أطروحة جامعية لنيل شهادة الدكتوراه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة تقارب موضوع العنف الرقمي في مواقع التواصل الاجتماعي بمنظار البلاغة والحجاج.

أطروحة جامعية لنيل شهادة الدكتوراه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة تقارب موضوع العنف الرقمي في مواقع التواصل الاجتماعي بمنظار البلاغة والحجاج.


أطروحة جامعية لنيل شهادة الدكتوراه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة تقارب موضوع العنف الرقمي في مواقع التواصل الاجتماعي بمنظار البلاغة والحجاج.


متابعة نورالدين الطويليع

نوقِشَت صبيحة يوم الاثنين 14أبريل2025م، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة، أطروحة دكتوراه في اللغة العربية وآدابها، تقدّم بها الطالب الباحث منير حمدوشي، تحت إشراف الدكتورة نعيمة الواجيدي، بعنوان "بلاغة العنف في مواقع التواصل الاجتماعي، دراسة حجاجية "، وتكوّنت لجنة المناقشة من: 

الدكتورة لطيفة الأزرق رئيسة

الدكتورة نعيمة الواجيدي مشرفة ومقررة

الدكتور عادل عبد اللطيف عضوا ومقررا

الدكتورة وردة البرطيع عضوة ومقررة

وبعد المداولة التي تلت مناقشة مستفيضة للأطروحة، أعلنت رئيسة اللجنة عن قرار منح الباحث درجة الدكتوراه بميزة مشرف جدا، مع التهنئة والتوصية بالطبع.

ونظرا لقيمة الأطروحة وجديتها وأهميتها، نعرض الخطوط العريضة للملخص الذي قدمه الباحث أمام أنظار اللجنة.

تحدث الباحث في مستهل كلامه عن أهمية الموضوع وآنيته وراهنيته، وأشار إلى تناول بحثه علاقة خطاب العنف الرقمي بالحجاج وبالممارسة الخطابية في مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل تنامي هذا التوجه وتحوله إلى ظاهرة، تستدعي النباهةُ البحثيةُ تأطيرَها والكشف البلاغي والحجاجي عن تفاصيلها وأسباب نزولها ومآلاتها، يقول الباحث بهذا الصدد:"أثارنا تنامي هذا العنف الخطابي في الوسائط الرقمية، لاسيما حين تتوفر شروط إنتاجه؛ في سياقات تضارب المصالح، والدفاع عن الذات، وأثناء اختلاف وجهات النظر، وتصاعد التوتر بين أطراف العلاقة التواصلية، وهو خطاب يُتداوَل في البيئة الرقمية في ظل التسيب الذي تشهده منصات التواصل الاجتماعي، وفي سياق تقهقر المبادئ الأخلاقية، وانهيار منظومة القيم الكونية، التي يشهدها العالم الافتراضي".

وقد اختار الباحث للدراسة والتحليل نماذجَ من خطاب العنف الذي تعرضت إليه الشخصيات العادية والعمومية، وتوزع بين مجموعة من الاستراتيجيات مثل الإهانة، والسبّ، والتحقير، والكراهية، والسخرية، والتنمر في الفضاء الرقمي، على أساس التمييز الجائر، سواء كان تمييزا عرقيا أم أيديولوجيا أم إثنيا أم جنسيا، واهتم الباحث في هذا السياق كذلك بالتعليقات والردود الناتجة عن خطاب العنف الموجّه إلى هذه الشخصيات، بوصفها استجابات تتفاعل مع هذا النمط من الخطاب.

انطلق الباحث من رؤية تؤطرها إشكالية عامة تتلخص في فحص علاقة العنف المتداول في وسائل التواصل الاجتماعي بالحجاج، ورصد التغيرات التي تطرأ على خطاب العنف وضبط الخصائص التي يتخذها، بعد النقلة النوعية التي شهدها هذا الخطاب من الفضاء العام الواقعي إلى الفضاء العام الافتراضي، وقد تولّدت عن هذه الإشكالية مجموعة من الأسئلة، حرص الباحث على تقديم إجابات مستفيضة عنها في المتن، ومن أهم هذه الأسئلة:

· كيف يتشكل خطاب العنف رقميا؟

· هل يخدم العنف الخِطابي البناء الحجاجي أو يهدمه؟

· أتتشابه الاستراتيجيات الخطابية التي ينهجها منتجو خطاب العنف أم تختلف في الدوائر المدروسة؟

· متى ينهج المتكلم الاستراتيجية المباشرة في إنتاج خطاب العنف، ومتى يسلك الاستراتيجية غير المباشرة؟

· هل يتحكم المستوى الثقافي والاجتماعي في اختيار الاستراتيجية المناسبة؟

قارب الباحث موضوعه انطلاقا من تحليل المستويات اللسانية والسيميائية والبلاغية، وركز في هذا السياق على المقاربة الحجاجية في الخطاب الرقمي العنيف، وحلّلَ العناصر الثلاثة المكونة للخطاب:

1ـــ اللوغوس، وقد ركز فيه على الحجج المنطقية وغير المنطقية، التي يتوسل بها منتج خطاب العنف والمتفاعلون معه، ليدافع كل منهم عن وجهة نظره الخاصة إزاء فكرة معينة، كما رصد التقنيات اللغوية والبلاغية التي تُوظَّف في خطاب العنف.

