المذكرة 21×080 المتعلقة بتأطير إجراء المراقبة المستمرة للموسم الدراسي 2021-2022م قانونيتها وأهدافها وصعوبات تنزيلها
مفتاح صيلاني
أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي
24 نونبر 2021م
أصدرت "وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم
العالي والبحث العلمي" في الرمق الأخير من عمرها تحت هذا الاسم، أي قبل أن تحمل الاسم الجديد الذي عُوض فيه "التكوين المهني" بـ"التعليم الأولي" و"التعليم العالي.." بـ"الرياضة" – مذكرة تحت رقم (21×080) في (15 شتنبر 2021) متعلقة بـ "تأطير إجراء المراقبة المستمرة للموسم الدراسي 2021-2022"؛ حيث جاءت بمستجدات في هذا الموضوع، وأيضا في موضوع الامتحانات الإشهادية في الأسلاك التعليمية الثلاثة.
وقد تلقى معظم الفاعلين والمتدخلين في الشأن التربوي مضامينها بنوع الامتعاض، خصوصا ما تعلق بمستجد "فروض المراقبة الموحدة" في نهاية كل دورة، الذي انضاف إلى الفروض المعتاد برمجتها في كل مادة، حيث سيصعب أجرأته بالشكل الذي نصت عليه المذكرة (مع غموض في بعض الأمور). إذ كيف يعقل تنزيل هذا المستجد في مؤسسات يجد أطرها صعوبة في إنجاز ما هو معتاد عليه من فروض، بالنظر لضيق الوقت وشح الموارد والأطر؟ حيث تجد جزءا كبيرا من المدرسين يبذلون من مالهم الخاص لإنجاز الفروض في المستوى والشروط اللازمة؛ ولا داعي للخوض أكثر في هذه النقطة، حتى لا يجرنا الحديث إلى خارج الموضوع.
والواقع، أنه ليس صعوبة تنزيل هذا المستجد هو ما يقلق فقط، وإنما أيضا الهدف منه، هدف غير ذلك الظاهر المتمثل في تكافؤ الفرص والمساواة بين متعلمي نفس المستوى في نفس المؤسسة.
الهدف الحقيقي، بحسب رأيي، أبعد من ذلك ويتجاوزه بكثير؛ وإلا، إذا أرادت الوزارة فعلا الحرص على تكافؤ الفرص ورأت أن الفرض الموحد سيوفر ذلك، فلماذا لا تحرص على تكافؤ الفرص بين جميع تلاميذ الإقليم على الأقل، وتعمل على وضع امتحان في نهاية كل دورة في جميع المستويات (كما كان الحال قبل الميثاق الوطني في سلك التأهيلي)؟ لماذا تريد تنزيل مبدأ تكافؤ الفرص على مستوى المؤسسات فقط من خلال الفرض الموحد في نهاية كل دورة؟
الجواب بسيط: لأنها إذا وضعت امتحانا إقليميا مثلا، حينها سيتعين على المصالح المركزية تحمل أعباء ونفقات أجرأته: من أوراق للتحرير، وأخرى للتسويد، ونسخ، وتوزيع ونقل،.... زيادة على التعويضات المتنوعة عن الأعباء الناتجة عن هذا الإجراء. ومنه، فالحل بالنسبة للوزارة أن تجعل كل هذه الأعباء على عاتق المؤسسة وأطرها تحت مسمى "المراقبة المستمرة الموحدة".
أمر آخر يبعث على القلق، وهو ما تعلق بقانونية هذه المذكرة ومدى قوتها كنص يأتي بين نصوص أخرى أعلى منه في إطار تراتبية القواعد القانونية التي نص عليها الدستور في الفصل 6؛ حيث لاحظنا أن هذه المذكرة قد مست نظام التقويم ككل، حيث جاءت بتعديلات على مستوى المراقبة المستمرة والامتحانات الإشهادية، خصوصا فيما تعلق باحتساب النسب بين المراقبة والامتحان؛ أضف إلى ذلك المواد التي تجري فيها المراقبة المستمرة الموحدة – في حين لا يمكن إجراء مثل هذه التعديلات إلا بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية، وليس بمذكرة تقع أسفل القرار في السلم التراتبي للنصوص القانونية.
لقد نص قرار وزير التربية الوطنية رقم (2071.01) في 23 نونبر 2001م في المادتين 31 و32، على أن تنظيم المراقبة المستمرة وطريقة احتساب المعدلات وأيضا كيفية تنظيم الامتحانات الإشهادية بجميع الأسلاك، يكون بقرار من السلطة الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية. وهذا ما نجده في القرارات: (2383.06) و(2384.06) و(2385.06) الصادرة جميعها في ( 16 أكتوبر 2006) في شأن تنظيم الامتحانات الإشهادية بالأسلاك الثلاثة على التوالي (الابتدائي، الإعدادي، التأهيلي)؛ والتي هي بدورها ناسخة لقرارات سابقة كانت صدرت في 2001 وهي (2068.01) و(2069.01) و(2070.01) بخصوص نفس الموضوع.
ومنه، لنسخ نص قانوني معين أو التعديل عليه، لا بد أن يكون ذلك عن طريق نص في مثل مرتبته على الأقل وليس أدنى منه. وبما أن المذكرة الوزارية تقع أدنى من القرار الوزاري، (الذي هو بمثابة مرسوم يصادق عليه وينشر بالجريدة الرسمية)، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخالفه؛ وهذا ما يجعل المذكرة 21×080 (15 شتنبر 2021م) موضوع هذا النقاش، وأيضا المذكرة 21×081 (16 شتنبر 2021م) المفصلة لها – كلاهما في محل مساءلة قانونية.
هناك ملاحظات أخرى على بنود وعناوين في هذه المذكرة، لا يتسع المجال للخوض فيها. بل إن المتأمل للعديد من النصوص التنظيمية في قطاع التربية الوطنية لا بد يجد ما يؤسفه في بعضها أو في جزء مهم منها، ملاحظات من جانب قانوني، وأخرى من جانب علمي وتربوي، وأخرى من ناحية أخلاقية... ملاحظات تجعل أحدنا متسائلا عن حجم الخلل الموجود في هذه المنظومة إلى أي مدى يمتد؟
المزيد من مواضيع التعليم و الامتحانات و الدروس و الفروض حصرا على موقع الاساتذة زورونا على www.profpress.net
لَا تقرأ و ترحل، شاركنا برأيك. فتعليقاتكم و لو بكلمة “شكرا”
هِيَ بمثابة تشجيع لنا للاستمرار
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.