عندما تكرم المعلم بالطريقة الخطأ…

الإدارة ديسمبر 23, 2024 ديسمبر 23, 2024
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

عندما تكرم المعلم بالطريقة الخطأ…

عندما تكرم المعلم بالطريقة الخطأ…

بقلم الأستاذ محمد لعفو بلخياط

أتذكر أيام طفولتي و أنا طفل صغير، كانت هوايتي المفضلة صيد الأسماك في نهر مللو، و كان أيضا معلمو القرية يقبلون على هذه الهواية، أذكر بعض الأسماء التي حفرت في مخيلتي ذكريات جميلة سي رحو و سي مصطفى و سي السعيدي….عندما أحاط علما أن أحدهم قد نزل للصيد، أجمع أدواتي و صنارتي، و أغادر النهر إكراما له، لم أكن أقوى أن أنافس المعلم في هوايته، و لا أن أتفوق عليه في عدد الأسماك المصطادة، كان في نظري القوي الأمين و هو كذلك…..
لم يكن المعلم آنذا حيطا قصيرا يتجاوزه من هب و دب، و لا لحما طازجا يلتهمه الجوعى، كان أشبه برسول أُرسل لإنقاذ أطفال القرية من براثن الجهل، لذلك حظي باحترام، حتى أن كل التلاميذ كانوا يتمنون على الله الأماني أن يصبحوا معلمين…
و عندما يريد أحدنا أن يمنح المعلم هدية زيت أو زيتون أو بيض… فإنه يحرص أن لا يناولها له مباشرة، بل يضعها في منزله على استحياء و على أمل أن يقبلها… لم تكن في القرية أفران و لا خبز يباع، لذلك رأى أهل القرية أن يتكلفوا بتقديم هذه المادة الحيوية للمعلمين،أتذكر أني كنت متشوقا لأن يحين اليوم الموعود الذي تعجن فيه أمي خبزة المعلم، وهي خبزة قمح ذات شكل دائري تتميز بجودتها، أقدمها للمعلم بالشروط السابقة، فقناعتنا آنذاك أن يد المعلم يجب أن تكون العليا، و كانت كذلك…
فما الذي وقع اليوم بعد أن سن أحدهم سنة الترند بالشيكولا السيئة، و الحكاية أن أحدهم يأمر المعلم أن يغمض عينيه(يتحول التلميذ إلى سيد آمر و المعلم إلى عبد مأمور) ثم تبدأ قطع الشيكولا و البيمو تتساقط عليه مدرارا، حيث تعلو يد التلميذ يد المعلم، و يصبح حاله يشبه حال المتسول المحتاج لإشباع غريزة الأكل، و إن كان المتسول أفضل حالا، لأن ما يتساقط عليه هي قطع النقود، ولا يرضى أبدا پان يكون البيمو بديلا عنها…
و السؤال الذي يبقى عالقا، ما الذي سيفعل المعلم بتلك البيمويات، و أين سيضعها و هي كثيرة، و كيف سيحملها، إنها بكل وضوح مواقف إهانة يقفها المعلم في طريقه إلى البيت….. بعد أن يصل إلى مأواه، هل سيتناولها؟ و هي خطيرة عليه بحكم أن مهنة التعليم تجعله قريب من أمراض الضغط و السكري و… هل يرضى أن يقدمها لأبنائه، و هو الذي يعلم علم اليقين أن بين تلامذته يتيما و فقيرا و محروما، و هم جميعا أولى بالبيمويات من أبنائه….
نافلة القول أن أهل العبث و التفاهة أرادوا أن يستبيحوا المدرسة العمومية وهي آخر موقع تبقى لهم، بعد أن استباحوا كل مكان، وليست شركات الحلويات و الشريكة ببريئة مما يقع، وليس هناك من حارس أمين لهذا الموقع إلا الأستاذ .فرجاء حصنوه فأنتم الأساتذة الشرفاء و فيكم الأمل و ستبقى الأمة بخير مادمتم في تيار الممانعة ممانعين و مقاومين للتفاهة و التافهين…

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    http://www.profpress.net/