نتائج اختبارات TIMSS 2019 : تأملات خاصة
محمد فصيح، مفتش ومؤطر تربوي، 14 دجنبر 2020
ككل مرة، وبعد خروج أي تصنيف تنهال الأحكام السلبية على ترتيب المغرب، وما يثير التساؤلات
أن هذه الأحكام تخرج من أفواه من يعلمون خبايا منظومتنا
التربوية، فعوض أن يساهم بمقترحات
خاصة لتجاوز هذه الرتب المتدنية -والتي يعتقدها
كذلكـ- يحكم على جميع فاعلي المنظومة بالفشل
والشلل إلى
غيرها من ألفاظ العجز والمرض والموت -وأنبه صاحب هذه الأحكام أن هذا الطريق سهل
للغاية بينما
طريق اقتراح نموذج خاص مليء بأشواك النقد لذا من السهل عليكم سلوك طريق الحكم
الجاهز-
1- قرار المشاركة : اعتبر قرار مشاركة المغرب في هذه الاختبارات
قرارا شجاعا، وأفتكر هنا
الألعاب
الأولمبية حين يشارك متسابق في دولة غير معروفة، فمجرد إنهاء السباق ينال التصفيق
والتشجيع،
فهدف المتسابق هو مجرد المشاركة والتحدي وإبراز الذات وليس مقارعة الكبار وحتى
المتوسطين، فمجرد دخول غمار هذه الاختبارات سيضع الفاعلين أمام تصور عام لتدريس
الرياضيات والعلوم من جهة ووضع المتعلمين والمدرسين في جو هذه الاختبارات
للاحتكاك، وكان من السهل اتخاذ قرار عدم المشاركة لكي تسلم الوزارة من هذه
الانتقادات وهذا ما فعلت أكثر
من 140 دولة،
حيث شارك فقط 64 دولة ومعظمها ذات أنظمة متطورة في تدريس الرياضيات والعلوم، وقرار
عدم المشاركة قرار ينم على ضعف الأنظمة المركزية وخوفها من المتابعة الشفهية والتي
ستكون حاضرة حتى ولو تم احتلال المراتب الأولى.
2- النتائج : لا تعكس النتائج المستوى الحقيقي لتدريس
الرياضيات والعلوم، فالفوارق بين المتعلمين كبيرة جدا، فالمغرب دائما حاضر في
أولمبياد الرياضيات الإفريقية والعالمية وينال دائما مراتب مشرفة، وتؤثر في هذه
النتائج :
·
نظام اختيار المتعلمين : نظام اختيار عشوائي
للمدراس من ناحية والمتعلمين من ناحية أخرى، ولو كان قرار اختيار العينة عند أصحاب
القرار لتم اختيار المتفوقين فقط دون المتعثرين.
والمهتم بالشأن التربوي يعلم جيدا أن داخل قسم
معين يمكن أن نجد تلميذا واحدا متفوقا، بينما قسم آخر قد نجد فية عشرة، بينما قسم
آخر جلهم متفوقين، وهذه نتائج الاختبارات خلال المشاركات الثلاث :
3- نظام تدريس الرياضيات والعلوم : مازال تدريس الرياضيات والعلوم يحتاج لمزيد
من الدراسة والتحليل من الفاعلين الميدانيين والتنفيذيين -الأساتذة والمديرون
والمفتشون- بعيدا عن الفاعلين الأكاديميين -وهذه نظرتي الشخصية- حيث أن الأكاديمي
لا يعلم بخبايا أمور الميدان حيث يمكنه أن يستعين بهؤلاء الفاعلين الميدانيين
لتعزيز بحثه، هذا الإقصاء -إقصاء الفاعلين الميدانيين في البحث والإنتاج- ستكون له
توابع التشخيص المريض لتدريس هذه المواد.
جاءت وثيقة مستجدات المنهاج -يوليوز 2020- بمجموعة من الأمور التي يمكن أن تكون سببا في تطوير تدريس الرياضيات والعلوم ومن بينها :
·
النهج الرياضياتي ونهج التقصي والمشروع
والمناولة.