2 ــــ الإيتوس، وركز فيه على الصورة التي يبنيها المعنِّف عن ذاته في الخطاب، ووظيفَتها في إنتاج العنف.

3 ـــ الباتوس، ودرس فيه الحجاج العاطفي، سواء في خطاب المعنّف، أم في الاستجابات المتفاعلة معه.

ولم يقتصر الباحث على المقاربة الحجاجية، بل انفتح على مناهج تحليلية أخرى، كالمقاربة التداولية والمقاربة السيميائية، وهو انفتاح فرضته طبيعة الموضوع، واقتضته خصائص الخطاب الرقمي، بوصفه خطابا مركّبا يجمع بين العناصر اللسانية وغير اللسانية، والعناصر الرقمية.

قسّم الباحث بحثه إلى مقدمة وبابين، ركّز في الباب الأول على بلاغة الحجاج في الخطاب بصفة عامة، وفي خطاب العنف الرقمي تحديدا، وهو باب يضم ّفي فصله الأول الجهاز المفاهيمي، أما الفصل الثاني فقد خصّصه للخطاب الإلكتروني، وتعرض فيه إلى مفهومه، وخصائصه، وأنواعه، واستراتيجياته، وأمّا الفصل الثالث فقد خصصه لحجاجية خطاب العنف في مواقع التواصل الاجتماعي.

وخصص الباحثُ البابَ الثاني للتحليل الحجاجي لخطاب العنف الرقمي، وقسمه إلى أربعة فصول، انصرف في الفصل الأول إلى دراسة هذا الخطاب في الحقل الاجتماعي، واهتم في الفصل الثاني بدراسة العنف الرقمي في الحقل الديني، وخصص الفصلين الثالث والرابع للحقلين الرياضي والسياسي، قبل أن ينتهي إلى خاتمة، ضَمَّنَهَا أهم الخلاصات والنتائج التي انتهى إليها، وعقد مقارنة بين هذه النتائج في الدوائر جميعها، من أجل تحديد أوجه التشابه والاختلاف بينها.

وفي سياق متصل أثنت الأستاذة المشرفة الدكتورة نعيمة الواجيدي على الباحث، ونشرت تدوينة في صفحتها الفيسبوكية جاء فيها: بصفتي مشرفة على هذا البحث ،أنوه بالجهد الكبير الذي بذله الباحث منير حمدوشي في تأسيس العلاقة بين العنف والحجاج ،وفي التحليل الدقيق الذكي للاستراتيجيات المتعددة التي نهجها المعنفون في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الترجمة الجيدة لعدد كبير من النصوص، ونقلها من اللغتين الفرنسية والإنجليزية إلى اللغة العربية، في أسلوب عربي يتسم بالدقة والسلاسة،وحسبه أنه ارتاد حقلا بكرا في الدراسات الحجاجية،وأبان عن كفاءة عالية في التحليل والتأويل،وتوصل إلى نتائج مهمة،وهذا ما جعل أعضاء لجنة المناقشة يمنحونه ميزة مشرف جدا،مشفوعة بالتهنئة والتوصية بالطبع.

وبهذه المناسبة ،أشكر الدكتورة لطيفة الأزرق ،رئيسة اللجنة،التي تفاعلت تفاعلا إيجابيا مع هذه الأطروحة وأغنتها بتصويباتها وملاحظاتها القيمة،كما أشكر الدكتورة وردة البرطيع التي تجشمت عناء السفر من مراكش إلى الجديدة،والتي أبانت ملاحظاتها الدقيقة عن قراءتها البحث كله، وعن كرمها المعرفي الذي أغنى الأطروحة وكساها حلة، ستجعلها تظهر في صورتها الأبهى،كما أوجه شكري الجزيل إلى الدكتور عادل عبد اللطيف الذي عاد لتوه من سفره إلى الخارج، ولم تمنعه وعثاء السفر من الالتحاق بنا،هذا أليوم، يحدوه في ذلك رغبته القوية في تقاسم المعرفة، وفي توجيه الباحث بملاحظاته القيمة النابعة من عمق تخصصه في بلاغة الحجاج،والتي لا أشك في أنها سترفع من قيمة هذا العمل. وإني، إذ أجدد شكري لأعضاء لجنة المناقشة ،أنوه بالعمل الرائد الذي أنجزه الباحث منير حمدوشي، وأتوسم فيه ناقدا يشق طريقه بقوة في حقل البحث في البعد الحجاجي لخطاب العنف في الفضاء الرقمي.