عندما تكرم المعلم بالطريقة الخطأ…
بقلم الأستاذ محمد لعفو بلخياط
لم يكن المعلم آنذا حيطا قصيرا يتجاوزه من هب و دب، و لا لحما طازجا يلتهمه الجوعى، كان أشبه برسول أُرسل لإنقاذ أطفال القرية من براثن الجهل، لذلك حظي باحترام، حتى أن كل التلاميذ كانوا يتمنون على الله الأماني أن يصبحوا معلمين…
و عندما يريد أحدنا أن يمنح المعلم هدية زيت أو زيتون أو بيض… فإنه يحرص أن لا يناولها له مباشرة، بل يضعها في منزله على استحياء و على أمل أن يقبلها… لم تكن في القرية أفران و لا خبز يباع، لذلك رأى أهل القرية أن يتكلفوا بتقديم هذه المادة الحيوية للمعلمين،أتذكر أني كنت متشوقا لأن يحين اليوم الموعود الذي تعجن فيه أمي خبزة المعلم، وهي خبزة قمح ذات شكل دائري تتميز بجودتها، أقدمها للمعلم بالشروط السابقة، فقناعتنا آنذاك أن يد المعلم يجب أن تكون العليا، و كانت كذلك…
فما الذي وقع اليوم بعد أن سن أحدهم سنة الترند بالشيكولا السيئة، و الحكاية أن أحدهم يأمر المعلم أن يغمض عينيه(يتحول التلميذ إلى سيد آمر و المعلم إلى عبد مأمور) ثم تبدأ قطع الشيكولا و البيمو تتساقط عليه مدرارا، حيث تعلو يد التلميذ يد المعلم، و يصبح حاله يشبه حال المتسول المحتاج لإشباع غريزة الأكل، و إن كان المتسول أفضل حالا، لأن ما يتساقط عليه هي قطع النقود، ولا يرضى أبدا پان يكون البيمو بديلا عنها…
و السؤال الذي يبقى عالقا، ما الذي سيفعل المعلم بتلك البيمويات، و أين سيضعها و هي كثيرة، و كيف سيحملها، إنها بكل وضوح مواقف إهانة يقفها المعلم في طريقه إلى البيت….. بعد أن يصل إلى مأواه، هل سيتناولها؟ و هي خطيرة عليه بحكم أن مهنة التعليم تجعله قريب من أمراض الضغط و السكري و… هل يرضى أن يقدمها لأبنائه، و هو الذي يعلم علم اليقين أن بين تلامذته يتيما و فقيرا و محروما، و هم جميعا أولى بالبيمويات من أبنائه….
نافلة القول أن أهل العبث و التفاهة أرادوا أن يستبيحوا المدرسة العمومية وهي آخر موقع تبقى لهم، بعد أن استباحوا كل مكان، وليست شركات الحلويات و الشريكة ببريئة مما يقع، وليس هناك من حارس أمين لهذا الموقع إلا الأستاذ .فرجاء حصنوه فأنتم الأساتذة الشرفاء و فيكم الأمل و ستبقى الأمة بخير مادمتم في تيار الممانعة ممانعين و مقاومين للتفاهة و التافهين…
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.