الدعم التربوي... حذاري من التمييع
- نورالدين الطويليع
في ظل الشلل الذي تعرفه العملية التعليمية بسبب الإضرابات المتواصلة، أطلقت الوزارة عملية الدعم لإنعاشها، وهذا يقتضي وضع بعض النقط على الحروف
-- عملية الدعم عملية تربوية، تحتاج إلى وعي نظري عميق، وإلمام بمختلف تقنيات التنشيط، وقدرة على استضمار نظريات الذكاءات المتعددة، والبيداغوجيا الفارقية، والتعلم بواسطة النظير.
-- تقتضي عملية الدعم تفييء الفئة المستهدَفة، وتوزيعها على مجموعات، بناء على نتائج تحصيلها، وعلى مكامن الخلل الحاصلة في تعلمها.
-- لا يمكن مباشرة الدعم دون استثمار نتائج المتعلمين، بطريقة علمية، تجعل المُدَعِّمَ متحكما في خريطة تدبيره التعلمي، مدركا لمواطن تدخلاته بحسب كل مجموعة على حدة، ففي مادة اللغة العربية مثلا، وبعد أن ينجز المدرس التقويم التشخيصي والتعلمات الأساس، ومن خلال معاينته اليومية للتلاميذ، وبعد الانتهاء من كل الاستحقاقات التقويمية، يمكنه وضع خطة دعم شاملة للأسدوس بكامله، فيصنف تلاميذه إلى مجموعات: مجموعة القراءة - مجموعة الدرس الدرس اللغوي - مجموعة التعبير والإنشاء، مع الاحتفاظ بمجموعتين أخريين: الأولى خاصة بالمتعلمين المتعثرين في مختلف هذه المكونات، والثانية خاصة بالمتخلفين، وهذه الفئة تتطلب منه استدعاء متدخلين آخرين، بسبب نقصها المركب وعدم قدرتها على مسايرة العملية التعليمية التعلمية، وحتى لا يؤثر تخصيص حيز زمني كبير لها في هدر زمن تعلم المجموعات الأخرى، دون وجود ضمانات نجاح مسعى تأهيل أفرادها ومعالجة تخلفهم التربوي.
تبدو عملية الدعم، في ظل وضعية هذه بعض سماتها، معقدة ودقيقة، تتطلب لياقة تدريسية عالية، وأي مغامرة "دعمية" لا ترتكز على متانتها النظرية والتطبيقية، ستؤدي إلى انهيار البنيان والتوهان والدوران في حلقة مغلقة ومظلمة.
لكل هذا أناشد الجمعيات المشاركة في "عملية الدعم"، وألتمس منها الحرص على التمييز بين الحصول على لقمة العيش من خلال مشاريع أوراشية عامة، وبين الركوب في قارب المجهول، والقفز منه في مستنقع، لن يحل المشكل، بل سيزيده تأزما، كما ألتمس من مسؤولي وزارة التربية الوطنية المسارعة إلى حلحلة المشكل في بُعده البنيوي، وتجاوز مثل هذه الحلول الترقيعية التي تُمَيِّعُ العملية التربوية برمتها، وتقلل من شأنها، وتظهرها بمظهر الدابة الرَّكوب التي بإمكان من هب ودب امتطاءها، ونتيجة كهذه ذات عواقب كارثية على المنظومة التعليمية برمتها، وعلى تمثلات المواطنين للمَدْرَسَة والمدرِّس والواقع التعليمي.
أخيرا أناشد زملائي الأساتذة، ملتمسا منهم التوقف عن مشاركة صور "الدعم المختل" في المجموعات الفيسبوكية العامة، وتبخيس أمر المَدْرسَة المغربية، ونشر الغسيل على حافة الشارع البَصَري العام، فهذه منظومتنا في الأول والأخير، ومهما حصل فنحن جزء منها، ستنفرج هذه الغمة بحول الله، فلنحذر من زرع بذور مُعَمِّرَة من الإحباط واليأس في الأوساط الشعبية، لأننا سنكون المعني الوحيد بجني محصولها في الأمدين المتوسط والبعيد.
0 Kommentare
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.