·
حصص الرياضيات والنشاط العلمي مدتها ساعة.
·
التكامل الداخلي والخارجي للمكونات والمواد.
لكن حقيقة في تنزيل هذه المستجدات الكتب
المدرسية لا تساير هذه المستجدات وذلك في :
·
إغراق المتعلم بتمارين كتابية -مثال المستوى
الأول كيف له أن يكتب جملا وهو لا يستطيع أن يكتب حرفا-
·
حضور التقييم بقوة وإيلاء أهمية بالغة له
-مسار- تجعل الدروس والأهداف مقيدة به.
·
إهمال الامتداد الزمني والمكاني للدروس،
فالدروس سواء الرياضيات والنشاط العلمي مرتبطة بزمن معين (الحصص) ومكان
معين(القسم)، في الحقيقة نحتاج إلى أنشطة تبقى مستمرة في الزمن والمكان -تدريب
تماشيا مع مبدأ الا ستمرارية-
·
استعمالات الزمن تعيدنا لحصص رياضيات ونشاط علمي
سابقة -30 دقيقة و 45 دقيقة-
أدعو الفاعلين التربويين -خصوصا أصحاب القرار
المتدخلين في إنتاج الكتب- إلى ضرورة التفكير في تزويد المدرس بالمناولات الحسية
والممارسات الحسية -خصوصا مع المستويات الدنيا- والألعاب التي يكتشف بها المتعلم
المفاهيم أكثر من عرض مشكل معين، وكذلك تزويد المدرسين بطرق البحث والتقصي خصوصا
مع المستويات الدنيا أما التمارين فنقرات على لوحة التحكم وينهال على المدرس
تمارين من كل مكان، وهذه أمثلة من الأفكار التي سأحاول مشاركتها لعلي أفيد في هذا
الميدان :
·
مجال الهندسة يستحسن أن نخطط له وفق مشاريع
هندسية لها امتداد سنوي، أما أن نخصص حصة من 60 دقيقة للعمل على الإنشاء والمساحة
والحجم فقط ونضمن اكتساب المتعلم هذه المفاهيم، أعتقد أن الأمر لا يستقيم.
·
إزالة الكتاب المدرسي للنشاط العلمي -بهذه
الطريقة الحالية- وإنتاج كراسة للتقصي والمشاريع مع التفكير في وسيلة لإبقاء المفاهيم
العلمية تداول خلال السنة كاملة.
·
الأنشطة التدريبية عوض الأنشطة الكتابية،
لضمان هذه الاستمرارية لابد من تزويد المدرسين بتقنيات لإبقاء ممارسة المفاهيم،
فالمتعلم عندما يطول هجرمفهوم معين سينساه –لم يتحول هذا المفهوم بعد للذاكرة
طويلة المدى ولا ننسى أن هناك البعض يحتاج لمدة زمنية كبيرة لإحداث التحول-
·
الأستاذ يحتاج لممارسات تطبيقية وأمثلة
لألعاب ومناولات وأنشطة تدريبية وليس –في نظري- لأبحاث نظرية أو أبحاث تخبره عن
تمثلاته.
·
الأبحاث التربوية تغلب عليها الجانب المنهجي
الأكاديمي والذي في نظري الشخصي سيرميها المدرس عند مطالبة قراءتها، الأبحاث
يستحسن أن تكون اقتراحات لممارسات جديدة أو تبيئة الممارسات الجيدة وتكييفها حسب
الوسط، فالممارسة يمكن أن تعطي نتائج في سنغافورة ولكنها لن تجدي نفعا في المغرب -أو
في بعض مناطقه- فلا بد من محاولة لملاءمتها مع أرض الواقع.
فكم من ممارسات جيدة ورائعة نصادفها من حين لآخر على مواقع التواصل الاجتماعي لكن لا نولي لها اهتمام بل نصدر أحكاما سلبية عليه -ليس من حق المدرس تصوير المتعلمين مثلا- ترك اللب والجوهر وأخذ بالقشور، ونقوم بتشريف صاحب بحث دكتوراة حول تمثلات المدرسين حول موضوع معين.
0 Comments
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.