب
والمسالك والتكوينات والتخصصات ومعايير وعتبات الانتقاء بصفة دورية منتظمة بناء
على البحث والاستطلاع الميدانين.
-
المساهمة في وضع التصورات المتعلقة بمنظومة
التوجيه التربوي بناء على واقع الممارسة المهنية وحاجياته.
-
تحليل ونقد السياسات المتبعة في مجال التوجيه
خاصة، ومجال التعليم والتربية عموما، واقتراح البدائل القمينة بالنهوض بالمنظومة
التربوية الوطنية لتساير الواقع الثقافي والاجتماعي والقيمي/الأخلاقي والاقتصادي
والسياسي والتنموي والتشريعي/القانوني والحضاري للمغرب لمواكبة ركب التقدم
والازدهار.
اقتراحات
متعلقة بالمقبلين على ولوج مجال التوجيه التربوي:
·
اعتماد إطار "مختص في التوجيه"
حيث يخضع لتكوين لمدة سنة تكوينية واحدة سواء في مركز التوجيه والتخطيط التربوي
بالرباط (COPE) أو في المراكز الجهوية لمهن
التربية والتكوين (CRMEF)
لفائدة خريجي الجامعات الحاصلين على الإجازة في علم النفس، علم الاجتماع، علوم
التربية، العلوم الاقتصادية، الفلسفة، الاجتماعيات إلخ، بعد حذف مسلك تكوين المستشارين
في التوجيه التربوي بصيغته الحالية وتغيير إطار جميع المستشارين في التوجيه
التربوي (ممارسين ومتدربين) إلى مفتش في التوجيه التربوي، وذلك على غرار إطار
"مختص اجتماعي" و"مختص تربوي" المنصوص عليها في
النظام الأساسي الجديد "المجمد" لضمان وحدة وتكافؤ وانسجام وتراتبية وتتابع
المسارات التكوينية لكل فئة مشكلة لكل هيئة من الهيئات. وتجدر الإشارة أن تسمية
"مختص في التوجيه" تسمية ليست جديدة وقد وردت في مرسوم رقم 2.85.742 صادر في 18من محرم 1406(4 أكتوبر 1985)
بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية، الباب الرابع، المادة 52 و53، تحت مسمى "مساعد
مختص في التوجيه والتخطيط التربوي".
·
فتح سلك التفتيش في التوجيه التربوي لمدة
سنتين تكوينيتين بمركز التوجيه والتخطيط التربوي بالرباط (COPE) لفائدة "المختصين في التوجيه" و"المختصين
الاجتماعيين"، نظرا لتقاطع المهام والأدوار المسندة لتلك الأطر، بعد قضاء 7
سنوات بهذه الصفة، على غرار شروط ولوج سلك تكوين المفتشين التربويين.
·
إمكانية دمج إطار "مختص اجتماعي"
مع إطار "مختص في التوجيه" المحدث، في إطار واحد هو "مختص
في التوجيه والمواكبة" (أي المواكبة الاجتماعية والنفسية والصحية باعتبارها مهمة محورية للمختص
الاجتماعي)، نظرا لتقاطع
أدوار ومهام الإطارين وتشابهها، مع تخويله تعويضات عن مهام التوجيه (التعويضات الممنوحة
للمستشار في التوجيه التربوي وفق النظام الأساسي المجمد)، وضمان استفادة الأطر
المتدربة من مصوغات تكوينية تخص التوجيه والإعلام المدرسي والمهني، ومواكبة الأطر الممارسة
وتأطيرهم من طرف المفتشين في مجال التوجيه التربوي (الاستفادة من التأطير والتكوين
المستمر في مجال التوجيه بشكل منتظم). وبعد قضاء 7 سنوات ك"مختص في
التوجيه والمواكبة"، يمكن الترشح لولج سلك التفتيش في التوجيه التربوي
بمركز التوجيه والتخطيط التربوي بالرباط.
يحل الشتاء مهرولا،
فتحتل سحبه كل
أركان السماء،
وينتظم البرق و
الرعد في لا انتظام،
ليبدأ قصف الأنفاس
البريئة...
تنسحب كل الزهور
المتبقية باستحياء،
تتكون وديان وبرك
هنا وهناك،
وتجرف معها أوراق
الشجر وهي تحتضر
على أديم الأرض
جراء لامبالاة الخريف...
حمزة الشافعي
تنغير-المغرب
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.